إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ
ابواحمد الكعبي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ابواحمد الكعبي

قال الإمام الباقر عليه السلام: إنّ رهطاً من اليهود أسلموا ، منهم : عبد الله بن سلام ، وأسد ، وثعلبة ، وابن يامين ، وابن صوريا ، فأتوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: يا نبيَّ الله ، إنّ موسى أوصى إلى يوشع بن نون ، فمن وصيُّك يا رسول الله ؟ ومن وليّنا بعدك ؟ فنزلت هذه الآية: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) .
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : قوموا ، فقاموا فأتوا المسجد ، فإذا سَائلٌ خارج ، فقال: يا سائل ، أما أعطاكَ أحد شيئاً ؟ قال: نعم ، هذا الخاتم , قال صلى الله عليه وآله وسلم: مَنْ أعطَاك ؟ قال: أعطانيه ذلك الرجل الذي يصلِّي ، قال: عَلى أيِّ حَالٍ أعطاك ؟ قال: كان راكعاً ، فكبَّر النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وكبَّر أهل المسجد .
فقال صلى الله عليه وآله وسلم: عليٌّ وليُّكم بعدي ، قالوا: رضينا بالله ربَّاً ، وبِمحمَّدٍ نبياً ، وبعليٍّ بن أبي طالب ولياً ، فأنزل الله عزَّ وجلَّ: (وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) , واتفقت روايات علماء المسلمين على أنَّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قد تصدَّق بخاتمه وهو راكع ، وليس بين الأُمَّة الإسلامية خلاف في ذلك ، فشكَر الله ذلك له ، وأنزل الآية فيه ، فيلزم الأُمَّة الإقرار بها ، وذلك لموافقة هذه الأخبار لكتاب الله ، وكذلك وجدنا كتاب الله موافقاً لها ، وعليها دليلاً ، وحينئذٍ كان الاقتداء بها فرضاً ، لا يتعدَّاه إلاّ أهل العناد والفساد .
هذه الواقعة هي صفحة من صفحات هذه الشخصية العظيمة التي تجسدت في مقام الإمام علي عليه السلام , ولعل من ابرز الدروس والعبر التي تحملها هذه القصة هي حياء الإمام علي عليه السلام وخجله من السائل فلا يستطيع أن يرده , وكذلك هو يمثل القائد والقدوة للناس بعد الرسول صلى الله عليه واله وسلم فيريد أن يبين للجميع انه على كل من يتصف بصفة القيادة أن يكون على قدر عالي من المسؤولية , بحيث يلبي جميع متطلبات رعيته مهما كانت الظروف التي يمر فيها هذا القائد أو الولي أو المرجع , وهذه سيرة عطرة وجب على الجميع وخصوصا المتصدين لقيادة وزعامة الدولة الإسلامية أن يلتزموا بها ويطبقوها .
بمعنى أن لا يعتذر المتصدي للقيادة عن تقديم العون المادي والمعنوي للأمة الإسلامية بأي عذر حتى وان كان هذا العذر هو العبادة , فمع العبادة يمكن أن يقدم العون والمساعدة , وقصة تصدق الإمام علي عليه السلام بالخاتم هي خير شاهد ودليل , فيجب أن تكون أفعال وتصرفات هذا المتصدي أو ذاك في كل وضعية وفي كل حال من الأحوال فيها مساعدة , فيها منفعة , في عون فيها , فيها رحمة بالمؤمنين .
وهذا ما جسدته لنا المرجعية عموماً والسيد السيستاني خصوصاً إذ نلاحظ سماحته استغل كل مناسبة وكل فعل وكل حركة لجعلها في منفعة الأمة الإسلامية ولصالحها , والمطلع على سيرة السيد السيستاني " دام ظله الوارف " يلاحظ ذلك وبكل وضوح , إذ سخر سماحته " دام ظله " كل مناسبة واستغلها في النصح والإرشاد والتوجيه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , خدمة للعراق وشعبه خصوصا وللأمة الإسلامية عموما , وهذا باب من أبواب التصدق الحقيقي حسب قول رسول الله صلى الله عليه واله وسلم { الكلمة الطيبة صدقة } وقوله تعالى {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء } إبراهيم24 , هذا من جانب ومن جانب أخر فان سماحته " دام ظله " قد مد يد العون والمساعدة للمعوزين والمتعففين من أبناء العراق
ان سماحة السيد السيستاني ومنذ التسعينيات وتحديدا في وقت فرض الحصار على العراق , والى الان اعطى اجازة عامه لجميع مقلديه من العراقيين الذي بذمتهم حقوق شرعيه ان يصرفوها على فقراء مناطقهم ولايجلبوها لمكتبه في النجف الاشرف ولا يسلموها لاي وكيل من وكلائه بل اشترط عليهم سماحة السيد ان تعطى الاموال للفقير يد بيد وبلا واسطه وقال ان هذا يجعل المؤمنين يتراحمون فيما بينهم ولربما هناك فقراء لاتصلهم مساعداتنا فيكون صاحب الحق الشرعي قد بحث وتوصل للفقير ليبرء ذمته بتسليم المال له , فهذا يعني ان سماحة السيد السيستاني لايتقبل دينارا واحدا من المجتمع العراقي بل يريد ان توزع جميع اموال العراقيين على فقرائهم ... ومن الممكن جدا ان تسال اي تاجر عراقي من تجار الشيعه العراقيين من مقلدي السيد السيستاني وتساله كيف يتصرف بالحقوق باجازة السيد السيستاني وهذا الامر معروف عند الجميع وليعلم الجميع ان السيد السيستاني كزعيم للطائفه غير محسوب على العراقيين فحسب بل ان مقلديه في كل العالم وما العراق الاجزء يسير من مقلديه الذين هم بعشرات الملايين ولكن كون النجف هي عاصمة التشيع ومركز الاشعاع الفكري لدى الشيعه وهي باب العلم كون النبي قال : ( انا مدينة العلم وعلي بابها ) فهم بجوار باب مدينة العلم والا مقامه محفوظ في كل بلدان العالم ويقود شيعة العالم من النجف وعن طريق مكاتبه ووكلائه المنتشرون في اغلب بقاع العالم . وهذه ايران التي هي بالملايين فنصف الشعب الايراني هم من مقلدي سماحة السيد ويرسلون حقوقهم لمكتبه , لان اجازة التوزيع خاصة فقط بمقلديه في العراق من قبلهم .. وقد اعطى مقلديه في ايران اجازة بجزء من حقوقهم توزع على فقرائهم وقد بنوا من اموالهم التي اجازهم بها مستشفى جواد الأئمه لمعالجة مرضى العيون من الفقراء المؤمنين ... والعجيب ان البعض يعترض على ابناء بلد ان يصرفوا جزء من اموال الحق الشرعي الخاص بهم لمساعدة فقرائهم , ويتهمهم بانها اموال العراقيين.
قال تعالى {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً } .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat