الجارية تودد و التاريخ المستنسخ
علي حسين كبايسي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
علي حسين كبايسي

الجارية تودد نجمة نجوم ألف ليلة وليلة ، يعرضها صاحبها لهارون الرشيد كسلعة ، يطلب مقابلها عشرة آلف دينار ، ولإتمام الصفقة تقام المناظرة الكبرى بين الجارية وكبار علماء البلاط وعلى رأسهم إبراهيم بن سيار النظام ، وكما حكت شهرزاد أن الهزيمة لحقت بهم الواحد تلو الآخر بعد مارثون من الأسئلة في العقيدة و الفقه وعلوم ذاك الزمان ، مع تجرد المنهزم من ثيابه وجر عار الهزيمة وراءه .
ما عرف عن الجارية حضورها القوي في مجالس اللهو و الغناء بدءًا من الجارية سلامة في الزمن الأموي إلى جواري هارون الرشيد وهن يرقصن على أنغام إسحاق الموصلي إلى جاريتي زرياب حمدونة و شمسونة سيدتا الطرب و المجون في الأندلس الأموي ، إلى الحضور القوي في الفقاهة الكلامية والفلسفية التي تمرغ أنوف كبار علماء الرشيد في التراب ويخرجون من مجلسه عراة !! ، جارية أفقه من العلماء و تتلذذ بتعريتهم !! ، وإنزال هيبة العالم إلى الوضاعة و السفلية المنحطة ، وما بقى لنا سوى أن نأخذ ديننا من الجواري ؟!! ، فتكون المحصلة إرضاع الكبير و مجالس اللهو وثقافة العهر .
ثقافة الجنس لا تغيب عن وعي الأمة حيث تتجلى في خلع الثياب ، و ما الدافع إلى ذلك إذا كان المجلس للفقاهة في الدين وإدراك الكمالات العقلية ، ولماذا الإخلال بالأدب ، أم أن الراوية لا تكتمل إلا بمشهد إباحي !! ، و مصطلح الجواري والغلمان لا يفتقر إليه نص من نصوصنا الأدبية ، فهل فعلا جئنا لنحرر الإنسانية من ضيم العبودية و المتاجرة بالبشر !!، لماذا نتشدق بالقضاء على العبودية ودار حريم الخليفة العباسي والسلطان العثماني تكشف زيف ذلك ، لنعترف بالحقيقة ، حقيقة إسلام السلطة .
حكايات شهرزاد لا تنتهي وألف ليلة و ليلة تستمر في سوريا مع السبي وجهاد المناكحة وامتلاك الجواري وقتل العلوي ولو تعلق باستار الكعبة !! ، التاريخ يستنسخ نفسه ، إنه ثقافة الموروث المستمدة من الشهوانية ومبدأ تحقيق اللذة ، و إبادة الآخر حتى لا تفتضح عوراته ، فيزول أثر الأفيون فتتكشف الحقائق .
سائحة غربية قدمت إلى إحدى البلدان العربية ، ومن منطلق الفضول في معرفة العقلية الشرقية ، سألت شخصا ما تعني الجنة عندكم ؟ ، فأجابها دون تردد أو تلكؤ :" أنهار من لبن وعسل و جواري حسان "، فردت عليه بتعجب : "إنها أوروبا ، c'est l'Europe " ، الجنة في الموروث الاسلاموي السلطوي القائم على الحسية المادية تختزل في أوروبا ! .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat