صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

اليتيم العظيم
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ليس لليتيم مايفخر به ، فليس من أب يحميه ويوفر له أسباب الحياة .
 
في مرة أعطى العم لإبن أخيه اليتيم مبلغا من المال ، وأعطى لأبن أخته اليتيم مبلغا أقل من ذلك ، وكان ذلك عنوانا لمفاضلة بين الإثنين مع إنهما يتيمان كلاهما .كيف عاش اليتيم محمد يتمه بفقد الأب عبدالله ، ثم بعد سنوات بفقد الأم آمنة التي ودعته في الطريق بين مكة والمدينة ؟ تلقى اليتيم المبارك الرعاية من جده عبد المطلب ، وثم من عمه أبي طالب الذي كان له الحامي ، وصار يصطحبه معه في رحلاته الى الشام في التجارة ،لكن الفترة الأولى من اليتم إقتضت أن يذهب الى ديار بني سعد في البادية رغم إن النساء اللاتي جئن الى مكة بحثا عن الرضع ليحصلن على الأجر من ذلك العمل رفضن بالمجمل أخذ اليتيم محمد فليس من مال وفير يمكن لواحدة منهن أن تحصل عليه إلا حليمة السعدية التي توجهت الى دار عبد المطلب وأخذت الرضيع ، وكأن إرادة غيبية دفعتها لذلك .
 
رأت حليمة فيما بعد بركات ذلك اليتيم الذي نشأ مع الصبية ، وكان متفوقا عليهم في كل شئ ، وعرف صعوبات الحياة لكنه كان قويا كفاية ، فالغيب كان يدفعه الى مكان ما يريد له أن يمارس دوره فيه نبيا للإنسانية وليس لقوم ، هو ليس كموسى ، وليس كعيسى ،بل هو مبعوث الله للعالم بأسره يحمل رسالة السماء لتبقى خالدة عبر الأجيال والأزمان وحتى قيام الساعة ، وعرفت ديار حليمة البركة بوجوده العظيم فكانت الأرض تخرج بركاتها والسماء تنزل الغيث لتتحول المراعي الممتدة الى مساحات خضراء مونقة ، وحتى أغنام حليمة بدأت تدر من أثدائها الحليب لتشبع الصغار والكبار ، وهي من علامات النبوة المتقدمة .
 
كان اليتيم يخرج الى البادية ومعه بعض الغنيمات يرعاهن ، ويحنو عليهن ، بل ويطبب من تصاب ،وهكذا كانت تجري الأمور حتى عاد الى مكة ،لكنه لم يترك الحنو على حليمة التي أرضعته ،ولا على الشيماء التي كانت الأخت الحانية ، ولاحتى على أخيه من الرضاعة ، وعلى بني سعد الذين عاش في كنفهم أعواما ، وتعلم من يتمه أن يكون أبا للجميع ، حانيا راعيا عالما بأحوال الناس وحاجاتهم وكان رحمة مهداة لم يوافق أبدا على قسوة ،ولم يكن إلا إنسانيا مطلقا كما هيأه الله لفعل لاينتهي حتى تنتهي الحياة على هذه الأرض .
 
يحتفل الناس في كل عام بذكرى مولده الطاهر ، ويشعرون أنهم قريبون منه يتحدثون إليه يشمون ريحه الطيب ويهمسون إليه بمعاناتهم وعذابهم ، وحاجاتهم وينتظرون منه أن يرد عليهم ، ويتركون الإحتفال بالذكرى وهم موقنون إنه معهم تماما لم يتأخر في الإجابة والحنو والرعاية والدعاء ، وهذا يكفيهم لأنهم مؤمنون به وبرسالته وبالرب الذي إصطفاه .
 
Pdciraq19@gmail.com

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/01/15



كتابة تعليق لموضوع : اليتيم العظيم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net