لا ديمقراطية بلا زراعة!!
د . صادق السامرائي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الدول الصناعية دول زراعية أولا , وترى بوضوح وصدق وأمانة أن مَن لا يُطعم نفسه لا ينجز شيئا.
فالجائعون عاجزون إبداعيا وإبتكاريا , لأن البحث عن الطعام يستنزف طاقاتهم ويوقعهم في مهالك وتداعيات.
وواقعنا يتحقق تدميره حضاريا بطاقات الأضاليل والأكاذيب التي عصفت في مجتمعاته على مدى القرن العشرين ولا تزال , حيث تم إيهام الأجيال أن الزراعة تأخر وتخلف , ولكي تتقدم يجب أن تهمل الزراعة وتجافي الأرض , وتتنكر للأنهار وتتجاهل المشاريع الإروائية , وتندفع نحو الصناعة.
وهذه الأضاليل المفبركة بإحكام وترويج إعلامي فتاك , جعلت الإنسان يهجر الأرض ويغادرها إلى المدينة , فتحولت المساحات الشاسعة من الأرض إلى "بور" , لا تصلح للزراعة , والقصص لا تحصى ولا تعد , فمدننا صارت تزدحم بالمهاجرين من الريف.
ذلك أن الأنظمة الضحية لها , قد أسهمت بقوة في عدم توفير الظروف الملائمة لتطوير الريف وإعلاء قيمة الزراعة , فعم الجهل والأمية وتنامت الأزمات التي دمرت الإقتصاد وفتكت بالثروة الحيوانية.
وقد فقدت العديد من الدول قدراتها الإنتاجية للمحاصيل الزراعية , كالرز والحنطة والقطن والتمر والخضراوات وغيرها من المحاصيل الأساسية , ووجدت نفسها في العقود الأخيرة من القرن العشرين تعتمد تماما على غيرها في طعامها , فصارت معظمها تستورد الحنطة والرز وحتى الخضراوات.
ولهذا ما صنعنا ولا زرعنا و"ضيعنا المشيتين"!!
ولا يُعرف هل ستسترد دولنا رشدها وتؤمن بالزراعة وبضرورات إطعام نفسها , بدلا من الإعتماد على الآخرين, فالشعوب التي لا تتمكن من إطعام نفسها ناقصة الحرية والسيادة ولو إمتلكت أموال الدنيا كلها.
فلنفكر بإطعام أنفسنا أولا , وعندها سنحقق حريبنا وكرامتنا ونبني مجتمعا ديمقراطيا معاصرا , ذلك أن هذه الأهداف والتطلعات تتطلب إرضاءً للحاجات الإنسانية الأساسية , لكي تمتلك قدرات الصيرورة والنماء.
وإذا بقينا نلهج بالمصطلحات الفارغة من المحتوى والمنطوق , فلن نصل إلى أفضل مما وصلنا إليه من إنشغال ببعضنا وتخريب لحاضرنا ومستقبلنا.
فلنزرع لكي نعرف الديمقراطية؟!!
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
د . صادق السامرائي

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat