صفحة الكاتب : علي محمد البهادلي

النزاهة والفساد..والمواجهة الدامية
علي محمد البهادلي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

. وسال الدم ....هكذا كانت خاتمة الصراع بين الخير والشر بين الصالح والطالح، إذ إنه منذ بزوغ فجر الحياة الإنسانية على سطح هذا الكوكب تنازع أفراد الجنس البشري، نتيجة الدوافع الفردية والغرائز الحيوانية داخل أنفسهم. وهكذا بدأ الصراع يأخذ منحاه نحو التوتر ثم التأزم فالتقاتل، وكانت حصة الجريمة وسفك الدماء الأولى على سطح الأرض لقابيل، فأخوه الذي قدم قرباناً خالصاً من رواسب النفس الشريرة، ومن ثم تُقُبِّل منه، لم يرضَ ذلك قابيل الذي لم يُتقبَّل منه قربانه الملطخ ببصمات الفردية والأنانية والتسيد والاستحواذ، فكانت أول ردة فعل من قابيل أن قال ــ كما في سورة المائدة ــ: ( لأقتلنَّك) وهذه هي ردة فعل معسكر الشر في كل حركات الصراع بين معسكري الخير والشر من عهد قابيل وهابيل إلى يومنا هذا، لكن معسكر الخير المتمثل بـ (هابيل) دائماً كان يرد الرد الحضاري الراقي:(لئن بسطت إلىَّ يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين) فالمسألة التي ينبغي أن يعيها كل البشر أن أعمالهم مرهونة بنواياهم، فمهما عملت الدوائر الاستكبارية في سبيل تلميع صورتها المشوهة أمام شعوب العالم المستضعف، فإنها ستبقى يدها ملطخة بدماء البشر، وإن أعمالهم تلك كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً، وهكذا دواليك فبعد ابني آدم استمر هذا الصراع، فهذا نوح قال لقومه: ( ألا تتقون إني لكم رسول أمين) فكان الجواب الهمجي منهم :(قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ) وقوم هود سلكوا المسلك نفسه ، أما موقف قوم نبي الله لوط، فكان أكثر صراحة في رفض الحق والطهارة الروحية والعفة الجنسية، فقد واجهوه بأسلوب دنيء صريح، وما أصلف كلام وجهائهم إذ قالوا:( أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) وكذلك كان ضحايا الأخدود فلم ينقم منهم إلا أن يؤمنوا بالله وكانت فاجعتهم من أفظع المآسي التي جرت على البشرية :(قتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود إذ هم عليها قعود وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود)فكل هذا الصراع المرير بين الحركات الإصلاحية والحركات الإفسادية كانت نهايتها تراجيدية ، وكان الطرف المسفوك دمه دائماً هو طرف الإصلاح.واليوم ونحن نعيش أربعينية شهداء النزاهة والإصلاح لا بد من وقفة، فنحن لا نشط بعيداً عن موضوعنا هذا، فهو في الصميم منه إذ تجلى الصراع بين النزاهة والفساد في أوضح صوره في تفجير مكتب تحقيقات الرصافة ، وكلنا يعلم أن مكتب تحقيقات الرصافة التابع لهيئة النزاهة، مهمته مهمة تحقيقية، فهو ينظر بقضايا الفساد وشكاوى المواطنين بهذا الخصوص، ويقوم المحققون بالتحقيق في هذه القضايا لعرضها على القضاء العراقي ليصدر الحكم القاطع بخصوص هذه القضايا وأصحابها، إذاً مهمة هؤلاء العراقيين الشرفاء مهمة راقية وغايتهم تطهير البلاد من براثن الفساد والمفسدين؛ لأن خطرهم على البلاد كخطر الإرهابيين، بل هم والإرهاب في جبهة واحدة ضد أبناء الشعب العراقي، وهكذا كان الصراع بين النزاهة والفساد تدرَّج من مرحلة التهديد والوعيد إلى مرحلة الاغتيالات إلى أن كلله الإرهابيون ومشيعو الفساد إلى المرحلة الدامية الكبرى بتفجير مكتب تحقيقات الرصافة، وقد هوّن علينا مصابنا بإخوتنا من شهداء النزاهة أن مصابهم بعين الله، وأن ما جرى عليهم هو عينه ما جرى على كل محاربي الفساد والرذيلة، فسلام عليكم يا إخواننا يوم ولدتم ويوم حاربتم الفساد ويوم استشهدتم مرتفعة أرواحكم حيث حظيرة القدس مع الأنبياء والمرسلين والشهداء والصديقين وحسن أؤلئك رفيقاً


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي محمد البهادلي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/12/24



كتابة تعليق لموضوع : النزاهة والفساد..والمواجهة الدامية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net