9-8/شباط اغتيال التاريخ
رائد عبد الحسين السوداني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
رائد عبد الحسين السوداني

لم يكن يوم 8/شباط /1963يوما اعتياديا في العراق بكل المقاييس ،السياسية والاجتماعية والثقافية ،فقد أزهق مشروع وطن عابر للطوائف والطائفية بقيادة المرحوم عبد الكريم قاسم على يد صبيان المخابرات الغربية والعربية لاسيما المخابرات البريطانية التي لم تنس الضربة التي وجهتها الثورة للمصالح البريطانية أو المخابرات الأمريكية التي كانت تمد أذرعتها في كل أرجاء العالم للسيطرة على أراض كانت من ضمن السيطرة البريطانية التي بدأت تخبو في ذلك الوقت حتى إن رئيس المخابرات الأمريكية والرجل القوي آنذاك أيان دالاس ذكر بأن وجوههم قد احمرت خجلا من صدمتهم جراء مفاجأة قيام الثورة بقيادة عبد الكريم قاسم أو المخابرات المصرية التي كانت تحرك صبيان البعث كما تريد في سبيل زعزعة الوضع الداخلي أمام حكومة الثورة هذا وقد روى لكاتب هذه السطور أحد أعضاء حزب البعث آنذاك بأنه كان معتمد الحزب في أحد أقضية الجنوب العراقي ومهمته كانت تتمثل بنقل المعلومات للسفارة المصرية وبالتالي تلقي التعليمات منها مما يعني إن حركة البعث وعبد السلام عارف كانت ضمن حركة دولية للقضاء على الثورة التي جاءت ومعها ورمها الخبيث الذي انتشر في جسمها وأثر على علاقاتها العربية والدولية وأعني به عبد السلام عارف الذي أبدى استعداده للقضاء على زعيم الثورة بعد أيام قلائل من قيامها وأمام جمال عبد الناصر الذي لم يترك فرصة لضرب الثورة إلا وانتهزها فهو الذي ساند حركة الشواف في الموصل وأمدها بالسلاح وحتى مرسلات الإذاعة التي أقيمت على الحدود السورية التي كانت ضمن دولة الوحدة مع مصر(الجمهورية العربية المتحدة) واستقبل المعارضين لزعامة عبد الكريم قاسم ومن ثم مساندة التحشد العسكري الغربي (بريطانيا على وجه التحديد) ضد مطالبة الزعيم بعراقية الكويت ووقف بقوة ضد هذا المطلب وأخيرا إن صبيان البعث قد استخدموا بنادق بور سعيد يوم 8/2/1963.إن قتل عبد الكريم قاسم كان بمثابة قتل الثورة وقتل الثورة يعني قتل المشروع الوطني وقتل التاريخ الفارق بين حكم الضباط الشريفيين ودار الاعتماد ومن ثم السفارة البريطانية وحلفائهم من الإقطاع وكذلك أيتام العهد العثماني القائم على تزوير الحقائق بدءا من تأسيس حكم قائم على أقلية بعينها وتصديره على إنه الحكم الوطني وتشكيل برلمان يصنعه رؤساء الوزارات عبر انتخابات شكلية بزعم الديمقراطية ناهيك عن الاعتقالات وتأسيس الأجهزة القمعية بحجة مكافحة المد الشيوعي والذي وصل إلى إعدام القيادات الشيوعية وفي مقدمتهم (فهد) مؤسس الحزب هذا فضلا عن سياسة خارجية تابعة بكل تفاصيلها لبريطانيا لتأتي ثورة تقضي على مفهوم حكم الطائفة الواحدة والفئة الواحدة وتنصف المحرومين والمهمشين من المهاجرين قسرا واضطهادا جراء قسوة الإقطاع وبناء المدن لهم كالثورة والشعلة والرحمانية في بغداد وانتقالهم من فئة ساكني الصرائف إلى ساكني البيوت المبنية بالطابوق ،وكذلك بناء المشاريع السكنية لذوي الدخل المحدود في باقي مناطق العراق وكذلك بناء المصانع والمعامل وفوق كل هذا وذاك وهذا يجب أن يقرأ من جديد وهو إن العراق لم يعرف حاكما إلا باطشا سالبا للحريات والأرواح (باستثناء الإمام علي عليه السلام الذي هو فوق المقارنات والتوصيفات ) له شهية للدماء محبا للاستبداد ويحكم بالقبضة الحديدية إلا عبد الكريم قاسم الذي رفع شعار عفا الله عما سلف التي عدها البعض ضعفا وخللا في فلسفة عبد الكريم قاسم السياسية ويؤكدون إنه لو كان استخدم البطش لما آلت صورة العراق إلى ما آلت إليه فيما بعد ناسين متناسين إنه قد مثل خير تمثيل وكان خير مصداق للثائر النزيه الذي يثور لأجل التغيير الجذري في المجتمع وليس الصوري ولذلك تم اغتياله على يد صبيان البعث.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat