صفحة الكاتب : حمزة علي البدري

البرلمان الجديد بين الواقع والتوقع ..!؟
حمزة علي البدري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
  تجربة برلمانية مرة عاشها الشعب العراقي الصابر,  ولم يجني منها الحد الأدنى من طموحاته الملحة , التي تتبلور في الخدمات والانجازات وأساسيات الحياة كالأمن والصحة والماء النقي والكهرباء وفرص العمل ... كما ان البرلمان قد اعطى صورة سيئة وشاذة للعالم عن ادائه المدان واستئثاره بامتيازات ضخمة وغير مقبولة ومعقولة , وقد استنكرها حتى نخبة من البرلمانيين الاصلاء ,  حيث أكد البرلماني محمود عثمان بتاريخ 2 / 1 / 2010 في قناة البغدادية حيث قال ( ان البرلماني العراقي يتقاضى اعلى راتب في العالم ) كما قد اكدت النائبة مها الدوري في نفس القناة يوم 15 / 11 / 2009 قائلة ( ان البرلمان ميت سريريا ) وان عضو البرلمان عالية نصيف قد انتقدت أداء البرلمان بشدة , وقد نهض نخبة من البرلمانيين في إدانة سلوك وتسلكات البرلمان :  كمثال الالوسي ووائل عبد اللطيف و حميد مجيد وصباح الساعدي وبهاء الاعرجي وشذى الموسوي وكثير غيرهم ... وان من نافلة القول ان البرلمان قد غطس في بحيرة السلبيات المريرة , ولم يفاجيء الشعب بمنجز تاريخي كبير يحضى بإعجاب الجماهير ... وان الانجازات العملاقة العظيمة المتفردة قد حجزها ونفذها لصالحه ولصالح كتلته او حزبه وضمن امتيازات متزايدة له ولعائلته ولسنوات ممتدة ... وان البرلمان المنتهية ولايته قد استوقف المتتبعين له بعدم التزامه بالانسجام والوئام  بين اطرافه المتعددة بل عاش طيلة الفترة الغير ماسوف عليها من عمره في تشاحن وتطاحن وتخندق من اجل اهداف مشبوه ومصالح ذاتية ومنافع انانية هي عندهم  اغلى واسمى واعلى من جراح الوطن والمواطنين ... فكل من يقبع تحت قبة البرلمان من الكتل كافة ,  توحدهم منافعهم الانانية ومصالحهم الانتهازية  , وماربهم الذاتية ,  وتشرذمهم انتماءاتهم الطائفية والسياسية , وتمزقهم أراؤهم المتضاربة ,  وافكارهم المتصارعة ,  وخلفياتهم المتناقضة  , ومرجعياتهم الاقليمية والدولية المفضوحة والمقنعة , وان همهم  ليس مستقبل ومصير الشعب والوطن ,  ولهذا  اتضح لكل ذي بصر وبصيرة بان هذه المرحلة اسوء مرحلة انتخابية مر بها العراق الجريح ,  وانها متخمة بالتناقضات والسلبيات ,  وغارقة بالتطاحنات والمشاحنات ,  - فكل العلل في هذه الكتل -  التي تتعارك وتتصارع وتتزايد من اجل منافع مفضوحة ومكاسب غير مشروعة  .
نعم انها مرحلة برلمانية خائبة وفاشلة ومدانة ,  وقد غرقت بالسحت الحرام ,  الذي سيعيشون به وعوائلهم لسنين متوالية ومتتالية , والشعب المبتلى يصطلي باتون الفقر والفاقة والبؤس والحرمان ... وان المؤلم جدا والمرفوض من كل الشعب ان يتقاضى هؤلاء البرلمانيون راتبا تقاعديا لفترة عمرها اربع سنوات ,  فليسمع العالم كله هل هذا القرار جائز او يجوز ..!؟ ماذا قدموا وماذا حققوا للشعب كي ينالوا هذا الاستحقاق ..!؟ وهل في التاريخ شاهدة ان موظفا يفني عمره في الخدمة الوظيفية  وبكل شرف ونزاهة ولمدة أربعين عاما ويتقاضى راتبا تقاعديا لا يتجاوز الأربع مئة ألف دينار ( 400000 ) في حين البرلماني يتقاضى تقاعدا خرافيا يتعدى العشرين مليون او اكثر او اقل  , علما بان دوامه في البرلمان متعثر ودائما متغيب وقسم منهم قد يحضر للبرلمان بين اجتماع واخر لانه يعيش خارج البلاد ,  فاي برلماني هذا الذي لا يشاطر الشعب همومه وفواجعه ..!؟  فهل ان الذين انتخبوه ارادوا له ان يتمتع هو وعائلته في خارج الوطن ,  وهم يكتون في جحيمه , والذي اريد قوله بصراحة ان تقاعد البرلماني كثير عليه المليون دينارا ,  فخافوا الله ايها البرلمانيون وان الشعب ساخط عليكم متذمر منكم ,  وان مرحلتكم الانتخابية ستظل لا فتة تاريخية تشير الى مرحلة برلمانية مدانة عاشها عراقنا الذي يرتقب ولادة برلمان جديد .
اما البرلمان الذي ستتمخض عنه الانتخابات الجديدة فانه يتحمل مسؤوليات جسام ,  ومهمات عظام ,  وانه سيظل تحت المراقبة والمبضع وسيبقى على المحك النقدي طيلة مدته المحددة ,  وفي امتحان عسير ومتواصل ,  فمن اولى مهماته الاساسية ان يدين اداء واجراءات البرلمان السابق الذي ترك ورائه اكداسا من القرارات المهمة ولم يبت بها انما رحلها لكم ايها البرلمانيون الجدد ,  وهذا يدل على تردي الاداء وعدم تحمل المسؤولية الوطنية بشرف وامانة ,  فكيف يجوز لبرلمان انهى اربع سنوات ولم ينجز اعماله ومهماته الصعبة التي بها فوائد جمة ومنافع كبيرة لهذا الوطن المنكود ولهذا الشعب الذي لم يحصد من المرحلة السابقة سوى المتاعب والمنغصات والسلبيات المرة والمريرة .
اننا الان نتحرق شوقا لنتيجة المخاض العسير للانتخابات التي تشرق علينا , فاننا بانتظار الوليد الجديد الذي نامل ونتمنى ان يكون معافى مشافى من كل مرض او عوق او علة .. وان كل المواطنين ايديهم على قلوبهم ,  ويفترسهم الارق والقلق عن ولادة البرلمان المنتظر ,  الذي سيمر بأقسى امتحان يبرهن فيه عن مصداقيته ووطنيته وحرصه وتفانيه ,  من اجل تحقيق طموحات الشعب ,  التي مازالت معلقة على جدار الانتظار . 
 فالبرلمان الجديد تشمخ امامه تركات ثقيلة من المخالفات الاختلافات والسلبيات التي تحتاج الى غربلة ونخل دقيق , فالبرلمان المرتقب تقع على كاهله مسؤولية استئصال الفساد الاداري والمالي والسياسي ,  مع الغاء المحاصصة المدمرة ,  وكثيرة هي التركات الثقيلة التي خلفها البرلمان ( الراحل ) وان البرلمان الجديد يظل تحت الاضواء والمتابعة والنقد ,  لان الشعب يختزن في قلبه تجربة مهلهة ومؤلمة طافحة بالمخازي والماسي , لذا فانه ينظر للبرلمان الجديد بعين التوجس والريبة والتخوف ,  لانه ملدوغ لدغات لاذعة ,  ومقروص قرصات موجعة مازالت اثارها دامية على جسده المتعب والمثقل بالجراحات التي لم تندمل بعد .
ان البرلمان الجديد من اجل ان يظل يعيش في ضمير الشعب يجب ان ينهض بالمهمات والمسؤوليات الآتية : 
أولا .. يجب ان يدين بجرأة وصراحة ممارسات البرلمان السابق ,  والسلبيات التي اقترفها ,  ويسمي الاشياء باسمائها الحقيقية بلا مجاملة او تزويق او تنميق انما يضع النقاط على الحروف .
ثانيا .. لا شك بان رواتب البرلمان السابق خيالية ومرفوضة من كل الشعب ,  وحتى من كل العالم ,  لذا يجب على البرلمان الجديد ان يخفض الرواتب الى راتب مقداره من ثلاثة الى خمسة ملايين دينار وهذا ليس بقليل قياسا الى رواتب موظفي الدولة , كما يجب النظر بدقة الى امتيازات وحمايات البرلمانين فيجب ان تكون حماية أي برلماني لا تتعدى ثلاثة اشخاص مع تحديد العجلات المرافقة للنائب ,  وتحدد بنسب معقولة ومقبولة لدى الشعب  , كي لا يكون في العراق انسانا متخوما واخر محروما , كما يجب الغاء الامتيازات الملفتة للنظر كجوازات السفر للنائب وعائلته ,  والقطع السكنية المختارة على اذواقهم  , علما بان أي منهم يمتلك بيتا مقبولا ,  فلم هذا التوزيع لتلك القطع التي يحتاجها الكثيرون من ابناء الشعب المحروم . 
ثالثا ... التاكيد بصورة جدية وحاسمة على تقاعد البرلمانيين ,  فيجب ان لا يتجاوز الراتب التقاعدي للبرلماني الى اكثر من مليون دينار,  واذا كان البرلماني موظفا سابقا فلا يمنح تقاعد ,  انما يعاد الى وظيفته السابقة كما فعل انذاك اسوء واقذر حكم في العالم هو حكم المقبور صدام .
رابعا .. على البرلمان الجديد ان يعكس صورة مغايرة للبرلمان السابق الذي كان غاطسا في خضم الخلاف والاختلاف والمحاصصة والمزايدات وتبادل الاتهامات , فالبرلمان الجديد يجب ان يترفع عن وحل الانانية والذاتية والنفعية ,  ويتمسك بالصراحة والمكاشفة , ولا يتجمد على عقد الماضي ,  ولا ينزلق في مهاوي الصراعات والتصادمات التي تمزق الصف الوطني وتثير نعرات العنصرية والطائفية ,  التي لا تفرز الا التفرقة والتمزق والانقسام ,  وان كل ما تقدم لم يعود للوطن والمواطن بالنفع والفائدة .
خامسا .. ان البرلمان الجديد مدعو بقوة وبالحاح الى الوقوف بحزم وصرامة ازاء ظاهرة الغياب عن حضور الاجتماعات ,  ويجب انزال عقوبات مشددة بحق من يتغيب عن الاجتماع ,  بقطع راتب عن اليوم الذي يغيب فيه  , واذا تكررت غيابات النائب فيجب اتخاذ قرار بانذاره ثم الاستغناء عنه لقطع دابر التسيب واللامسؤولية , وهنا يجب تحديد الغائبين عن الاجتماع بصورة علنية وبلا مجاملة ولا تستر .
سادسا .. يجب على البرلمانيين الجدد التواصل مع المحافظات التي انتخبتهم وذلك بالزيارات المتكررة وتحقيق طلبات المواطنين  , لانهم بذلك يعطون صورة واضحة للوفاء والاخاء .
سابعا .. على النواب الجدد ان ينسجوا بينهم منظومة من القيم والتاخي والتصافي ,  ويتوحدوا على المشتركات المركزية ,  ويجب ان لا يضيع ويتلاشى الشرفاء في الكم الهائل من الفاسدين والمفسدين ... وان البرلمان الجديد يجب ان لا يجعل العراق دولة سلطة متسلطة وحكومة حاكمة ومتحكمة بهواها ,  بل دولة اهداف ومستلزمات وطنية وشعبية تسود فيها لغة التفاهم لا لغة التصادم , لغة الولاءات للشعب والوطن والمباديء لا لغة الامتيازات والمصالح ,  ويجب فضح الانتهازيين والمتهالكين على المكاسب والمراتب ,  ويجب ان لا تسود الشعارات على حساب المشاعر والمثل والقيم , فلكل يريد برلمان خدمات لا برلمان امتيازات يحول العباد الى عبيد .
ثامنا .. ان البرلمان الجديد مدعو الى تحمل مسؤولية توفير مواد البطاقة التومينية المتعثرة , فالشعب ينتظر ما يحقق ارادته وطموحاته الملحة  كقانون حماية الصحفيين ,  و قانون الاحزاب والانتخابات ,  وقانون للمتقاعدين بصورة مضمونة ومستمرة ,  وتفعيل قانون نزع الملكية وغيرها من الكثرة الكاثرة من القوانين المعطلة  , اوالقوانين التي اقرت ولم تنفذ لحد الان  , مع التاكيد المتواصل على استئصال بقايا الطائفية والعنصرية والمحسوبية والمنسوبية , هذه الاورام السرطانية الفتاكة التي دفع الشعب العراقي ضرائب فادحة عنها ,  كما يجب الانتباه والمتابعة لظاهرة  التعيينات الكيفية والتي لا ترتكز على الكفاءة والشهادة والاختصاص ,  فان هذه الأولويات لو انجزها البرلمان الجديد فانه سيدخل التاريخ من اوسع ابوابه  , وسيظل برلمانا متألقا في عالم العطاء والانجاز ,  ورمزا عاليا في سماوات المجد والاعتزاز  .
فالشعب يمنح ثقته المطلقة وولايته المتجددة للبرلمان الذي يجسد رغبات المواطنين ,  ويصون الوطن والمواطن بكل شرف وأمانة ومسؤولية وبدون منة وتبجح وادعاء . 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حمزة علي البدري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/03/12



كتابة تعليق لموضوع : البرلمان الجديد بين الواقع والتوقع ..!؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net