ذبيحتان في الكتاب المقدس احتارت المسيحية في تفسيرهما
إيزابيل بنيامين ماما اشوري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
إيزابيل بنيامين ماما اشوري

في طرح غريب فاجأ الأب انطوان شيخو قلت له : هل تعلم ان المسيحيين أخذوا فكرة الذبيح من نبوئتين وردتا في الكتاب المقدس وهما ذبيح شاطئ الفرات وذبيح بصرة ولكن المشكلة ان المسيحية تبين لها فيما بعد أن الذبيحين في العراق وليس في فلسطين حيث يعيش يسوع ومن هنا اهملوا نص ذبيح شاطئ الفرات وذبيح بصرة وتمسكوا بأصل الفكرة فجعلوا من يسوع وذبيحته الفدائية هي الضحية التي ضحت بحياتها من اجل المبادئ الحقة للدين ومن اجل الناس . حيث ان الذبيحة التي لله والتي سوف تقع على شاطئ الفرات كانت فكرة سحيقة جدا وسابقة للمسيحية وتبنتها حضارات شتى انعكس في المراثي البدائية للإنسان كل دين يقول ان هذه النبوءة سوف تتحقق في ضمن اطار دينه فهو المعني بها .. ولكن المسيحيين اصيبوا بالصدمة عندما يقرأون ان يسوع عُلق وصُلب ولم يُذبح . فقال الاب شيخو . نعم صحيح وهذا معروف ومدون في الأدبيات القديمة المفسرة للكتاب المقدس . ولكن لماذا تبحثين في ذلك ؟؟
قلت له لا شيء المهم انك اعترفت بأن ما اقوله صحيح . قال نعم صحيح كانت اليهودية تترقب هذا الذبيح ثم انتظرته المسيحية ولكن خاب امل الجميع ثم بعد ذهاب يسوع اندثرت القصة ، ولكن بقى الترقب في القلوب حتى جازف بعض الاباء وقال ان يسوع نفسه سوف ينزل ثانية إلى الأرض ويُذبح ليكون هو الذبيحة المذكورة . فقلت له لا لم تندثر لأن رهبان الجزيرة العربية كانوا يعرفون ذلك ودونوه على صخرة وحفضوها في نجران ــــ وهي التي أشار لها أحد المطارنة في حديث على اليوتوب ــــ.
فقال ولكن لماذا تركزين على ذلك ؟
قلت له : لأن المسيحية بالغت كثيرا في هذه المسألة ولكنها في آخر المطاف نسبت ذلك إلى يوحنا حيث قالت بأن المذبوح هو يوحنا المعمدان .
قال صحيح .
قلت لا ليس صحيح ، أولا لأن يوحنا المعمدان لم يُذبح على الفرات ولا في البصرة.بل ذُبح في قصر الامبراطور في فلسطين ولم تذبحه جيوش بل ذُبح بطلب عاهرة من عاهرات القصر. اضافة إلى أن يوحنا اللاهوتي لم يشر إلى ذبيحة المعمدان المعاصر ليسوع بل اشار إلى ان هذا الذبيح سيبقى ذكره إلى الأبد وقد استقى يوحنا ذلك من انتمائه السابق لأن اليهود كانوا يعرفون ان هذا الذبيح سوف يبقى إلى الأبد إما دينه يبقى للابد ــ محمد ــ واما ذكره يبقى للابد ــ الحسين ـــ كما في النص : هذَا اسْمِي إِلَى الأَبَدِ وَهذَا ذِكْرِي إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ. فكانوا في البداية يعتقدون انه يسوع ولكن عندما قال لهم يسوع انه سوف يرتفع تعجبوا وقالوا له كما في إنجيل يوحنا 12 : 34: ((فأجابه الجميع: نحن سمعنا من الناموس أن المسيح يبقى إلى الأبد، فكيف تقول أنت إنه ينبغي أن يرتفع إبن الإنسان؟)) . وهذا النص يُفند مزاعمهم بأن المذبوح يسوع او يوحنا المعمدان .
يضاف إلى ذلك ان يسوع سوف يأتي في آخر الزمان لا لكي يُذبح حتى تنطبق عليه مصاديق النبوءة . لا . إنما ليسوع دور خطير في احياء الاموات الذين كانوا يتمنون بصدق ان يخرجوا مع يسوع والقائم ليُقاتلوا بين يديهم ويُحققوا حلم دولة العدل الإلهي ، ولكنهم ماتوا ولم يتحقق لهم ذلك وبقي هذا الرجاء في قلوبهم، ولذلك سيكون دور يسوع الأول في عملية يوم الخلاص الأكبر انه يكوّن جيشا عقائديا كثيفا من هؤلاء المخلصين بعد أن يُحييهم لأن الرب تعهد لهم ان يُحقق لهم هذه الأمنية ولما كانت معجزة يسوع احياء الموتى ايضا فإنه سوف يتكفل بذلك وهذا ما نراه واضحا في يوحنا 5 : 26 : ((الحق الحق أقول لكم تأتي ساعة وهي الآن حتى يسمع الأموات صوت إبن الله والسامعون يحيون)) . وهناك نص عالي المضامين جدا يذكره المسلمون يؤيد ما اذهب إليه في انهم يطلبون من الرب ان يُحقق لهم امانيهم في ان يبعثهم من قبورهم مأتزرين اكفانهم لنصرة القائم والغريب في الامر أن هذا الدعاء يبدأ بذكر التوراة والانجيل والزبور كما في دعاء العهد ((اللهم رب النور العظيم ورب الكرسي الرفيع ورب البحر المسجور ومنزل التوراة والانجيل والزبور ــــ إلى قوله ـــ اللهم ان حال بيني وبينه الموت الذي جعلته على عبادك حتما مقضيا فأخرجني من قبري مؤتزرا كفني شاهرا سيفي مجردا قناتي ملبيا دعوة الداعي في الحاضر والبادي)) . (1)
فقال نعم ربط جيد وجميل ومنطقي ولكن مالنا ومال المسلمين حتى نُفسر لهم أحلامهم ..
قلت له : وما ذنب الكتب المقدسة إذا لم تتحقق نبوءاتها إلا عند المسلمين؟
فوجم ولم يقل شيئا.
المصادر والتوضيحات ـــــــــــــــــ
1- يقول الامام الصادق ((من دعا الى الله سبحانه وتعالى بهذا العهد كان من انصار قائمنا بأذن الله )) وهذا الدعاء موجود في كتاب ضياء الصالحين وكتاب مفاتيح الجنان
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat