وزارة الثقافة عطاء لا ينضب برغم محدوديـــة امكانياتهـــــا
اعلام وكيل وزارة الثقافه
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
اعلام وكيل وزارة الثقافه

مهند الدليمي
وكيل وزارة الثقافة
المتابع للمشهد الثقافي العراقي يدرك جيداً ان وزارة الثقافة لم تترك مثقفيها ومبدعيها الذين لهم امتداد لجيل مثقف يحمل اليوم شعلة الإبداع والتفوق على قارعة الطريق بل حظيت هذه الشريحة بإهتمام بالغ من قبل المسؤولين في الوزارة كافة ، وعلى رأسهم معالي الوزير الدكتور سعدون الدليمي ، وسعت الى الأخذ بأيدي المبدعين منهم وتقديم الدعم لهم في جوانبه المادية وغير ذلك .
ومسيرة الإنجازات الثقافية في العراق تتوالى ، فالحكومة وهي مشغولة بأمن البلاد مهتمة بتطوير المؤسسات الثقافية ، وتقديم الدعم بشتى صوره للمثقف والمبدع، فكان الأديب والشاعر والاعلامي والفنان والمفكر اولى بالاهتمام من غيرهم ، ولا تنتهي عند هذا حسب بل كل هذا الاهتمام هو مقدمة لإشاعة الثقافة المنفتحةعلى البعد الانساني الأعم .
ووزارة الثقافة وبرغم انها تقدم كل هذا الدعم ، غيرأنها تنطلق من مبدأ أن الثقافة لا تصنعها المؤسسات الحكومية، لكن تصنعها الجماهير وقطاعات المثقفين، وهي لا تسعى إلى أن تصبح سلطة ثقافية بل تؤمن بالتنوع وحرية الرأي والفكر، والعمل على تعزيز دور الثقافة في حياة المجتمع .
نعم مطلوب من الدولة ان ترعى ابناءها وتحتضن المواهب الشابة وتأخذ بأيدي المبدعين لكن من يصنع الاديب والاعلامي والفنان هو نفسه من خلال القراءة والحضور ومتابعة النشاطات المختلفة والاّ كيف تستطيع الدولة ان تصنع الاديب والاعلامي والفنان والمفكر او أي مثقف من أي توجه كان وهو مقاطع للنشاطات ومتقوقع على ذاته ؟!! هل المطلوب من الدولة ان تصنع منه أديباً او مثقفاً او غير ذلك ؟!!.
ولا أحد ينكر اهتمام الدولة بالمثقفين ، فهي أولت لهم رعاية خاصة وأنشأت دوائر متخصصة للثقافة والفنون لتكون راعية للنشاطات الثقافية والفنية من خلال وزارة الثقافة التي أنيطت بها مهمة العناية بمختلف الشؤون الثقافية والاعلامية .
ورعت وزارة الثقافة في هذه المرحلة – ضمن إمكانياتها- قطاعات الثقافة المختلفة، الأدباء، والاعلاميين والمسرحيين، والفنانين التشكيليين، والموسيقيين، ولا تزال مستمرة في هذه الرعاية والدعم وستتواصل في ذلك في المراحل المقبلة،كما تستمر في أنشطتها من خلال دوائرها المهتمة بالشؤون الثقافية والفنية وفي إصدار الكتب والدوريات ورعاية النشاطات المسرحية للكبار والأطفال، وكذلك استضافة الفرق الفنية من الداخل والخارج وتقديم كل ما يخدم المواطنين .
ويتبلور دور وزارة الثقافة بوصفها مؤسسة حكومية تعني بالشأن الثقافي، لها أهدافها وسياستها المحددة بالنظام والقوانين . وقد تميزت هذه المرحلة بدخول العراق حقبة مهمة في تاريخه، إذ أعيدت الحياة الديمقراطية إلى البلاد بعد انقطاع دام عقوداً، وقد كان من شأن ذلك أن يفتح الباب على مصراعيه أمام التوسع في النشاطات الثقافية، فاستحدثت الوزارة البيوت والمراكز الثقافية في المحافظات وفي الخارج، وازدادت المفاصل الثقافية للوزارة إلى أكثر من الضعفَين .
واستطاعت الوزارة وبالرغم من الإمكانيات المادية المحدودة أن تقدم الدعم لكل قطاعات المثقفين، فتبنت سياسة دعم الكتاب العراقيين والاعلاميين والفنانين التشكيليين والموسيقيين والمسرحيين في إقامة نشاطاتهم ورعايتها ، وكذلك الاسهام في معالجة المرضى منهم في داخل العراق وخارجه، وقامت بتشجيع ورعاية النشاطات الثقافية في المحافظات والمدن المختلفة.
وخطت الوزارة خطوات واثقة ومتميزة في العمل الثقافي، فقد تميز عام 2013 باختيار بغداد عاصمة للثقافة العربية الذي احتفى به العراقيون في شهر آذار من هذا العام ،ومن خلال هذه الفعالية استطاعت الوزارة وبالتعاون مع المؤسسات وهيئات العمل الثقافي المختلفة أن تحقق للعمل الثقافي الشيء الكثير من حيث تنوع الأنشطة والفعاليات الثقافية التي أقيمت بهذه المناسبة، خصوصاً الأسابيع الثقافية العربية التي كان لها دور كبير في إرساء التعاون والتبادل الثقافي بين الأقطار الشقيقة المختلفة، فلقد كانت تجربة بغداد عاصمة للثقافة العربية تجربة فريدة ومتميزة، من حيث قوة الزخم الثقافي وتنوعه وكيفيته.
وشهد العراق حركة ثقافية نشطة للغاية، فعقدت في بغداد أسابيع ثقافية شاركت فيها دول عربية وندوات ذات صلة بالثقافة وأقيمت ملتقيات ثقافية من بينها ملتقى بغداد للشعر العربي ، وجوائز للابداع للمفكرين وأخرى للابداع النسوي وأعيدت الحياة للحركة المسرحية، من خلال تبني فكرة مهرجانات المسرح للكبار وللشباب وللأطفال ، وازداد الاهتمام بثقافة الطفل، حيث استأنف اصدار مجلة "المزمار" وأقيم مهرجان لأغنية الطفل وعرضت مسرحيات للأطفال، وشهد العراق حركة لا مثيل لها في معارض الفنون التشكيلية برعاية الوزارة وأقيمت معارض سمبوزيوم في محافظات في الشمال والوسط والجنوب ، وأقيم أكثر من مهرجان للأغنية بمبادرة من دائرة الفنون الموسيقية، كما وصدر قانون حماية حق المؤلف والملكية الفكرية .
ما نريد ان نقول أن بناء الأوطان لا يتم بمجرد شعارات هادرة ، والوطن بالنسبة للإنسان ليس بعدا جغرافياً وإنما تصنع شخصيته من هذه البيئة في تكوين المشاعر وتوجيه الفكر وبناء الأخلاق والمعاني الوطنية حتى يصبح الوطن ملتحمًا بشخصية المواطن ومع الأسف أن نسمع بين الفينة والأخرى بعض الاصوات التي تريد النيل من وزارة الثقافة من خلال حملات اعلامية مُضَلِلَة لكل هذا الدعم الذي تقدمه للأنشطة الثقافية كمؤسسات ومنظمات أو كأفراد وأحياناً محرضة على الإساءة اليها.
إن مثل هذه الأصوات إن هي الاّ وسيلة لتصيّد الأخطاء ان وجدت وليس للتقويم والتصحيح والمتابعة، وما محاولات اصحابها في التشهير بوزارة الثقافة الاّ لتحقيق مآرب شخصية ومكاسب مادية ، فالذي يعرف وزارة الثقافة جيداً يدرك حجم المعاناة المادية ومحدودية إمكانياتها فهي ليست وزارة للبناء والإعمار ، وليست وزارة للخدمات حتى يمكنها بناء مقرات وتقديم الهبات كما تطالب بذلك بعض الجهات والفعاليات من مؤسسات المجتمع المدني ووسائل اعلام ، كما هي ليست منجماً للذهب حتى تستطيع تقديم ما يرضي الجميع .
والذي يحب الوطن عليه أن يقف معه في جميع أحواله في المحن والرفاه وفي العسر واليسر،والوطن إذ يتعرض الى أشرس هجمة عدوانية داخلية وخارجية يحتاج الى التعاضد والتكاتف لا أن يروج البعض ويحرّض الى ما يسيئ الى هذه الوزارة او تلك ، وأن لا يقف موقفاً أنانياً ومصدر إساءة لسلطاته ومؤسساته التنفيذية ويتذكر اذا كان محباً فعلاً للوطن قول الشاعر المأثور :
بلادي وإن جارت علي عزيزة *** وأهلي وإن ضنوا علي كرام
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat