الشيخ علي الشجاعي مفكـراً , خطيباً , مربياً
ابواحمد الكعبي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ابواحمد الكعبي

كان استثنائيا، ولم يكن خارقا أو معجزا.. لأنه تحول من شخص إلى مؤسسات لا مؤسسة واحدة، تعمل في كل الحقول الإنسانية، ويوميا، وبشكل لا يُضاهى في التنظيم والدقة والإنتاجية والنمو
إن وسطية الشيخ علي الشجاعي وعلمه دعته إلى تحرير المساحات المشتركة بين المؤمنين، وإخلائها من الالتباسات الضارة، والدغل القاتل، والمعوق للتوحيد في تجليه بالوحدة.. فعاد إلى الذاكرة الشيعية ينقيها مما اعتبره زيادة أو ورما.. هادفا إلى تأسيس توجه إسلامي مشترك نحو المستقبل الصعب، بدلا من العودة التجزيئية إلى الماضي السهل.
كمّ وافر ونوعي من المقاربات الفكرية الحضارية والإنسانية، التي ترى في الدين ما لا يراه سكان الكهوف اللائذون بصمت العاجزين. لقد قتل الوقت بالعمل.. حتى كان يومه يبدو كأنه، من حيث سعته، شهر تام.
وعندما تصدى للخطابه الحسينية فكان احد القامات الشامخه في مجال الخطابه الحسينيه فهو خريج حوزه النجف الأشرف
الشيخ الشجاعي خطيب المعي وباحث متمرس صبور وصاحب حجة في الاقناع قرع الحجة بالحجة فافحم واوفى
وجعل للمنبر الحسيني مكانة سامية وسخره للعلم والمعرفة والبحث والاستقصاء فصار عالماً وخطيباً لمن ولجوا عالم المنبر الحسيني وله بصمات واضحة على الدور الاعلامي والتربوي والبحثي .
يحتاج شبابنا اليوم إلى أن يتوقفوا عند هذه المنارة ليستلهموا منها درساً تربوياً في مجال صناعة الشخصية، وَإثبات الذات، وَتطويع ظروف الحياة.
فنقول أن هناك شخصية صنعها المجد العائلي، وَهناك شخصية صنعتها الثروة أو الإعلام، وَهناك شخصية صنعتها الأسرة التي تعبت عليها، وَهناك شخصية هي التي صنعت الحياة وَقادت الزمن لها لما تتمتع به من مواهب خلاقة وَإرادة تقهر الظروف.
تلك هي شخصية الشيخ الشيخ علي الشجاعي قدس سره
أن النفس الكبيره الشامخة التي أدركت أن مقاييس النجاح ليست مادية دائماً بل غالبا ما تكون غيبية تدور مدار إخلاص الإنسان وَصفاء باطنه.
وَأدركت أيضاً أن لها مواهب خلاقة وَطاقات عملاقة وَقدرات ذاتية تستطيع ببركة الإخلاص لله وَالتوكل عليه أن تصبح بمرور الوقت قيادة روحية وَمعرفية وَأدبية للمنطقة بأسرها؛ أبت أن تضحي بهذا الزخم الهائل من الطاقة لأجل مواجهة الفقر فليس الفقر عيباً يخدش العظمة.
وَإنما العيب في الإستسلام للظروف الخانقة فخاض المصاعب بإرادة حديدية لا تلين مصرة على طلب المعرفة وَكمال الذات في حقل الفقه وَالفكر وَالأدب.
استمر في العطاء المتنوع الذي لا ينضب وَلا يجف؛ إستاذاً دؤوباً على تدريس الفقه وَالأصول لطلابه، وَمرشداً روحياً متنقلاً طوال السنة بين مناطق البلاد المختلفة، وَمعتكفاً على التأليف وَالتصنيف واستاذ في الخطابه الحسينية وَيداً أمينة تأخذ الحقوق الشرعية من ممن تعلقت بذمته لتوصلها لمئات العوائل المعدمة من دون إعلام وَلا ضجيج.
حتى تمخضت سنوات العطاء وَالتضحية وَالصبر عن أكثر من تصنيف وَعن رصيد ضخم من الحب وَالتقديس وَالعظمة في نفوس المجتمع بأسره.
نعم لقد أصبح الشيخ علي الشجاعي الشخصية القيادية في المجال الروحي وَالعلمي وَالديني، وَذلك بفضل التوفيق الإلهي، وَبفضل قوة الإرادة وَروح التحدي التي أذلت الصعاب وَقهرت الظروف وَصنعت المستحيل.
إلى أن وافاه الأجل صباح يوم الإثنين الموافق 16-12-2013م وذلك في مدينة قم المقدسة في جمهورية إيران الإسلامية بعد عودته من الكويت حيث كان يعتلي المنبر في الحسينية الجعفرية العامرة بدولة الكويت , وذلك إثر سكتة قلبية , في تمام الساعه الثالثه في قم المقدسة
وَفي الختام حقيق بنا يا إخواني وَأبنائي من طلبة العلم الديني وَشبابنا الجامعي وَأبنائنا المؤمنين أن نستقي من هذه السيرة العطرة قوة الإرادة وَمواصلة التعلم حتى الوصول لأعلى الشهادات في مختلف التخصصات، وَعدم الإنهزام أمام الظروف المادية وَالسياسية الخانقة، وَأن نصنع لبلدنا مجداً معرفياً شامخاً فنحن قادرون على أن نقود الظروف لا أنها تقودنا.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat