صفحة الكاتب : وائل الحسن

الشباب والتنمية البشرية
وائل الحسن

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 اعتمدت الدول المتقدمة في نهضتها العلمية والعملية على ما تمتلكه من ثروة بشرية، فوجهت جل استثماراتها نحو تنمية هذه الثروة البشرية وتمكينها، من أدوات ووسائل العلم النظري، والتطبيق العملي المتقدم..! وهدفت من وراء ذلك إلى رفع الكفاءة الإنتاجية، وتميز هذه الثروة البشرية، وقد حققت هدفها، والواقع خير دليل على ذلك.
وإن كان تقدم الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا - وهم الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية – طبيعياً، فإن من غير الطبيعي أن نجد من بين الدول المتقدمة (ألمانيا، واليابان) وهما الدولتان الخاسرتان في الحرب! وهما خير نموذج للاهتمام بالاستثمار في تنمية الموارد البشرية، وخاصةً اليابان، التي لديها ندرة شديدة في الموارد الطبيعية، وبالرغم من ذلك؛ فقد استطاعت بما تمتلكه من ثروة بشرية أن تبني اقتصاداً قوياً، تقف من خلاله بين مصاف الدول الثمانية الكبار – المشار إليها آنفا.ً
وبالنظر إلى مفهوم التنمية البشرية نجده أكثر شمولاً عن مفهوم التنمية البشرية الذي سيطر على فكر الدول بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وحتى بداية التسعينيات من القرن الماضي (القرن العشرين)، والمفهوم القديم للتنمية البشرية كان مقتصراً على كمية ما يحصل عليه الفرد من سلع وخدمات مادية (فسيولوجية)، أي: كلما استطاع الفرد أن يحصل على المزيد من تلك السلع والخدمات؛ كلما ارتفع مستوى معيشته؛ ومن ثَمَّ زادت رفاهيته، وهنا تتحقق التنمية البشرية.
إلا أنه مع توسيع مفهوم التنمية ليشمل العديد من النواحي النفسية (السيكولوجية) مثل: الغايات والأهداف الخاصة بالفرد، والتي يحقق معها ذاته وطموحاته... إلخ، إضافةً إلى الأهداف الاقتصادية، مما أدى إلى تغيير مفهوم التنمية البشرية من مجرد إشباع النواحي الفسيولوجية للفرد - كدليل على وصوله إلى مستوى معيشي كريم - إلى مفهوم التنمية البشرية الأوسع، والذي يرتبط بجودة حياة الفرد، بإشباع حاجاته الفسيولوجية والسيكولوجية معاً؛ وليس حياته الفسيولوجية فقط.وقد أخذت الأمم المتحدة على عاتقها إبراز مفهوم التنمية البشرية، وذلك منذ العام 1990م؛ حين نادت بـ (برنامج الأمم المتحدة للإنماء)، وخصَّصت له تقريراً سنوياً.
ويرجع الاهتمام العالمي بتنمية الموارد البشرية إلى أن البشر هم الثروة الحقيقية لأيَّة دولة، ولأي أمة، وكلما تمكنت الأمة من الحفاظ على ثروتها البشرية، وعملت على تنمية قدراتها عن طريق التأهيل والتدريب المستمر، لإكسابها القدرة على التعامل مع الجديد الذي يظهر على الساحة الدولية بين الحين والآخر؛ كلما تقدمت هذه الأمة اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً بين الأمم الأخرى.
ويمكن تحديد أثر التدريب في تنمية الموارد في المحاور التالية :
1- العمل على توافر وامتلاك المهارات المكتسبة، عن طريق التدريب، وتنمية هذه المهارات واستغلالها
2- التخصصات الدقيقة والمعقدة تتطلب دائما عمالة فنية ذات مهارات عالية، وهذه العمالة تحتاج أيضاً – وبشكل مستمر – برامج تدريبية متخصصة؛ والتدريب المتخصص يساعد على تنمية هذه العمالة بما يتطلبه سوق العمل.
3- التطوير الشامل المدعوم بالتدريب العام والمتخصص يمكِّن الجمعيات الخيرية والأفراد، من مواكبة التغيُّرات السريعة التي يشهدها عالم اليوم.
4- تطوير الموارد البشرية يساهم في تنمية القدرات التنافسية للجمعيات الخيرية : تبين للإدارة المعاصرة أن المصدر الحقيقي لتكوين القدرات التنافسية واستمرارها هو "المورد البشري" الفعال، وأن ما يتاح لديها من موارد مادية ومالية وتقنية ومعلوماتية، وما قد تتميز به تلك الموارد من خصائص و"إن كانت شرطاً ضرورياً لإمكان الوصول إلى تلك القدرة التنافسية، إلا أنها ليست شرطاً كافياً لتكوين تلك القدرة لذلك لا بد من توفر العمل البشري "المتمثل في عمليات التصميم والإبداع الفكري، التخطيط والبرمجة، التنسيق والتنظيم، الإعداد والتهيئة، التطوير والتحديث، التنفيذ والإنجاز، وغيرها من العمليات التي هي من إنتاج العمل الإنساني و بدونها لا يتحقق أي نجاح مهما كانت الموارد المتاحة للمنظمة، لكن توافر هذا العنصر البشري أو تواجده ليس كافياً لضمان تحقيق الأهداف المتوخاة للمنظمة أو تحقيقها لقدرة تنافسية، بل وجب تنمية قدراته الفكرية وإطلاق الفرصة أمامه للإبداع والتطوير وتمكينه من مباشرة مسؤولياته حتى تثيره التحديات والمشكلات وتدفعه إلى الابتكار والتطوير، إذاً، ما تتمتع به تلك الموارد البشرية من مميزات وقدرات هي التي تصنع النجاح المستمر، ووضع تلك المبتكرات والاختراعات في حيز التنفيذ.
وقد تبين منهجية إدارة الموارد البشرية الإستراتيجية أن تفعيل التدريب وجرعات تنمية الموارد البشرية لا تتحقق بمجرد توجيهها وتركيزها على الأفراد القائمين بالعمل، وإنما لا بد من أن تتناول جهود التنمية المنظمة ذاتها وذلك من خلال تحويلها إلى منظمة تتعلم حتى تهيئ الفرص للعاملين فيها بالتعلم وتتميز معارفهم في تطوير الأداء

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


وائل الحسن
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/04/09



كتابة تعليق لموضوع : الشباب والتنمية البشرية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net