صفحة الكاتب : جاسم المعموري

عيد المرأة عيد المحبة والرحمة
جاسم المعموري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مرت ذكراك العطرة قبل ايام قليلة مضت , ولم تسعفني الاحوال ان اكتب لك شيئا , فما يجري اليوم في ساحات الحرية في وطننا شغلنا عنك مع ظروف الحياة الاخرى , حيث نكدح من اجل لقمة العيش , ونعاني الأمرين في ديار الغربة , ولكن ما كان يجب ان ننشغل عن ذكراك التي يصلي في محرابها الابرار .
    سيدتي .. انت المرأة الخالدة التي كتب الله تعالى الحج علينا من اجل ان نتذكر موقفها الانساني المفعم بالحب لوليدها العطشان , فنذهب الى مكة كل عام , ونركض هنا وهناك كما ركضت وهي تبحث عن الماء من اجل وليدها , ونشرب من ماء زمزم الذي تفجر تحت قدمي ذلك الوليد المقدس الذي يكاد قلبه الطاهر ان يتفجر رحمة ومحبة وسلاما للعالمين , ونقوم بكل تلك الشعائر اكراما لها , فلم تكن هاجر (ع ) رجلا , بل كانت امرأة وكانت أما حنونا , آمنت بربها وأحبت وليدها , فأكرمها ربها بذكر لايزول ابدا .
       ألست انت التي كلما دخل عليها زكريا (ع) المحراب وجد عندها رزقا , فيقول لها أنى لك ذلك , فتقول هو من عند الله , هنالك دعى زكريا ربه .. لماذا ياترى ؟ الم يكن زكريا نبيا ومريم لم تكن كذلك ؟ بلى , هو اراد ان يدعو ربه في تلك اللحظة , وذلك المكان بالتحديد , لأنه كان يرى حجم البركة ونوعها التي كانت تحيط بمريم (ع ) , فاستجاب الله تعالى له , ورزقه يحيى بعد ان وهن العظم , واحترق الرأس شيبا , اكراما لمريم , وتعظيما لشأنها , فهل أنزل الله تعالى الطعام على رجل من القريتين عظيم ؟  كلا , بل كانت امرأة احبت ربها واتقته فأكرمها .. ألست انت التي قلت ياليتني مت قبل هذا , وكنت نسيا منسيا , وأنت الطاهرة العفيفة الشريفة ..؟  ألست انت التي أسقطت عليك النخلة من ثمارها رطبا جنيا , رغم انها كانت شجرة ميتة قبل ان تلمسيها  ؟ .
     ألست انت التي أسقطت فرعون وأغرقته في اليم بعد ان تجبر وتكبر ؟ فلو لا أن أكرمك الله بحبك لموسى (ع ) , ورعايتك له عندما اصبحت له أما , هل كان سيصل الى فرعون ليسقط عرشه ويحطم جبروته ؟ . 
    ألست انت التي جعل الله تعالى ذرية حبيبه النبي الاكرم الاطهر (ص) فيها , فكانت كوثره الذي اعطاه له ربه , وانزل للتذكير والخلود من اجل ذلك سورة في القران إسمها الكوثر , أكانت الكوثر رجلا .. كلا بل هي امراة احبت ربها واتقته , فأكرمها بذرية ملأت الوجود عطاءا , وفضلا , وعلما , وخلقا , ورحمة , وحبا , وسلاما , ورفضا للظلم والعدوان والتجبر والفساد , وقدمت – هذه الذرية - دمها وحياتها وجهدها ووقتها , بل حتى حريتها وكرامتها من اجل الانسانية , مما جعل لنا الحق ان نفخر بإنسانيتنا على سائر خلق الله لأن ذرية فاطمة (ع) بشر مثلنا .
     ألست انت شريكة الثائر العملاق التي لو لاها ماعرفت البشرية نور الرسالة ولا معانيها , ولاذاقت طعم العدالة أو أمانيها , ولا انشدت للحرية أغانيها , فهل كانت خديجة الكبرى (ع ) رجلا  ؟  كلا , بل كانت امرأة أحبت ربها واتقته , فأكرمها وجعلها أول من آمن , فهل كان اول الناس اسلاما رجلا ؟  كلا , بل امرأة آمنت بالثورة وأعطتها كل شيء , وختمت حياتها بالشهادة , وهي محاصرة مهجرة من ديارها بين جبال خشنات يابسات , بواد غير ذي زرع سوى نبتة التحدي والشموخ .
     ألست انت التي كنت ملكة لاقوى البلدان , وحكمت شعبها بالعدل حتى صار أسعد الشعوب , واقترن اسمه بالسعادة , فاذا قيل اليمن قيل السعيد ؟ ألم تكوني ملكة الديمقراطية والشورى قبل عصر الديمقراطية هذا بآلاف السنين ؟ فتقولين لشعبك " ياأيها الملأ أفتوني في امري ماكنت قاطعة امرا حتى تشهدون " , أكانت بلقيس رجلا ؟ كلا , بل امرأة أحبت ربها , وكانت تبحث عنه حتى دلها عليه , وهداه الى نوره , وأحبت شعبها حتى جعلته اسعد الشعوب , فأكرمها ربها , وجعل ذكرها خالدا خلود آياته , وباقيا بقاء قرآنه.
     ألست انت المرأة الثائرة التي تملأ اليوم ساحات الحرية والتغيير والثورة في كل ازقة وشوارع الوطن الجريح المهان المستعبد المنهوب , لتعيدي اليه كرامته وحريته وحقوقه واستقلاله وأمنه ؟ واذا تأملت معي قليلا ستجدين انك لم تكوني حاضرة في تلك الساحات فحسب , بل انت من يفجرها ويقودها جنبا الى جنب مع شباب امتنا الغيارى الميامنين الطاهرين , لا , بل ازيدك علما , فانك لم تحضري ساحات الكرامة لوحدك فحسب , بل دفعت ابوك واخوك وزوجك واختك اليها , ولو لاك ياسيدتي لما انتبه العالم الى حجم الظلم الواقع على هذا الشعب العربي الكريم , فهل كنت رجلا ؟ كلا , بل انت امرأة آمنت بربها وشعبها ووطنها وثورتها , فأكرمها ربها وجعل منها صانعة للتاريخ , ومسؤولة تعرف عظم مسؤوليتها , حيث تشارك في صنع القرار .
    فهل من نعمة اكبر من هذه النعمة ؟ وهل من كرامة اعظم من هذه الكرامة ؟  ودعيني اودعك سرا , لو عرف الرجال قدر الكرامة التي منحت لك , لعرفوا طريق الجنة والخلود , ولكن لاينالها الا ذو حظ عظيم .
     واخيرا كان علي التوقف هنا , حيث لا اريد ان اطيل عليك – وان كان الحديث عنك ليس فيه اطالة وان طال – ولكن رب قائل من أولئك المتزمتين الذين لم يعرفوا بعد كيف يحترمون انفسهم بحبك واحترامك يقول : ولكنها ايضا حمالة الحطب التي في جيدها حبل من مسد , وهي آكلة الاكباد , وهي التي " كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما " وهي التي كانت السبب في حرب كذا وكذا .. فأقول له لكل قاعدة شواذها , وان من طبيعة الانسان , لاسيما المرأة التعلق والانشداد الى المثل والقيم العليا , والتعلم والتزود منها , فإن قصرت في شيء من هذا القبيل , فذلك لأنها لاتعلم , والسبب هو حجب العلم عنها من قبل أولئك الذين لايعرفون الله ولا رسالته ولا رسوله ولا القيم ولا الاخلاق . 
   فهنيئا لها عيدها وأسالها العفو لتأخري في تهنئتها ..
12 \ 3 \ 2011

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جاسم المعموري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/03/15



كتابة تعليق لموضوع : عيد المرأة عيد المحبة والرحمة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : ابو علي من : العراق ، بعنوان : عيد المراة عيد المحبة وارحمة في 2011/03/15 .

في يومك المبارك...
كل عام وانت بالف خير ترفلين بالامل رغم الالم
ولابد لي ان اشير في هذا اليوم الى مدى التهميش والتجاهل الذي عاشته المراءه حتى في يومها وعدم الاهتمام والالتفات اليها
حتى ولو بتهنئه!!
ما عاد يكفي ان نزمر ونطبل على صفحات الجرائد وعلى شاشات الفضائيات وندبج المقالات المحكمة البناء ونقول القصائد العصماء في المرأة،
واجبنا الانساني يفرض علينا ان نقف بحزم امام كل ما يعيق تقدم مشوار المرأة في نيل حقوقها الانسانية


كونوا عونا للقوارير...فقد اوصى بها الرسول ومنحها الرقي والمكانه التي تستحقها
بعد ان اوصت بها السماء وانزلت سورة كامله باسمها
فاي فخر تهمشوه ولاتغبطونا عليه!

تحية لك
من يطبق مفهوم نبي الرحمة عندما أوصى بك وقال (استوصوا بالنساء خيراً )
وينصفك ولو بكلمه صدق الى كل نساء المعموره.....والمراءه العراقيه خاصة
اسمى التحايا
تحية اكبار لكاتب المقال الرائع




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net