صفحة الكاتب : د . مؤيد الحسيني العابد

صراعات من اجل الاستقرار في المنطقة!
د . مؤيد الحسيني العابد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


 لا تخلو الساحة العراقية منذ سنوات من تناحر إستخباريّ مهم وحسّاس على مستوى الساحة العراقية (بإعتبار هذه الساحة هي المركز في الصراع منذ عام 1990 وإن لم نبالغ منذ عام 1980 لأسباب عديدة لا مجال لذكرها هنا) وإمتداداتها على الساحة الإقليميّة. وقد أشرنا لأكثر من مرّة إلى أنّ دراسة الوضع في العراق وتحليله لا يخرج بنتيجة صحيحة، ما لم يكن هناك تحليل دقيق لمستوى الأحداث والتوقّعات على مستوى المنطقة. ففي الوقت الذي ضربت قوى الإرهاب ساحة من ساحات لبنان كنّا نتوقّع رجعا لهذه الضربة وتأثيراً لها على مستوى سوريا والعراق، وهكذا.

لقد ألقت القوى الخاصّة الإيرانيّة قبل فترة القبض على مجموعة من الجواسيس على الأراضي الإيرانيّة، وقد كان المدّ الإستخباريّ قد جاء من سورية التي ترتبط أوضاعها عموماً والميدانيّة خصوصاً بحكم ظروفها بالوضع العام والخاصّ في العراق. وفي النتيجة العامّة أظهرت المعلومات تشابكا في العمل الإستخباري ما بين الخلايا العاملة في العراق وتلك العاملة في سورية والممتدّة الى عمق أوربا، التي كانت تسعى بكلّ الاشكال الدفع بالإرهابيين الى الدخول الى سورية والقيام بالتدمير الممنهج الذي يمتدّ بالضرورة(المخطط لها!) الى العراق الذي تعرّض الى ضربات قويّة على مستوى الداخل منذ ثلاث سنوات وقد إشتدّت الضربات أكثر حينما جاء المدّ من أماكن أخرى، ونتوقّع المزيد حينما تقترب المباحثات القادمة ما بين إيران والدول 5 زائداً واحد وإقتراب موعد إنعقاد مؤتمر جنيف 2)، نعم لا تستغرب من هذا الربط!

في قضية المحكمة الدوليّة في قضية مقتل رفيق الحريريّ التي تبحث عن قاتليه (في الإطار العلنيّ! أمّا في الإطار السريّ فغير ذلك!) أشير الى أهميّة التحقيق حول شخصيّة إستخباريّة مهمّة في سورية وهو علي المملوك، حيث ساهم الأخير في إطاحة خلايا مهمّة تابعة للإستخبارات الغربيّة داخل سورية والحقيقة غير هذا! (ولا تخلو من عمل داخل العراق الذي يعتبر إمتداداً للعمل على مساحة أوسع لتلك الخلايا!). حيث يؤكد رجل من رجالات الإستخبارات العرب العاملين مع وكالات التجسّس الأطلسيّة الى أنّ العمل في مجال الإمتدادات الإستخباريّة على مستوى الجغرافية بلا أيّ شكّ تؤثر بشكل مباشر على القرارات السياسيّة للدول التي تعمل فيها هذه الخلايا أو محاولة ذلك! ويتمّ ذلك من ضمن ما يعمل به هو حالات الإختراق المدنيّ والأمنيّ للعديد من الخلايا الرسميّة العاملة في الدولة. وبالتالي تسعى الى تغيير مهمّ على مستوى السلطة السياسيّة التي تؤدي بها الى التسلّق للوصول الى مستوى القرار الأوّل في الدولة، كما حدث في بعض البلدان العربيّة! وتسعى هذه الخلايا، في دول أخرى، وهي الآن في مرحلة الإنتقال والترتيب المناسب! ولا يخفى ما لقواعد العمل هنا أو هناك من دور في تحريك مستوى اللعبة وتدويرها نصف دائرة أو حتى دائرة كاملة حول الهدف المرجو التغيير فيه!

للتوضيح وكمثال على ذلك: ما الذي حدث وقلب الموازين في سورية من إرهاب مسنود ومموّل من قبل دول عديدة في أوربا وأمريكا ودول أخرى عربيّة كالسعوديّة والإمارات وقطر والبحرين، الى الإنتقال الى حالة تنشيط خلايا مناهضة والدفع بها عكس الإتّجاه، وهي مازالت تعمل في نفس دول التمويل الهدّام السابق؟!

وتعمل الآن في لبنان عدد من الخلايا التي ترتبط بخلاياها في العراق وسورية وفي قواعد عديدة في دول الخليج للتهيئة لعمليّة تغيير محتملة في العراق والسعوديّة والبحرين والتغيير المهمّ القادم في لبنان!

ما الذي يجعل الإهتمام يتصاعد حول الأردن وهو البلد المعدم والفقير الذي لا ضرورة لمشاركته في عمليات تغيير محتملة إلّا من قواعد مهمّة تعمل وتتسابق للإيقاع بخصوم سابقين وحاليين!

لقد وقعت عدد من الخلايا المهمّة في أيدي سلطات سورية، التي غيّرت الكثير على مستوى العمليّات الإستخباريّة والتي إنعكست على العراق بشكل مباشر(لا ننسى ما لعمليّة السيد المالكي من تغيير في أسس التأثير على مستوى المنطقة، حيث كشفت أمور مهمّة في خيم الإعتصام وما حولها وفي بعض أجهزة الإتصال الموجودة في عهدة من ألقي القبض عليهم! وما لدور أجهزة بندر من تأثير مباشر على الوضع في الرمادي والذي لم يظنّ أقرب الناس لقرار الإرهاب في الخيم أنّ الإقتحام سيتمّ وأن العمليّة ستستمر بضرب الإرهاب الذي غيّر ويغيّر من الخطط الموضوعة على مستوى تدمير سورية والعراق والذي بدأت تخسره السعودية بشكل متسارع). وستستمر هذه الإنعكاسات على البلد أكثر وأكثر في الأسابيع القادمة والأشهر الستة القادمة كما نعتقد!

هل تعرف السلطات العراقيّة كيف وأين تعمل هذه الخلايا؟! لاشكّ بات لها العلم بالكثير بعد الأحداث الأخيرة! حيث تتلاعب هذه الخلايا بالكثير من الأمور في الأمن العراقيّ الحاليّ كما هو السابق، منظمات عديدة صحيّة ومنظمات مجتمع مدنيّ ومنتديات ثقافيّة وإقتصاديّة واعلامية وشركات مقاولات عديدة قسم منها يدخل في إستمراريّتها عدد من السياسيين الذين أقاموا لفترات طويلة في دول الغرب والذين عملوا مع أجهزة إستخبارات عديدة في العالم! سأعطيك نموذجا لعميل قد جنّد على أيدي مخابرات أمريكيّة للمشاركة في قلب نظام الحكم في سورية. ولست ممن قال هذا وانما موقع ومقالة نشرت قبل فترة: هذا الشخص ((قد تحوّل مع الوقت وبدعم غربي إلى "خبير اقتصادي" مع أنه حاصل على إجازة في الهندسة المدنية، إلا أنه للتغطية على مهنته الجديدة حصل على دبلوم في اختصاص مختلف، وأخذ يستعين بخبراته (المزعومة لأغراض أمنية) الاتحاد الأوروبي، وبعد دخوله المجال الإعلامي الجديد (الالكتروني) تلقى دورات عالية في العمل الأمني والتجنيد وجمع المعلومات وقيادة العمليات الأمنية ميدانياً في دمشق وفي القاهرة وفي لندن وفي لشبونة وباريس.وصل مدرّبوه مع وفد حواري أميركي زار دمشق في أعوام 2003 و2004 من ضمن وفد ترأسه النائب الأميركي كريستوفر كوكس، كما تلقى تدريبات إستخبارية على القيادة والتحشيد في القاهرة في شقة تملكها السي أي ايه هناك، وكانت حجّة سفره إلى هناك العام 2007 هي تدريب صحفيين سوريين على تغطية الانتخابات الرئاسية، وفي لندن أيضاً تلقى الرجل دورات شديدة التعقيد ولا تقدّمها المخابرات الأميركية إلا للعمداء والجنرالات.
وفي باريس وفي برشلونة تلقى الرجل تدريبات على يد خبراء الأطلسي الأمنيين تمكّنه من قيادة غرفة عمليات سياسية – أمنية، حيث كان من المفترض أن ينسّق لعملية الانقلاب على بشار الأسد من خلال مشاركته في حكومة إنقاذ وطني تحلّ مكان حكومة حزب البعث بصفته نائباً لرئيس الوزراء وزيراً للنفط وقد كان ينسّق منذ سنوات مع كل من مقربين من خدام ورفعت الأسد)).

انّ العملية التي يراد لها ان تستمر وتمتد الى العراق ولبنان وفق سيناريو متغيّر وفق الوضع الميداني في سورية والعراق حصراً. لذلك ترى التحولات السريعة التي تحدث للاسباب التي وردت آنفاً.

بعد الخسارات المتلاحقة للسعودية على ارض سورية والعراق بشكل كبير تسعى هذه الدويلة الى الانتقال الى ساحة لبنان بنشر الفتنة بين ابنائه والدفع بالخلايا الإرهابية للدخول الى الساحة اللبنانية بشكل اكبر مع توريط قادم للجيش مع المقاومة وبالتالي نشر الفوضى في البلد ثمّ ضرب طوق كبير حول مواقع المقاومة التي ستنكمش الى الداخل من سورية كما يعتقدون!! والتأثير المباشر سيكون كذلك على العراق ماقبل وبعد الانتخابات التي للاسف ستتأثر كثيرا بهذا الوضع مع تهديدات مستمرة للعديد من المرشحين كي تصعد فئات تكون في صالح التدمير السعودي الصهيوني الممنهج للعراق وسورية ولبنان والمنطقة! ومن خلال عدد من القوائم التي تشكّلت وتتشكّل بموافقة سعودية مباشرة وساحتها على الارض موجودة برغم بعض الاختراقات التي تكشف ذلك(تأمّل ظهور النجيفي في فترة من الفترات في قطر في الفترة التي ضيّقت فيها عصابات الاجرام على شعب سورية بدعم إستخباري واعلامي كبير من الرياض والدوحة وانقرة اردوغان، وقد اجتمع النجيفي عدّة اجتماعات مريبة تصاعدت بعدها الاشتباكات والتفجيرات في العراق عموما وبغداد خصوصا بشكل ملفت للنظر حيث وصلت تفجيرات بغداد الى اكثر من خمس عشرة سيارة مفخخة باستثناء العبوات وكواتم الصوت!!). هذه القوائم التي تسعى الى تغيير باتجاه يلتقي مع المشروع الشيطاني الذي مصدره الرياض والدوحة وتل ابيب.

لاشك في وجود قرار في اشعال الساحة اللبنانية والمنطقة من جديد بسبب الخسارة التي منيت وتمنى بها السعودية في سورية وفي الطريق الخسارة القادمة على ارض العراق. لن تنفع حكومة الامر الواقع اللبنانية والمليارات الثلاثة بحجّة تسليح الجيش اللبناني الذي لم يسلّح منذ حروب العرب بهذه الهمّة التي لم يعهدها الجيش ولا قياداته! الهبة السعودية (المشروطة سرّاً! بنوعية سلاح لا يشمل مقاومة طائرات ولا صواريخ دفاعية ضدّ الطائرات الاسرائيلية التي تغير على لبنان في جوّ مفتوح غير مواجَه!) هبة فتنة ونقل لفوضى مرتقبة وشراء ذمّة العديد من سياسيّ 14 آذار. والا ما معنى ان تكون محاولة لقتل قيادات من 14 آذار منها احمد فتفت والسنيورة ومروان حمادة، الا ان تشتعل في هذا البلد حرب طائفية اهلية كبيرة تتدخل فيها قوات دولية بحجّة حماية البلد لتضرب طوقها حول شباب المقاومة للمشروع الامريكي الاسرائيلي الرجعي العربيّ.

هل تأكّدت السعودية من وقوع هذه الاسلحة بايدي داعش والنصرة كما حصل في سورية؟! والا ما هذا التوجّه المفضوح من قبل إستخبارات آل سعود للفتنة وابقاء الرئيس سليمان في الحكم لفترة تكون قد نفّذت العديد من التوصيات حول الوضع في سورية والعراق؟! خاصّة بعد محاولة فاشلة أرادت تصفية بندر بن سلطان عن طريق السمّ، كجزء من الصراع على حكم المملكة.

إنّ العمليات المستمرة والتي نتمنى ان تبقى لفترة اطول لتنظيف العراق من المنظمات الإرهابية التي تريد تدمير العراق والمنطقة وتسليمها الى الإرهاب العالمي بقيادة الوهابية التكفيرية فقهيا وآل سعود سياسياً، اقول انّ هذه العمليات تأتي كردّ مناسب على توجّه المشروع الخبيث لتدمير المنطقة. والذي يحارب آل سعود بكلّ قواهم لتحقيقه. ولكن خاب ظنّهم لن يفلحوا!

د.مؤيد الحسيني العابد


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . مؤيد الحسيني العابد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/01/02



كتابة تعليق لموضوع : صراعات من اجل الاستقرار في المنطقة!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net