المبادرات المستعجلة .. والحسابات الخاطئة !!
علي حسين الدهلكي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
علي حسين الدهلكي

منذ انطلاق العمليات العسكرية في الأنبار لملاحقة فلول الإرهاب المتمثلة بداعش والقاعدة كانت بعض الجهات السياسية المحسوبة على الشيعة والتحالف الوطني مترددة بإعلان موقفها من تلك العمليات ليس لأنها لا تستطيع اتخاذ القرار بل لأنها مصابة بعقدة اسمها الخوف من احتساب الانجاز للمالكي .
ولعل هذه العقدة كانت احد الأسباب التي جعلت تلك الجهات تميل للطرف الأخر( متحدون ) حتى لو تطلب الأمر التضحية بالمذهب والتحالف الوطني وبذلك ينطبق عليها القول ( ليس حبا بمتحدون ولكن كرها بالمالكي ).
ومع اتساع التأييد الشعبي والوطني والدولي للعمليات التي تقوم بها قواتنا الباسلة وجدت تلك الجهات نفسها في مأزق كان لابد لها أن تخرج منه فعمدت إلى سلوك طريقين أحداهما ابغض من الأخر ،
الأول تمثل بصدور بيانات تأييد خجولة لا ترقى إلى مستوى الطموح والمسؤولية الوطنية لكونها محشوة بعبارات وكلمات تجافي الحقيقة تماما ظل يرددها الطرف الأخر مثل مليشيات وقوات حكومية (ويقصد بها قوات المالكي) وغيرها من العبارات السمجة التي باتت تثير السخرية .
أما الأبواق المتصدئة والأفواه القذرة التي لصقت الجيش بالسيد المالكي فهي نفس الأبواق التي طبلت للزمر الإرهابية يوم كانت تحتمي بخيم المذلة والمهانة في ساحات الاغتصاب والفواحش .
أما الطريق الثاني الذي سلكته تلك الجهات فكان بإطلاق مبادرات لا يمكن تسميتها بأكثر من مبادرات مستعجلة وخاطئة لتسوية الأزمة كونها مبادرات أضاعت الحق بمنطق الباطل .
ولو قرأنا تلك المبادرات لوجدناها تحمل اخطاءا ما كنا نتصور أن يقع فيها من أطلقها ، فهم يتحدثون عن حوار.. ولا نعلم عن أي حوار يقصدون !
ومع من يجب أن تتحاور الحكومة ؟
ولكن يبدو إن الإخوة الذين أطلقوا المبادرة لا يعرفون إننا نحارب الإرهاب والعصابات الإجرامية وهذه مصيبة وان كانوا يعلمون فالمصيبة أعظم .
ثم لماذا لم تشخص المبادرة أو تحدد هوية الطرف المراد التحاور معه ؟ فهل سيكون مع الإرهابيين ؟ أم مع قتلة الأطفال والنساء والمدنيين العزل ؟ أم مع قتلة الجنود والممثلين بجثثهم ؟، أسئلة تقف المبادرة عاجزة عن الإجابة عنها .
ولان الجهة التي أطلقت المبادرة تحظى باحترامنا كان لابد لنا من توضيح موقف الشارع العراقي منها بعيدا عن التزييف والتملق السياسي القاصد للتقرب من هذه الشخصية أو تلك .
فالشارع العراقي لم يبدي أي ارتياح لتلك المبادرة واعتبرها خيانة للشعب والجيش وتميل إلى التملق والتودد بطريقة عدت بموجبها العصابات الإرهابية هذه المبادرة نصرا لها لكونها عززت الشعور بأنها قد فرضت قوتها وبسطت سلطتها على الأوضاع الجارية لدرجة بات البعض يتوسل بها للموافقة على مبادرته وهذا خطأ قاتل وقع فيه مطلق المبادرة لأنها شكلت عنصر قوة للإرهابيين ومصدر ضعف للقوات الأمنية .
ثم لماذا لم تفكر بعض العشائر المتعاونة مع الارهاب أو العصابات الإرهابية بإطلاق أي مبادرة رغم علمها إنها بموقف صعب وخطير للغاية ؟ .
ألا يعني هذا إنها تعلم إن مثل تلك المبادرات وفي هذا الوقت العصيب يعد انكسارا وهزيمة علنية لها .
وهنا فان اللف والدوران والادعاء بتخصيص كذا مبلغ للأعمار فهو أمراً غير مستساغاً على الإطلاق لان الجميع يعلم بان اغلب المدن العراقية بحاجة إلى أعمار ولا داعي لتفضيل واحدة على أخرى .
ثم إن تلك المبالغ هي أموال الشعب ولا يحق لأي شخص أن يتبرع بها أو يعطيها بمنة لأي مواطن أو محافظة ولا يمكن له أن يحدد قيمة المبالغ لان توزيع المبالغ يتم وفق شروط يعرفها مطلق المبادرة أكثر من غيره .
أما بخصوص الإعلان عن تشكيلات للدفاع عن المحافظة فهو يدفعنا باتجاه العودة إلى المأزق الذي لم نخرج منه لحد ألان والمسمى مشكلة البيشمركة ، فهل يريد مطلق المبادرة أن تتشكل بيشمركة جديدة ولكنه هذه المرة عربية
لكي تخرج علينا بعد مدة لتطالب بحقوق وامتيازات تستنزف ميزانية الدولة .
أما العشائر في الأنبار فهي من بادرت للدفاع عن محافظتها ولا تحتاج أو تنتظر مبادرة من زيد أو عمر لتتولى الدفاع عن كرامتها وكرامة أهلها ولا اعتقد إننا بحاجة إلى تأسيس مليشيات جديدة تحت يافطات ومسميات مختلفة
وبذلك فإننا نعتبر موقف السيد المالكي قد كان واضحا وصريحا عندما رفض التحاور مع القتلة والإرهابيين وهذا لعمري موقف وطني يحسب له ولا يحتاج إلى نقاش .
كما انه لم يؤيد أو يرفض تلك المبادرات لان جل اهتمامه منصب حاليا على تحقيق النصر على الإرهاب .
ولذلك فان المبادرات التي أطلقت مؤخرا وان كان أصحابها يدفعون بها للابتعاد عن الشبهات إلا إنها رغم كل هذا ما زالت تفوح منها رائحة الدعاية الانتخابية وهي بداية و دعاية غير موفقة .
وكنا نتمنى من أصحاب المبادرات أن يطلقوا جهودهم لنصرة الجيش وإسناده ودعمه حتى يتحقق النصر الكبير وبعدها ليطلقوا ما يشاءون من مبادرات وسنكون من الداعمين لها ما دامت تصب في خدمة الوطن واعماره،
وتساهم في القضاء على الفساد والمفسدين من أصحاب الضمائر المريضة الذين لا يروق لهم إلا أن يكون العراق بلدا مدمرا ومشتتا حتى يرضى أسيادهم وتنفرج أساريرهم ولكن ( هيهات منا الذلة ) كما قالها أبا الأحرار سيدنا الحسين (عليه السلام ) .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat