(لجان .. لجان ..) ، وعلى عينك يا تاجر !
وسام الركابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
وسام الركابي

لا يمكن بحال من الأحوال تصوّر مجتمع ؛ قلّ أو كثر أفراده ، يمكن أن يوصف العيش فيه انّه (حرٌّ وكريمٌ) ولا يمكّن من يتّهم فيه ـ بأي تهمة كانت ـ أن يحظى بفرصة مناسبة وكافية للدفاع عن نفسه وتبرير مواقفه ..
ومن اشكال التمكين أن يحال موضوع النظر فيما يُنسب لفرد ما إلى لجان : مختصّة ، ذات دراية كافية ، ومحايدة بقدر معتد به بحسب الحالة .. ومن مبررات ذلك :-
(1) التّخلّص من الإنفراد بالرأي والحكم ، لما في الإنفراد من إحتمالة للتأثّر بنوازع النفس والإنضغاط بالمؤثرات الخارجية أكبر مما يُحتمل حصوله في سواه عادةً .
(2) الإستفادة من اصل التشاور بين اعضاء اللجنة الذي يقلل من مساحات الغموض والإبهام المحتملة بجمع معارفهم وخبراتهم .
(3) الركون لأصل كون تشكيل اللجان ينبغي أن يراعى فيه التخصص والدراية المناسبان والكافيان لضمان نضج وسلامة الأحكام الصادرة عنها .
وبالتالي فإن نفس الإستعانة باللجان في شؤون التحقيق ، والتحري ، والتدقيق ، والتقويم ، وما إلى ذلك مما لا غبار عليه ..
إلاّ أنّ أسلوب (المافيات) الحاكم في مفاصل الدولة العراقية حوّل اللجان لإجراء وقائي للفساد والمفسدين أكثر منه أسلوباً كاشفاً للحقائق ومحدداً للمسؤوليات والتبعات الواجب ترتّبها بحق أطراف القضايا المبحوثة في التحقيق من خلال التوصّل للأدلة والقرائن الضرورية لتطبيق مواد ونصوص القانون أو الأنظمة والتعليمات المقرّة ..
اللجان التحقيقية تحوّلت اليوم لـ (مقابر جماعيّة) لملفات الفساد ، كبيرها وصغيرها ، بفعل (العلاقات الطيّبة جدّاً) التي تربط مصادر القرار في دوائر الدولة برؤوس وأذرع الفساد العامل معها (الحكومي والأهلي) ..
تصوّروا أنّ كل مخالف (موظف حكومي ، أو مستثمر أهلي) يتم ضبط مخالفته ، أو نسبة مخالفة إليه ، يسارع للمطالبة بإحالة الأمر إلى لجنة تحقيقية ، لأن الموضوع ببساطة أنّ هناك مخالفات إن تم ضبطها بظروف معيّنة وشروط محددة فإن هناك نصوصاً قاطعة في القوانين والتعليمات للتعامل معها (وتبقى مساحة التّظلم متاحة لمن يرى أنّ إجحافاً وقع بحقّه) ، إلاّ أنّ ذلك لا يروق لأطراف (التّعلّق النّزيه) فتحال المخالفات للّجان وتبقى تلفّ وتدور .. وتدور وتلفّ حتى يبين الخيط الأبيض من الأسود من أفق الفساد المظلم المعتم المصخّم (فلا بياض فيه!) ، فإن انقطع نَفَس الطيّبين (وقليلٌ ما هم) جاءت توصيات اللجان كالبيانات الختاميّة للمؤتمرات العربيّة : التي تكتب قبل انعقادها !!
صورة عنه إلى كل من لا يهمّه الأمر !
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat