حول ما يسمى بيوم الحب : الأسطورة والجذور التاريخية !
مير ئاكره يي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مير ئاكره يي

التسمية : في المجتمعات الغربية يطلق على يوم الرابع عشر من الشهر الثاني ، شهر فبراير العديد من التسميات ، هي : يوم الحب ، عيد الحب ، عيد العشاق ، يوم العشاق ، أو يوم القديس فالنتين ! .
الأسطورة والجذور التاريخية :
ما يُعرف بيوم الحب يلُفُّه الغموض والإضطراب والتناقض على الصعيد التاريخي ، فحتى الأشخاص الذين كان لهم تسميات مشتركة واحدة ، وهي [ فالنتين ] لايقدِّم التاريخ عنه / عنهم إلاّ معلومات بخسة وشحيحة ومتناقضة ، بخاصة فيما يتعلق بما يسمى بيوم الحب ! .
على هذا الأساس فإن ما يسمى بيوم الحب قد حمل أسماء عدد من المقتولين القساوسة المسيحيين الأوائل ، وهو إسم [ فالنتين ] ، بمعنى أن عدداً من القساوسة المسيحيين كانوا يشتركون في التسمية المذكورة ، لكن الأشهر منهم ، هما :
1-/ القديس فالنتين الأول : كان يعيش في مدينة تورني ، وكان قسيساً لها عام [ 197 ] بعد الميلاد ، يقال انه قتل خلال فترة الإضطهاد الدينية التي تعرَّض له المسيحيون أثناء عهد الإمبراطور الروماني [ أوريليان ] .
2-/ القديس فالنتين الثاني : كان هو أيضاً قسيساً وكان يعيش في روما ، وقد قتل عام [ 269 ] بعد الميلاد حسبما تذكر المصادر التي أرَّخت له .
إن العديد من مؤرخي الغرب يعتقدون إن يوم الحب يرجع تاريخه الى ما قبل الديانة النصرانية – المسيحية . لهذا فهو بالأصل كان طقساً وثنياً عند الإغريق الرومان . يُذكر إن الرومان كانوا يحتفلون بعيد الربيع من يوم ال[ 15 ] من شهر فبراير الثاني كدلالة على النماء والخصوبة .
في البداية لم يكن هذا اليوم يتعلق بالحب الرومانسي – العاطفي ، لكن كان ثمة إعتقاد سائداً في الغرب ، في القرون الوسطى بأن موسم تزاوج العصافير يبدءُ من يوم ال[ 14 ] من شهر فبراير ، هذا ما دفع الناس للإعتقاد إن يوم ال[ 14 ] من فبراير هو يوم الرومانسية ! .
بالإضافة [ على الرغم من وجود مصادر حديثة شائعة تربط بين عطلات شهر فبراير غير المحددة في العصر الإغريقي الروماني - والتي يزعم فيها الإرتباط بالخصوبة والحب - ، وبين الإحتفال بيوم القديس فالنتين ، فإن البروفيسور جاك بي أوريوتش من جامعة كانساس ذكر في دراسته التي أجراها حول هذا الموضوع إنه قبل عصر تشوسر لم تكن هناك أية صلة بين القديسين الذين يحملون إسم [ فالنتينوس ] ، وبين الحب الروماني ] . عن ويكيبيديا .
غموض وإشكالات وتناقضات تاريخية أخرى :
[ في عام 1969 عندما تمت مراجعة التقويم الكاثوليكي الروماني للقديسين تم حذف يوم الإحتفال بعيد القديس فالنتين في الرابع عشر من شهر فبراير من التقويم الروماني العام ، وإضافته الى تقويمات أخرى ، محلية ، أو حتى قومية ، لأنه على الرغم من أن يوم الإحتفال بذكرى القديس فالنتين يعود الى عهد بعيد ، فقد تم آعتماده ضمن تقويمات معينة فقط ، لأنه بخلاف إسم القديس فالنتين الذي تحمله هذه الذكرى ، لاتوجد أية معلومات أخرى معروفة عن هذا القديس سوى دفنه بالقرب في طريق ( فيا فلامينا ) في الرابع عشر من شهر فبراير ] عن المصدر المذكور .
وتمضي ويكيبيديا ، فتقول : [ وقد قام بيد بإقتباس أجزاء من السجلات التاريخية التي أرخت لحياة كلا القديسين الذين كانا يحملان إسم فالنتين ، وتعرض لذلك بالشرح الموجز في كتاب ( legenda aurea ) ، أي ( الأسطورة الذهبية ) .
ووفقاً لرؤية بيد ، فقد تم إضطهاد القديس فالنتين بسبب إيمانه بالمسيحية ، وقام الإمبراطور الروماني كلوديس الثاني بإستجوابه بنفسه ، ونال القديس فالنتين إعجاب كلوديس الذي دخل معه في مناقشة حاول فيها أن يقنعه بالتحول الى الوثنية الذي كان يؤمن بها الرومان لينجو بحياته .
ولكن القديس فالنتين رفض ، وحاول بدلاً من ذلك أن يقنع كلوديس بإعتناق المسيحية . ولهذا السبب تم تنفيذ حكم الإعدام فيه . وقبل تنفيذ حكم الإعدام ، قيل إنه قام بمعجزة شفاء إبنة سجَّانه الكفيفة ! .
ولم تقدِّم لنا ( الأسطورة الذهبية ) أية صلة لهذه القصة بالحب بمعناه العاطفي ] ! عن المصدر المذكور .
وتضيف الويكيبيديا : [ ولكن في العصر الحديث تم تجميل المعتقدات التقليدية الشائعة عن فالنتين برسمها صورة له كقسيس رفض قانوناً لم يتم التصديق عليه رسمياً ، يقال إنه صدر عن الإمبراطور الروماني كلوديس الثاني ، وهو قانون كان يمنع الرجال في سن الشباب من الزواج . وآفترضت هذه الروايات إن الإمبراطور قد قام بإصدار هذا القانون لزيادة عدد أفراد جيشه ، لأنه كان يعتقد أن الرجال المتزوجين لايمكن أن يكونوا جنوداً أكفاء . وعلى الرغم من ذلك ، كان فالنتين بوصفه قديساً يقوم بإتمام مراسم الزواج للشباب ، وعندما آكتشف كلوديس ، كان فالنتين يقوم به في الخفاء ، أمر بإلقاء القبض عليه وأودعه السجن . ولإضفاء بعض التحسينات على قضية فالنتين التي وردت في ( الأسطورة الذهبية ) تناقلت الروايات إن فالنتين قام بكتابة ( أول بطاقة عيد حب ) بنفسه في الليلة التي سبقت تنفيذ حكم اإعدام فيه ، مخاطباً فيها الفتاة التي كان يشير اليها بأكثر من صفة : تارة كمحبوبة ، وتارة كإبنة سجانه التي منحها الشفاء وحصل على صداقتها ، وتارة ثالثة بالصفتين كلتيهما ] ! عن المصدر المذكور .
كما آتضح إن موضوع ما يسمى بعيد الحب يكتنفه الغموض من كل جانب ، ثم إن المخيال الشعبي في الغرب هو الذي آختلق وأضاف على يوم الرابع عشر من فبراير الكثير من التسميات والإضافات والأساطير التي ليست لها أيَّ أصل ولا حقيقة في التاريخ . هنا يمكن القول أيضاً بأن الكنيسة في أوائل إنتشارها أرادت إستمالة الرومان الوثنيين وجذبهم للديانة المسيحية فتهاونت في أمر هذا اليوم الوثني الأصل والتاريخ ، فقامت هي أيضاً بالإحتفاء به ، وذلك بعد أن أنقصت منه يوما واحداً ، أي جعلته في ال[ 14 ] من شهر فبراير بدلاً من يوم ال[ 15 ] الوثني الروماني الإغريقي كي تبتعد ولو قليلاً عن التسمية والتاريخ والمناسبة الوثنية ! .
تاريخ الحب ! : لايمكن تقويم الحب العاطفي بين الناس وحصره في تأريخ القديس فالنتين المضطرب والغامض ، أو فيما قبله من تأريخ الرومان الإغريق ، حيث هو المصدر والأساس ليوم الحب المزعوم بفالنتين ، فأيام السنة كلها يمكن أن تكون أيام محبة وتحابب بين الناس على أساس من النقاء والصدق والطهارة والعفة والنزاهة . لذا فإن حصر مفهوم الحب في يوم محدد ومعلوم هو تقزيم لمفهومه ومعناه ومغزاه ، فالحب الإيجابي والنظيف والمؤطَّر ضمن إطار العفة والعفاف من المفترض أن يكون على مدار أيام السنة كلها ! .
تأسيساُ لما ورد حتى الآن أقول : لسنا كمسلمين ملزمون الإحتفاء والإحتفال والذكرى بهذا اليوم الوثني المصدر ، بل ينبغي تجنبه وعدم الإعتبار به ، لأن فيه إشكالات شرعية ، ثم إنه لاينبغي التقليد في كل شاردة وواردة من العادات والتقاليد والأعراف ! .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat