صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

الديمقراطية ليست ثورة؟!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الديمقراطية نظام حياة ولا يمكنها أن تكون ثورة , لكنها قد تكون من مبادئ وشعارات ومنطلقات أية ثورة.

 
وما تحقق في الواقع العربي أن الخلط ما بين الحالتين قد شوش معاني ومعايير الديمقراطية , وحولها إلى حالة مضادة لها.
 
فالجماهير الثائرة على الظلم والطغيان والبؤس والحرمان , حسبت الديمقراطية ستحقق أحلامها وفي لمحة بصر , وكأنها تقف أمام خزائن وذخائر مطلقة , وكلمة السر التي ستغمرها بها هي "إفتح يا سمسم" المعاصرة , والتي تسميها "الديمقراطية".
 
هذا الخلط النابع من عدم المعرفة الصحيحة بالمعاني الديمقراطية , من أهم الأسباب التي حولت الإرادة الشعبية التواقة للحرية والكرامة والعدالة والسعادة الوطنية ,  إلى إنقسام وصراع وتشرذم وإحتراب.
 
فالثورات لا يمكنها أن تؤسس للديمقراطية حالا , وإنما  تبني نظام دولة له القابلية على صياغة دستور يستوعب تطلعات المجتمع الإنسانية , والدولة بمؤسساتها تسعى إلى إقامة الحياة الديمقراطية , وفقا لمواد الدستور والقوانين المعبّرة عنها بمصداقية ونزاهة وإيمان ونكران ذات.
 
وبغياب مؤسسات الدولة والدستور الجامع الصادق الملبي للحاجات الوطنية والشعبية , فأن الحديث عن الديمقراطية يبدو وكأنه هذيان.
 
فمعضلة المجتمع العربي الساعي للديمقراطية , أنه لا يمتلك مرتكزاتها الأساسية , والتي تبدأ بتوفير الحاجات الضرورية لحياة حرة كريمة معاصرة , وهذه تبدأ من لقمة العيش وفرصة العمل والمدارس والسكن والرعاية الإجتماعية والشوارع والنقل والأمن والترفيه والمدن الحديثة , وغيرها من أسباب الحياة المتفقة وحقوق الإنسان الأولية.
 
وبتجاهل أعمدة الديمقراطية الرئيسية , تم التعبير عنها بإجراءات وقرارات منحرفة ,  وعلى جميع المستويات , مما أدى إلى تشوهات معقدة في الفهم والإدراك والسلوك وخصوصا السياسي , فأصبح البلد ديمقراطيا لأن فيه إنتخابات وحسب , أما المتطلبات الأخرى فأنها لا تعني شيئا , ولا مَن يتبناها أو يراها جديرة بالنظر والتحقيق.
 
ولذلك فأن الحديث عن الديمقراطية في مجتمعاتنا كأنه خداع وتضليل وإعتداء سافر عليها , وأخذها إلى مواطن لا تعرفها , وتحويلها إلى مطية لتحقيق الغايات والطموحات ذات الأهداف السيئة , مما أدى إلى ولادة مجتمع حائر مضطرب الإتجاهات ومسلوب القدرات وفاقد الخيارات , ومندحر في التصاغر والفرقة والشتات.
 
فالديمقراطية بحاجة لوطن ووطنية ومواطنة , ومعايير وثوابت لا يمكن الإختلاف عليها , أما أن يتحول كل شيئ إلى نكرة , ويتم الإنقضاض على أدوات التعريف والتوصيف , فهذا معناه السعي نحو الإنتحار الجماعي , والفناء والضياع والغياب الأكيد.
 
فعلينا أن نتفق على تسمية المرتكزات وتعريفها بدقة ووضوح , لكي نستطيع بناء أنظمة ديمقراطية تساهم في صناعة الحياة الأفضل!!
 
ولهذا فأن التجربة الديمقراطية بحاجة إلى إعادة نظر وفهم وثقافة , ومحو أمية المفاهيم والأضاليل التي أصابت الوجود العربي بمقتل.
 
فهل نعرف الديمقراطية أم نتصورها؟!!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/01/27



كتابة تعليق لموضوع : الديمقراطية ليست ثورة؟!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net