صفحة الكاتب : بشرى الهلالي

ويل لنا ان كان ماقاله محمد (حقيقة)
بشرى الهلالي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

محمد شاب في العشرينات من عمره.. يمتلئ حيوية ونشاطا.. جمعني به عمل منذ بضعة أشهر فأحببته كاخي الاصغر أو كإبن لي.. وهو يكن لي المحبة والاحترام. لم أتحدث معه في أمور تخص الدين أو الطائفة، وكونه يحب المرح فقد كنا نتبادل بعض النكات او التعليقات التي أصبحت الظائفية مادتها في السنوات الاخيرة، وبما اني لاأميل لجهة محددة فلم يعرف محمد الى أي طائفة أنتمي حتى أخبره أحد الزملاء بذلك قبل يومين في لحظة مرح أيضا. كان رد فعله مفاجئا جدا لي، كاد ان يفقد صوابه وهو يكتشف ان المرأة التي يعمل معها منذ أشهر هي بمثابة عدوة له، كونها من طائفة أخرى. بين الضحك والألم حاولت ان أشرح لمحمد بأننا جميعا في نفس المركب وان الغبن والتهميش الذي يتعرض له السنة كما يظن، هو نفسه واقع على الشيعة، فمن يتمتع بالامتيازات هم طبقة معينة من الشيعة، وهناك الكثير الكثير منهم ممن يعاني الحرمان والفقر والملاحقة.

 قال لي: انتم سلطة، وأية سلطة أمتلكها أنا وأمثالي ممن نجري خلف لقمة العيش ونقاتل للحصول على أبسط الحقوق؟ لكني شعرت كمن يحاول ليّ الحديد بيد خالية. 

كنت في الصف الخامس الابتدائي حينها، طالبة في مدرسة في محافظة كربلاء المقدسة ذات الصبغة الشيعية،  وليس فقط الأغلبية الشيعية. سالتني احدى زميلاتي: هل انت شيعية ام سنية؟ لم اعرف الجواب. عدت الى البيت لأسأل والدتي عن معنى ذلك، وبّختني قائلة: كلنا اسلام يمه، لكنها أوضحت لي معنى ذلك.

 وفي نهاية الثمانينات، عندما كان البلد منهكا، يخوض حربا مع ايران- الدولة الشيعية- التي تحارب نظاما – سنيا- كانت همومنا واحلامنا نحن شباب الجامعة تنحصر في الحرب والمستقبل والعمل والحرية و و.. انتهت الحرب وغادرنا الجامعة ولم نعرف هوية بعض زملاؤنا وزميلاتنا الطائفية. ويعرف الجميع ان الحرب العراقية الايرانية ابتلعت الاف الشباب سنة وشيعة ومسيح وصابئة حتى تساءل بعضهم: هل كانت حربه حقا، ام هي حرب الوطن؟

لم ابتعد عن البلد خلال سنوات الحرب الطائفية الماضية، بل عشت كل تفاصيلها وتعرضت للخطر اكثر من مرة شاني شأن كل من آثر البقاء في بغداد -على وجه الخصوص- مختارا او مرغما. سمعت الكثير من القصص والروايات، وشاهدت وقرأت آلاف الاخبار في الصحف والقنوات عن مقتل شيعة على يد تكفيريين ومقتل سنة على يد ميليشيات وعمليات خطف وتهجير.. اعرف كل ذلك، لكني كنت دوما على قناعة بان الفتنة الطائفية كانت تثار في تصريحات السياسيين الذين زرعوها بأحقادهم ومصالحهم الخاصة وجندوا مقاتليهم ليحارب بعضهم بعضا، حيث ان لكل برلماني ميليشيا (كما ذكر رئيس الوزراء يوما في خطابه امام البرلمان وهو يهدد ويعد بكشف الاوراق). 

 نعم هذا ماكنت اظنه، وكنت أرفض تماما أي رأي يتّهم عامة الشعب بالطائفية، فكيف لي ان أكره جاري او صديقتي او زوج أختي واولادها؟ حتى جاء هذا اليوم الذي تغيرت فيه ملامح محمد من حب الى قلق ونفور، فأدركت إن ماقاله حقيقة ماكنت أدركها تماما.

 اذا كان محمد ابن العشرينات يمثل جيلا حاقدا من هذه الطائفة، يقابله جيلا حاقدا من الطائفة الأخرى، فكيف سيكون مستقبل هذا البلد؟ ويل لنا ان كانت هذه هي الحقيقة، فأمثال محمد سينجبون جيلا ليزرعوا فيه الفتنة؟؟ فهل انتقلت الحرب الطائفية من الشارع الى رؤوس الشباب لتغتال احلامهم وتستقر مكانها؟ ويلكم من ساسة ورجال دين، كيف سوّلت لكم أنفسكم سلب أحلام وحياة محمد وجيله وأي عار سيلاحق تأريخكم وقد مزقتم أمة كانت تقتات على الحب؟

Alhelali_bu@yahoo.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


بشرى الهلالي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/11/20



كتابة تعليق لموضوع : ويل لنا ان كان ماقاله محمد (حقيقة)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 2)


• (1) - كتب : بشرى الهلالي ، في 2013/11/25 .

هذا بالضبط ماسيحدث استاذ ابو الحسن، فقد أساؤوا بحكمهم سنة وشيعة الى دينهم وطوائفهم وقبل ذلك الى شعوبهم.. شكرا

• (2) - كتب : ابو الحسن ، في 2013/11/21 .

للاسف الشديد سيكتب التاريخ ان الشيعه حكمت العراق من2003 الى ان تنتهي المحاصصه وقد حسب نوري وبطانته ظلما وعدوانا على الشيعه والشيعه والمسلمين منهم براء ومن افعالهم وسرقاتهم وجرائمهم التي لا تمت للشيعه بصوره خاصه وللاسلام بصوره عامه
اي مذهب شيعي بربكم يمثله عبد الفلاح السوداني وحسين الشامي وعلي الشلاه وصلاح عبد الرزاق وكمال كيمياوي وغيرهم من الحثالات
للاسف الشديد اول من دق اسفين الطلاق هو كذبه مجلس الحكم يوم قسموه الى 13 شيعي و12 سني من هنا تغذت الطائفيه التي اصبحت الاكسير الناجح لبقاء هؤلاء الحثالات اذا لا ساسه العراق الشيعه ولا ساسه العراق السنه يستطيعون البقاء في الكراسي الا بتغذيه النعرات الطائفيه فانا لله وانا اليه راجعون




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net