صفحة الكاتب : د . يوسف السعيدي

حديث اخضر...والمجنون معمر
د . يوسف السعيدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

” دوام الحال من المحالْ ، وعند الشدائد يعرف الرجال من أشباه الرجالْ ، وفي حب السلطة قصص أغرب من الخيالْ ، وحكايات عجزت عن وصفها الحكم والأمثالْ ، وأصل الداء ظلم وبغي وضلالْ ، والدواء عدل وكرامة وحرية توزع عن اليمين وعن الشمالْ ” ، هذا قاله لنا ابن أبي البدايه من اصل الحكايه ..ليلة أمسْ ، وهذا ما ردده بين جدران البؤس والبأسْ ، وهذا ما حكاه لنا في حي اليأسْ ، فقد ألفيته البارحة بالحي المذكورْ ، يهيج بكلامه بين الناس ويثورْ ، ويلتف بأعمدة النور وحولها يدورْ ، ويقول بين جماهير تجمعت عنده من غير شعورْ : << الحق يعلو ولا يعلى عليهْ ، والظالم يرجع ظلمه إليهْ ، والعاقبة لمن اتقى وأحسن استعمال شفتيهْ ، والمجنون الغبي من يطلق الكلام على عواهنهْ ، ولا يعتبر بما يجري في عصره وزمانهْ ، ولا ينظر إلا لمكانته ومكانهْ ، و ” أحمق الحمق الاغترارْ ” ، كلمة قالها امام المتقين وقائد الغر المحجلين الامام علي بن ابي طالب (ع)في قطر من الأقطارْ، أمست مثلا واضحا وضوح الشمس في رابعة النهارْ ، وأحمق من الحمق يا خلان الجوع والقهرْ ، وأجن من الجنون يا قابضين على الجمرْ ، وأغبى من الغباء في كل مصر وعصرْ ، مهرج مسعور غريب الأفعال والأقوالْ ، ملعون مكروه مذموم في كل الأحوالْ ، حير الأطباء والعقلاء والنساء والرجال والأطفالْ ، حكم على حين غفلة من الشعب بلده الأمّْ ، فاتخذ من بني صهيون الخال والخل والعمْ ، وزرع في أرضه البأساء والضراء والهم والغمّْ ، ولأنه من جنس فرعون وهامان وقارونْ ، جعل من الاستبداد أكبر قانونْ ، واستخرج من الاستعباد فصولا جديدة لا تهونْ ، فسطر الكتاب الأخضرْ ، وقال ” أنا الإله الأكبرْ ” ، وشق الأرض لمن تجاوز اللون الأحمرْ ، وسمى نفسه الفاتح للأمّهْ ، وكان بحق اسما على مسمّى ، واسألوا ليبيا عمن يكون صاحب الظلمة والغمّهْ ، تجبكم بسرعة الريح المرسلهْ ، ” إنه العاشق للمهزلهْ ، الآكل من كل مزبلهْ ، الواضع لكل مقصلهْ ، ملك الملوكْ ، من أمره مشكوكْ ، ومن هو للبغي يلوكْ ، الصعلوك أب الصعلوكْ ، معمر مصاص الدمْ ، صاحب ” الطز ” في كم وكمْ ، المعتوه الأعمى الأصمّْ ” .
نعم يا أيها الحالمون ببلد جديدْ ، هذا ” القذافي ” شيطان مريدْ ، سب الرسول الاعظم (ص)من زمان بعيدْ ، وتطاول على الله الفعال لما يريدْ ، وحكم الشعب بالنار والحديدْ ، وسن لأبنائه سنة القتل والقمع والتشريدْ ، فمن تكلم من الشعب أبادوهْ ، ومن قال ” لا ” إلى التراب أعادوهْ ، ومن قال شبعت زادوهْ ، وهكذا قتل الأحرار طوال حكمهْ ، واستعبد الناس بخبثه ولؤمهْ ، وأعمى العيون بتهريجه ونفثه لسمهْ ، فأخر دولة ليبيا في كل الجهات والمجالاتْ ، ونهب ما لها من ثروات وخيراتْ ، وحولها إلى مملكة خاصة لها علامات وآياتْ ، ومن آيات القذافي يا أيها الأعزاءْ ، ابتكاره الدائم للأزياءْ ، وتمسكه بمثل يطبقه في كل الأنحاءْ ، ” خالف تعرفْ ” هذه سيرتهْ ، وعلى جنون العظمة انطوت سريرتهْ ، فالأنا الكبرى حبيبتهْ ، والأنا الوسطى عشيقته ، والأنا الصغرى خليلتهْ ، وأناه ما مثلها ” أنا ” في الوجودْ ، واسألوا عنها المسلمين والنصارى واليهودْ ، ضخمة غبية والكل على ذلك شهودْ ، ولأن الله تعالى لا يحب كل مختال فخورْ ، ولأن الحر لا يرضى بأن يتحكم فيه عبد مغرورْ ، ولأن الظالم لا بد أن ” يغورْ ” ، نظر القذافي في عاقبة ” مبارك ” ومن قبلـَهْ ، فقال إنهم ليسوا مثلهْ ، وظن أن الشعب الحر قد يتحمل إذلاله وذلهْ ، فركب جنونه وغرورهْ ، وأظهر عيوبه وشرورهْ ، وقال لمن يحمون خيامه وقصورهْ ، “ (الأحمق إن استنبه بجميل غفلْ ، وإن استنزل عن حسن نزلْ ، وإن حمل على جهل جهلْ ) ، وأنا أحمق من ذلك بكثيرْ ، وحمقي عظيم كبير مريرْ ، وليعلمن العالم بأسره من المجنون الخطيرْ … ، أعيدوا سيرة نيرون في بلادي ولا تخالفوني ، وابعثوا من الموت هتلر وأطيعوني ، وأنسوا الشعب ذكرى موسوليني ، … ” ، وانسلخ عن عقله المجنونْ ، وبين بالفعل أن الجنون فنونْ ، ومن ذاك ما أدمى القلوب والعيونْ ، مجازر ما بعدها مجازرْ ، تقتيل للقبائل والعشائرْ ، وتذبيح للأصاغر والأكابرْ ، ووأد لأحرار ما وسعتهم المقابرْ ، ولأن الشعب حر من سلالة عمر المختارْ ، خرج رغم التقتيل على الرعديد الجبارْ ، فكسر ما للصمت من جدارْ ، وأعلنها مدوية بالليل والنهارْ ، ” الشعب يريد إسقاط النظامْ ” ، وهدده المجنون بزحف في الظلامْ ، فرد عليه ” مصيرك الانتحار أو الإعدامْ ” ، فأمسى أذل من حمار مقيدْ ، وألعن من كل شيطان بالفسق يتقيدْ ، وأضحى أصغر من جرذ يتسيّدْ ، تضيق عليه الدنيا من كل جانبْ ، ويتنكر له كل خل وصاحبْ ، ولا ينتظر إلا رصاصة رحمة من الأقارب أو الأجانبْ ، … ومن الصحراء إلى الصحراء كما قالْ ، يزحف شعب بنخوة الرجال الرجالْ ، ليقتلع ما للدكتاتور الأبله من جذور وظلالْ ، وإن موعده الليل أو الصبح كمن سبقْ ، وإنه لحق على الله يا من بالكراسي التصقْ ، نصر المظلوم وإن كان بالكفر نطقْ ، هكذا أحوال الدنيا يا أصحاب المعالي والهممْ ، وهكذا هي سنة الله تعالى يا أهل المؤتمرات والقممْ ، فافهموا قبل أن تحين ساعة لا ينفع فيها الندمْ ، الشعوب أقوى من الجيوش والكتائبْ ، والنصر لصف المستضعفين لا يجانبْ ، والحق باق رغم المكائد والمصائبْ ، والاستبداد إلى زوال وهلاك واندثارْ ، واستفسروا معي هاهنا عن مصير نيرون والتتارْ ، بل واسألوا الجار والجارْ ، عن نهاية مبارك الغدارْ ، وعن مآل زين صاحب الفرارْ ، ولو أجابوا لقالوا في اختصارْ : ” أحمق الحمق الاغترارْ ” ، ولو أنهم عدلوا ، لما وصلوا إلى ما إليه وصلوا ، لكنهم طغوا وقتلوا من لهم عذلوا ....هذا حديثي الاخضر...لكل زعيم عربي مثل معمر....
العراق
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . يوسف السعيدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/03/25



كتابة تعليق لموضوع : حديث اخضر...والمجنون معمر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net