صفحة الكاتب : محمد الظاهر

فتنة العراق المعاصرة
محمد الظاهر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ايخفى على احد ان سيناريو الحرب الطائفية في العراق يتم إعداده وطبخه من قبل دول إقليمية لا يمكن لأحد إنكار تدخلها في الشأن العراقي لأسباب يمكن إجمالها بأنها تنبع من صراع الإيديولوجيات الذي يشهده العالم المعاصر والذي يعود في جذوره إلى صراع الأديان الذي لم ولن نجد نظام دولي لا يؤمن به  خصوصا  الصراع الصلبيي الحديث الذي يعود بأصوله الى الصراع حول فلسطين المحتلة أبان حكم دولة الأيوبيين وما نجم من الماسي التي رافقت تلك الفترة ذلك أن قطبي الصراع في ذلك الوقت هما الإسلام المتمثل بدولة الأيوبيين والصليبي المتمثل بتحالف مجموعة من الدول التي تقودها الكنيسة وبعد أفول نجم العرب والمسلمين عاد الصراع من جديد ولكن بصورة غير واضحة المعالم لكثير من المفكرين والمحليين الإسلاميين  وما الحرب العراقية الإيرانية إلا دليل على هذا النوع من الصراعات  ولكن بأيدي المسلمين أنفسهم وذلك بعد أن شجعت الدول العربية بإيعاز من الولايات المتحدة الأمريكية على شن حرب شعواء على نظام لم يمر على وجوده سوى عام واحد وذلك بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران بقيادة روح الله الخميني الذي خشت أمريكا وحلفائها من وجوده على اعتبار انه نظام أصولي وأتذكر كلمات لرونالد ريغان الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية أبان عقد الثمانينات يقول فيها (لقد صدقت النبوءات حيث أن المد الأصولي قادم من الشرق) إذا فالدولة رقم واحد تؤمن بالنبوءات التي وردت في التوراة والإنجيل لذلك كان لزاما أن يتم تدمير دولة إسلامية تكن العداء لأمريكا وابنتها المدللة إسرائيل . وبعد فشل المخطط الأمريكي الهادف الى تقويض الجمهورية الإسلامية وإضعاف بابل التي كانت وما زالت رمز للعراق في الفكر اليهودي.
عمدت الولايات المتحدة الى  إضعاف العراق من خلال حلفائها في الخليج بعد تمرد صدام حسين على حلفاء الأمس واظهر العداء تجاه إسرائيل فدفعته الى احتلال الكويت وتهديد السعودية وهما الحليفان الرئيسان لأمريكا والأداتين لتنفيذ الاملآءات الأمريكية والإسرائيلية وعندها وقع العراق ودول الخليج في الفخ الأمريكي بإعطائهم الذريعة في الحصول على موطئ قدم في الخليج العربي بعد أن كان ذلك حلما وهنا لا تفوتني كلمة لهنري كيسنجر مخطط السياسة الخارجية لأمريكا (إذا أردت أن تدخل الى مكان ما فدع أهله يطلبون منك ذلك) وللأمانة انها بالمعنى لا باللفظ الدقيق فحدثت حرب تحرير الكويت ونصبت القواعد الأمريكية ولم تتزحزح منذ ذلك الحين ولولا حدوث ما سمي بالانتفاضة الشعبانية وما رافقها من سقوط (14) محافظة عراقية وانهيار نظام صدام حسين الذي أنقذه اتفاق خيمة صفوان بين سطان هاشم وزير الدفاع العراقي في حينها والقائد الأمريكي نورمان شوارتسكوف قائد قوات التحالف وما تم الاتفاق عليه لا يعلمه الا الله ومن حضر الاتفاق ... عاد صدام الى الإمساك بزمام الأمور بعد حملات التطهير التي تكتم عليها الإعلام العالمي والتي راح ضحيتها قرابة نصف مليون إنسان بين طفل وشاب وكهل ورجل وامرأة ولولا خوف أمريكا من قيام نظام حكم إسلامي لقامت الولايات المتحدة بالإجهاز على صدام حسين لكنها أدركت الخطر الذي تمثله هذه الانتفاضة فسارعت بالسماح في الإجهاز عليها بيد ألد أعدائها حتى وان كان الثمن إزهاق أرواح مئات الآلاف .
ولو أمعنا النظر بالسماح باجتثاث هذه الانتفاضة نجد ان ذلك كان نابعا من جانب إيديولوجي تحديدا وبعد مرور أكثر من عقد عادت أمريكا لاحتلال العراق في محاولة لإيجاد نظام ديمقراطي تكون قادرة على التحكم به حتى وان كان بقيادة الشيعة ولم تصمد مقاومة الجيش العراقي سوى أيام معدودة بسبب سوء فهم الكثير منهم بان الدفاع هو عن صدام لما عاناه هذا الجيش طوال ثلاثة معارك الأولى استمرت ثمان سنوات  لينهار النظام بالكامل وتعم الفوضى والسلب والنهب أمام أنضار الجيش الأمريكي والبيت الأبيض ونتيجة لتدخل مراجع الشيعة في اختيار طريقة الانتخاب في العراق فشل مخطط الحاكم المدني للعراق ( بول بريمر ) باختيار من تثق أمريكا بولائه لقيادة العراق الجديد وجرت الانتخابات التي رافقها وجود مقاومة شعبية أجهدت المحتل لاسيما بعد فتح الحدود على مصراعيها أمام القاعدة واجتذاب قادتها وجنودها للقتال في الساحة العراقية فرمت عصفورين بحجر واحد الأول محاولة  إضعاف الشيعة من خلال أساليب القاعدة المعروفة بالذبح والسيارات الملغومة وغيرها من الأساليب القذرة والعصفور الثاني هو استدراج القاعدة للقضاء عليها من خلال فتح جبهتين الأولى في أفغانستان والثانية في العراق إلا أن ذلك اجبر أمريكا في النهاية على سحب جنودها من العراق وتركه في دوامة من صراع الإرادات التي تعود الى أسس فكرية وعقائدية
وقد حاولت القاعدة جاهدة بما تتلقاه من دعم معنوي ولوجستي من مخابرات دول إقليمية تاجيج فتنة طائفية بين مكونات الشعب العراقي التي عاشت متآخية مئات السنين وبالتالي تنشئ ذريعة جديدة لدى الدول المجاورة بالتدخل العسكري المباشر  فالسعودية وبقية دول الخليج ستتدخل لحماية أهل السنة وستتدخل إيران للدفاع عن الشيعة ولتدخل المنطقة في فوضى عارمة وقتل لا يوصف فتم تفجير مرقد الأماميين علي الهادي وابنه الحسن العسكري عليهما السلام واندلعت شرارة الحرب الطائفية بقوة وازداد مثلث الموت رعبا فذهب الأبرياء وقودا لهذه الفتنة ولم ينطفئ إوارها لولا انتفاضة أهل الانبار وبقية أبناء العراق الغيارى لطرد القاعدة وأتباعها  فعاد السلام من جديد بفضلهم وبفضل اتخاذ الحكومة قرارا شجاعا تمثل بقتال التنظيمات المسلحة بعد انتفاء الذريعة بوجودها فرحلت أمريكا ولكن الأجندات الخارجية وأدوات تنفيذها من الساسة بقيت تراهن على الحرب الطائفية من اجل استعادة السيطرة على دفة الحكم الذي تقوده الشيعة في الوقت الراهن وبسبب قلة خبرة الحكومة التنفيذية وفقدان الثقة بين الأطراف السياسية الموجودة تحت قبة البرلمان ودفع إقليمي لاسيما من تركيا وقطر والسعودية اللواتي ما انفكت يزدن الأمور سوءا اندلعت التظاهرات في المنطقة الغربية للمطالبة بحقوق مشروعة وأخرى غير مشروعة من الممكن في حال الإصرار عليها أن تندلع الفتنة الحمراء من جديد ولكن بقوة لا توصف في هذه المرحلة لأنها لن تتوقف أبدا نتيجة للتدخل الدولي الذي سيحدث في حلة اندلاعها .
أن الحكومة العراقية هي حكومة هشة والفساد ينخر في جسد الدولة والصراع السياسي مستمر وكل يعتمد على مموله الإقليمي لذلك تبقى دول الجوار تسعى لحدوث فتنة في العراق مهما كلفها ذلك الأمر والسعي لإيقاد هذه الفتنة هو بتخطيط يهودي وتنفيذ إسلامي كل ذلك من اجل تدمير بابل قدر المستطاع التي يعتبرها اليهود مصدر الخطر الأساس على وجودها وان (الارمجدون ) التي ستحدد مصير الكثير من الأنظمة الحاكمة بحسب النبوءات التوراتية ....  قادمة لا محالة مع الاختلاف بين النبوءات الإسلامية والتوراتية حيث تشير التوراة إلى ان (200) مليون مقاتل سيشتركون في هذه المعركة وانها معركة بين الخير والشر وان الغلبة ستكون لليهود في حين تؤكد المصادر الإسلامية أن هذه المعركة ستكون بين المسلمين واليهود في فلسطين وان الغلبة ستكون للمسلمين وذلك لقوله تعالى في سورة الإسراء ( إن أحسنتم احسنتم لانفسكم وان اساتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسؤا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا) وبحسب هذه النبوءات ينبغي إبعاد الخطر القادم من العراق في حال استقرار أوضاعه السياسية والاقتصادية وقيام حكومة قوية قادرة على اتخاذ القرار الصحيح في مواجهة المخططات اليهودية في المنطقة .
ينبغي على الحكومة العراقية إحياء الصحوات بقوة وتسليح القوى الأمنية بشكل كامل وصحيح لاسيما بسلاح الجو والاستعانة بالدول الصديقة لتزويدها بصور جوية عن معسكرات القاعدة التي باتت تسيطر على المنطقة الغربية بشكل واضح لاسيما ليلا إضافة الى مد جسور الثقة بين المواطن والدولة من خلال العمل بمهنية ووطنية لا غبار عليها 
كما ينبغي على عقلاء القوم الحيلولة دون وقوع أي فتنة بين مكونات هذا الشعب الجريح لانها ستدمر العراق من شماله الى جنوبه وان الرابح الوحيد من هذه الفتن هم أعداء الإسلام وحدهم وان التفكير بعقلية مذهبية لن يخدم العراق والمنطقة فينبغي تعزيز الديمقراطية وتصحيح مسار العملية السياسية من خلال إعادة كتابة الدستور والتصالح السياسي  فقط ومد جسور الثقة بين المكونات السياسية وؤاد الفتنة في مهدها .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الظاهر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/11/10



كتابة تعليق لموضوع : فتنة العراق المعاصرة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net