انقلاب المفاهيم المحور الثالث:المعالجات

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بعد ما عرفنا دور المفاهيم في صناعة المنظومة الفکرية و المعرفية للانسان، و انّ أعمال الانسان و مواقفه کلها تعتمد علي هذه المنظومة، و وقفنا علي بعض المصاديق و المناذج التي اصيبت بانقلاب المفاهيم في منظومتها المعرفية، يصل الأمرالي معرفة المعالجات لهذا الداء العضال، کما ورد في نهج البلاغه، و هي کالتالي: 
1ـ الدين الالهي المتمثل بالاسلام: 
قال(عليه السلام): « الحمدلله الذي شرع الاسلام فسهّل شرائعه لمن ورده، و أعزّ أرکانه علي من غالبه، فجعله أمناً لمن علقه، و سلماً لمن دخله، و برهاناً لمن تکلّم به، و شاهدا لمن خاصم به ، و نوراً لمن استضاء به، و فهماً لمن عقل، و لباً لمن تدبر، و آية لمن توسّم، و تبصرة لمن عزم... فهو أبلج المنهاج، واضح الولائج، مشرف المنار، مشرق الجواد، مضيء المصابيح، کريم المضمار، رفيع الغاية...» {الخطبة: 105}
 فالاسلام الصحيح المعتمد علي الفطرة و العقل السليم المأخوذ من ينبوعه الصافي، خير علاج أمام انقلاب المفاهيم.
 2ـ القرآن: 
قال(عليه السلام): « انّ القرآن ظاهره أنيق و باطنه عميق، لاتفني عجائبه و لا تنقضي عزائبه، و لا تکشف الشبهات الاّ به» {الخطبة: 18}
 و قال(عليه السلام): « کتاب الله تبصرون به، و تنطقون به، و تسمعون به... » {الخطبة: 133} 
و قال(عليه السلام): « أيها الناس انّه من استنصح الله وفّق، و من اتخذ قوله دليلاً هدي للتي هي أقوم» {الخطبة: 147} 
و قال(عليه السلام): « انّ الله سبحانه أنزل کتاباً هادياً بيّن فيه الخير و الشر، فخذوا نهج الخير تهتدوا، و اصدفوا عن سمت الشر تقصدوا» {الخطبة: 167}
 و قال(عليه السلام): « و اعلموا انّ هذا القرآن هو الناصح الذي لايغش، و الهادي الذي لايضل، و المحدّث الذي لايکذب، و ما جالس هذا القرآن أحد الاّ قام عنه بزيادة أو نقصان: زيادة في هدي أو نقصان من عمي... فاستشفوه من أدوائکم و استعينوا به علي لأوائکم، فانّ فيه شفاء من اکبر الداء و هو الکفر و النفاق و الغي و الضلال...» {الخطبة: 176} 
و قال(عليه السلام): « جعله الله رياً لعطش العلماء، و ربيعاً لقلوب الفقهاء، و محاجّ لطرق الصلحاء، و دواء ليس بعده داء، و نوراً ليس معه ظلمة، و حبلاً وثيقاً عروته... و هدي لمن ائتم به، و عذراً لمن انتحله، و برهاناً لمن تکلمّ به، و شاهداً لمن خاصم به، و فلجاً لمن حاج به.... علماً لمن وعي، و حديثاً لمن روي، و حکماً لمن قضي» {الخطبة: 199}
 و دليلية القرآن و ميزانيته تکون لمن وعاه و أخذه من معادنه و هم العترة الطاهرة عدله و قرينه.
3ـ الأنبياء و الرسل:
 قال(عليه السلام) في سبب ارسال الرسل و بعثة الانبياء: «و اصطفي سبحانه من ولده {اي آدم(عليه السلام)} أنبياء أخذ علي الوحي ميثاقهم، و علي تبليغ الرسالة أمانتهم، لما بدّل اکثر خلقه عهد الله اليهم، فجهلوا حقّه، و اتخذوا الانداد معه، و اجتالتهم الشياطين عن معرفته، و اقتطعتهم عن عبادته، فبعث فيهم رسله و واتر اليهم أنبياءه ليستأدوهم ميثاق فطرته و يذکّروهم منسيّ نعمته، و يحتجّوا عليهم بالتبليغ، و يثيروا لهم دفائن العقول» {الخطبة: 1} 
فهذا الکلام صريح في ابراز دور الانبياء لتقويم المفاهيم و صناعة العقول من جديد و تحصينها أمام اغواء الشيطان و النفس. 
و قال(عليه السلام) في رسول الله (صلى الله عليه واله) : « فهو امام من اتقي، و بصيرة من اهتدي، و سراج لمع ضوؤه، و شهاب سطع نوره، و زند برق لمعه...» {الخطبة: 93}
 و قال(عليه السلام) فيه أيضاً: « طبيب دّوار بطبه، قد أحکم مراهمه، و أحمي مواسمه، يضع من ذلک حيث الحاجة اليه، من قلوب عمي، و آذان صمّ، و ألسنة بکم، متتبع بدوائه مواضع الغفلة، و مواطن الحيرة...» {الخطبة: 107}
 4ـ العترة: 
و هم ميزان الحق و عدل القرآن بنص حديث الثقلين، و لو تمسّکت الامة بهم منذ قبض رسول الله ، و التزمت بأوامرهم في الکون معهم و عدم ترکهم، لما ضلّت الامة و لکان حال العالم الاسلامي غير هذا الحال، و لکان للاسلام شأن غير هذا الشأن. 
قال اميرالمؤمنين(عليه السلام) مؤکداً دور العترة في تقويم المفاهيم: «هم موضع سرّه، و لجأ أمره، و عيبة علمه، و موئل حکمه، و کهوف کتبه، و جبال دينه، بهم أقام انحناء ظهره، و أذهب ارتعاد فرائصه... هم أساس الدين، و عماد اليقين، اليهم يفيء الغالي، و بهم يلحق التالي...» {الخطبة: 2} 
و قال(عليه السلام): «انظروا أهل بيت نبيکم فالزموا سمتهم، و اتبعوا أثرهم، فلن يخرجوکم من هدي، و لن يعيدوکم في ردي، فان لبدوا فالبدوا، و إن نهضوا فانهضوا، و لا تسبقوهم فتضلّوا، و لا تتأخّروا عنهم فتهلکوا» {الخطبة: 96}
 و قال(عليه السلام): « بنا يستعطي الهدي، و بنا يستجلي العمي» {الخطبة: 144} 
و قال(عليه السلام): « هم دعائم الاسلام، و ولائج الاعتصام، بهم عاد الحق في نصابه، و انزاح الباطل عن مقامه، و انقطع لسانه عن منبته» {الخطبة 237}
و من هذه النصوص الشريفة تظهر اهمية العترة الطاهرة، و دورها في تقويم المفاهيم، فهي بمثابة صمام أمان لمن أراد أن يتمسک بالدين و تعاليم الانبياء و تعاليم القرآن و فهم السنة النبوية، و من دون الرجوع اليهم يقع الانسان في التيه و الضلال، کما قال (صلى الله عليه واله) : «  ما إن تمسکتم بهما {اي القرآن و العترة} لن تضلوا بعدي أبداً»
 
 
5ـ التقوي:
 من الموازين التي تنفع الانسان في تقويم المفاهيم، و سلامة منظومته الفکرية، التقوي، فقد قال أميرالمؤمنين(عليه السلام): « انّ من صرّحت له العبر عمّا بين يديه من المثلات، حجزه التقوي عن تقحمّ الشبهات» {الخطبة: 16}
 و قال(عليه السلام): « و اعلموا انّ من يتق الله يجعل له مخرجاً من الفتن، و نوراً من الظلم» {الخطبة: 183}
 و قال(عليه السلام): « فانّ التقوي في اليوم الحرز و الجُنّة، و في غد الطريق الي الجَنّة، مسلکها واضح، و سالکها رابح» {الخطبة: 191}
 و قال(عليه السلام): « فانّ تقوي الله دواء داء قلوبکم، و بصر عمي أفئدتکم، و شفاء مرض أجسادکم، و صلاح فساد صدورکم، و طهور دنس أنفسکم، و جلاء عشي أبصارکم، و أمن فزع جأشکم، و ضياء سواد ظلمتکم» {الخطبة: 198}
 6ـ العلماء الصادقون: 
قال أميرالمؤمنين(عليه السلام) في وصفهم: «مصباح ظلمات، کشّاف عشوات، مفتاح مبهمات، دفّاع معضلات، دليل فلوات» {الخطبة: 86}
 و قال(عليه السلام): « فانهم عيش العلم و موت الجهل» {الخطبة: 147}
 و قال(عليه السلام): « و ما برح لله عزت آلاؤه في البرهة بعد البرهة، و في أزمان الفترات عباد ناجاهم في فکرهم و کلمهم في ذات عقولهم، فاستصبحوا بنور يقظة في الأسماع و الأبصار و الأفئدة، يذکّرون بأيام الله، و يخوّفون مقامه، بمنزلة الأدلة في الفلوات، من أخذ القصد حمدوا اليه طريقه، و بشّروه بالنجاة، و من أخذ يميناً و شمالاً ذمّوا اليه الطريق و حذّروه من الهلکة، فکانوا کذلک مصابيح تلک الظلمات، و أدلّة تلک الشبهات» {الخطبة: 231}
 و قال(عليه السلام) لکميل: «بلي لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة، إما ظاهراً مشهوراً أو خائفاً مغموراً، لئلاّ تبطل حجج الله و بيناته... يحفظ الله بهم حججه و بيناته...» {قصار الحکم: 137}
****
 هذه أهم المحاور التي استطعنا أن نستخرجها من نهج البلاغة فيما يخصّ موضوعنا، وهو دراسة ظاهرة انقلاب المفاهيم و استحالتها لدي الانسان و المجتمع، مع ذکر أهم أسبابها، و أبرز مصاديقها، و المعالجات المطروحة الواردة علي لسان أميرالمؤمنين(عليه السلام). 
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين، و الصلاة و السلام علي سيد المرسلين محمد خاتم النبيين وعلي آله الطيبين الطاهرين.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/03/30



كتابة تعليق لموضوع : انقلاب المفاهيم المحور الثالث:المعالجات
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net