الرد على شبهات المنحرف أحمد القبانجي ( 10 )
ابواحمد الكعبي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ابواحمد الكعبي

فيما يلي تسلسل ما قالة المنحرف احمد القبانجي وتعليقاتنا عليها
• يقول القرآن: «ليس عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون»، وهذا الكلام لا بلاغة فيه لأنه لا فائدة من ذكره، فكل أحد له أن يأكل في بيته وفي بيت أقاربه لأن هذا حلال، ثم ما ربط هذا بالأعمى والأعرج والمريض؟! لماذا تخصيص هؤلاء فقط بالذكر دون غيرهم كالمرأة أو الطفل مثلا؟! ولماذا تكرار كلمة ”الحرج“ بعد ذكر كل واحدٍ منهم؟! ولماذا هذه الإطالة في تعداد الأقارب؟! قل منذ البداية (بيوت أقاربكم) أو (بيوت أرحامكم) واختصر الموضوع! ثم لماذا تشمل بيت «مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ» في الأكل؟ هذا خطأ فليس كل شخص يترك مفاتيح بيته عندك لك أن تذهب فتدخل منزله وتأكل منه ما تشاء؟! وأيضا لا داعي لذكر «جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا» لأنه لا إثم في أن يأكل الناس في جماعة أو يأكل كل منهم على حدة، ثم إذا أنا سلّمت على أحد فالله ما دخالته بالسلام حتى يقول «تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً»؟ وأخيرا كيف إذا لم يتبيّن لنا هذا الكلام فأننا سنكون مخبولين - حسب المعنى - ولعلنا نعقل أو لا نعقل؟ إن لم تتبيّن لنا هذه الآيات التي تتحدث عن الأكل فإننا لا نعقل؟ هذا تهافت بلاغي!
تعليق ”إن هذا الأحمق لم يتعب نفسه بالرجوع إلى أسباب النزول ليفهم لماذا ذكر الله هؤلاء، فقد ورد أن الإمام الباقر (عليه السلام) في تفسير هذه الآية قال: ”ذلك أنّ أهل المدينة قبل أن يسلموا كانوا يعزلون الأعمى والأعرج والمريض، فكانوا لا يأكلون معهم، وكانت الأنصار فيهم تيه وتكرم فقالوا: أن الأعمى لا يبصر الطعام والأعرج لا يستطيع الزحام على الطعام والمريض لا يأكل كما يأكل الصحيح فعزلوا لهم طعامهم على ناحية، وكانوا يرون عليهم في مؤاكلتهم جناحا وكان الأعمى والمريض يقولون لعلنا نؤذيهم إذا أكلنا معهم فاعتزلوا مؤاكلتهم، فلمّا قدم النبي (صلى الله عليه وآله) سألوه عن ذلك فأنزل الله «لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا»“. (تفسير القمي - الجزء 2 - الصفحة 108). فالحكمة من وراء تخصيص هؤلاء بالذكر كانت بسبب أن مجتمع المدينة كان يعزلهم عن موائده، إذ كان الناس لا يأكلون مع هؤلاء استحقارا واستقذارا لهم، فجاء القرآن لإبطال هذه العادة التي قد تولّد العقد النفسية لديهم، داعيا المجتمع إلى أن يرحّب بالمعاقين والمرضى والعطف عليهم واحتضانهم، وذلك لغاية تكوين مجتمع صحي يحتوي هذه الفئة ويبعدها عن الشعور بالكآبة فالإقدام على الانتحار أو الاتجاه إلى الإجرام وما أشبه، وهذا الأمر الذي عمل به في يومنا هذا المجتمع الغربي فتقدم وأنتج أفرادا من هذه الفئة بذلت كفاءات عالية في خدمة المجتمع.
ثم أن تكرار كلمة ”حرج“ بعد ذكر كلٌ من الأعمى والأعرج والمريض ليس فيه ضعفا بلاغيا، بل العكس فإن نظم الآية بهذا التكرار يضيف لمسة إيقاعية ذات صدى في السمع وفي هذا تأصيل وتأكيد على نفي الحرج عن كل صنف، والأمر ملحوظ بأشعار العرب وأمثالهم ويعدّ من القوة في البلاغة وبيان الواقع.
أما الجواب على أنه لماذا لم تُذكر المرأة والطفل مثلا ضمن هذه الأصناف؛ فهو أنهما ما كانا معزولين عن الموائد، فلم تكن هنالك مشكلة في هذا الخصوص حتى يتوجه الله إلى حلها في هذه الآية، ثم أن المقصود بقوله «وَلا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ» هو عموم الناس و النساء بملك اليمين، فالمراد من ”أنفسكم“ هو الأزواج ومن هم بمنزلتهم كالأبناء الذين يعيلهم رب الأسرة، وليس المعني بأنفسكم هنا هو أنت حتى تقول وهل أنه حرام على الرجل أن يأكل في بيته؟!”“«»
فالآية هنا تأسس لآداب وتعاملات سليمة ولذا جاء بها ذكر الأرحام لتوثيق العرى والتأكيد على أنهم منكم وإليكم لتصير الروابط الاجتماعية مفعمة بالحيوية بين العوائل والأصدقاء، كما أنها لا تتحدث عن الإطلاق في عزل المريض فإذا كان هناك شخص مصاب بمرض ينقل العدوى فإنه هنا لا يكون مشمولا بها، كما أن الروايات قيّدت هذا التعامل بما يبقي الألفة ولا يضر بالآخرين فليس لأحد مثلا أن يذهب ويلتهم كل ما هو مخزون من المأكولات في بيت أرحامه مثلا، أما قولها ”آبائكم“ و”أمهاتكم“ فيشمل الأجداد والجدّات.
ثم أن الآية ترفع الحرج عن الأكل عند «مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ»، لأنه في السابق لم تكن هناك ثلاجات ومجمدات كي تحفظ الأطعمة، فإذا ما أعطي أحد ما مفاتيح بيت شخص آخر فأنه كان يتحرّج من أن يأكل مما في البيت بحال مراعاته له، فكان الطعام يفسد بسبب ذلك، وهذا أمر لا يرتضيه الله سبحانه وتعالى لأن فيه هدر للنعم الموجودة بذلك البيت، فعندما يرجع صاحب البيت من الطبيعي أنه سيسأل من كان بعهدته أنه لماذا صنعت هكذا بالطعام تعززا منك فتركته يفسد ولم تأكله؟ فعليه اقتضت الحكمة الإلهية رفع الحرج بهذا الجانب لتقريب الناس من بعضهم وتقوية أواصر المحبّة والمودّة بينهم.
ثم أن كيفية الأكل بأن يأكل الإنسان منفردا كان البعض يتحرج منها، لأن العرف كان يراها خدشا في الشخصية فلذا كان البعض يرقد جائعا إذا لم يجد من يأكل معه! فأتت هذه الآية لرفع هذا الحرج عن هذه الكيفية في الأكل، أن يأكل الإنسان منفردا، وكذلك عن كيفية الأكل مع جماعة بينهم الأعمى والأعرج والمريض.
والغريب أن هذا الرجل يستهزأ بالمقطع الرائع في هذه الآية والذي يحث على تعويد النفس على السلام، مع أن كلمة السلام بحد ذاتها تنشر السلام والطمأنينة بالنفس وتستجلب البركة من الله بنزول الملائكة واستغفارهم، فقوله «تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً» هو توصيف لهذا الحال مع ما ورد في الروايات من أن السلام ينفي الفقر حتى لو لم يكن هناك أحد بالمنزل. (راجع كتاب الخصال للشيخ الصدوق - الصفحة 626) فضلا عن هذا فإن السلام يطرد الأمراض والمشاكل والشرور والتفكك الأسري عن البيت، فهو إذا التزم به الإنسان فإنه سيسعد في حياته وفي آخرته، فعن أي ضعف بلاغي يتحدث هذا الأبله؟!
وللعلم فإن تعاليم هذه الآية أخذها الغرب وصار ينشرها عبر وسائل الإعلام والمنظمات الخيرية في المجتمع لأجل الصالح العام، حيث من جملة ما يطرح لغرض التأكيد على ضرورة الترابط الأسري حتى لا ينجر الأبناء إلى الإجرام، حثهم على التزاور والأكل في جماعة مع الأهل والأصدقاء مع تجنب العزلة الاجتماعية والأكل بانفراد، فهذا الأمر عقل المجتمع الغربي أهمية الالتزام به بينما لم يفهمه هذا الرجل الجاهل الدنيء في المستوى المعرفي والإدراكي.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat