الحلقة التاسعة (ذكر الامور السياسية في العزاء)
مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
نتف عاشورية (9)
السؤال :
ما هو رأيكم في ذكر السياسة في العزاء ؟
إجابة سماحة الشيخ “دام ظله الشريف” :
ذكر السياسة في العزاء هو على نمطين :
- فنمط ضروريٌّ واجب ،
- ونمط غير مُستحسن .
ربَّما يُنادي الكثيرون بفصل السياسة عن الشعائر الحسينيَّة ، بهدف التركيز وتمركز العزاء حول سيِّد الشهداء في نيَّاتهم وقصدهم ، لكنَّهم مِن جانب قد يُقْصون الحسين ـ مِن حيث لا يلتفتون ـ إلى جِهة مُعيَّنة ، وكذلك الذين يُريدون أنْ يُركِّزوا على الجانب السياسي في العزاء يهدفون إلى مُعايشة مدرسة أهل البيت (ع) في الوضع الراهن ، لكنَّهم ـ أيضاً ـ يُقْصون سيَّد الشهداء (ع) مِن جانب قد لا يلتفتون إليه .
إذاً ، هناك جنبة إيجابيَّة عند الجانبين ، ويجب أنْ تُصلح الجنبة السلبيَّة عند الطرفين ، فإنِّي إذا أردت أنْ أُركِّز على أهل البيت (عليهم السّلام) ، لا يصحُّ أنْ أُقصي أهل البيت عن الاقتداء بهم في وضعي الراهن ، ولا أكون بذلك قد أحييت ذكر أهل البيت (ع) ، إنَّما في الواقع ، أقصيتهم مِن حيث لا أشعر ؛ لأنَّني هكذا أجعل أهل البيت (ع) بمعزل عن الوضع الراهن والوضع السائد، بكوني لا أقتبس مِن أهل البيت (عليهم السّلام) شيئاً ، فأعزلهم وأُخمد ذكرهم ـ والعياذ بالله ـ .
كذلك لو أتيت بالوضع الراهن دون التركيز على قبسات مِن أهل البيت ، بمُجرَّد الحديث على الوضع الراهن وانتقادي له ، والأفكار المطروحة ضمن ما يُردَّد في العزاء ، أو حتَّى في خطابة الخطيب الحسيني ، فأكون هنا ـ أيضاً ـ قد أقصيت وعزلت أهل البيت (عليهم السّلام) عن الوضع الراهن . الحلُّ الأمثل هو أنْ أستعرض الوضع الراهن ، وآتي بحلوله مِن مواقف سيِّد الشهداء (ع) ، كالمَرهم والدواء للداء الموجود في الوضع الحالي .
أذكر بعض الشعراء في القديم مِمَّن لديهم ثقافة وذكاء لطيف ، فيأتي بالمُشكلة التي يعيشها المؤمنون في هذا البلد ، ثمَّ يأتي بموقف لسيِّد الشهداء (ع) أو للعقيلة (ع) أو لأبي الفضل العباس (ع) ، ويضرب في الصميم ـ كما يُقال ـ ، وهذا ذكاء ووعي أدبيٌّ ، بحيث نقتدي بأهل البيت (ع) ، ونقتبس مِن أهل البيت (ع) حلولاً لمشاكلنا الراهنة ، مِن دون أنْ نجعل نماذج لغير أهل البيت (ع) ، نماذج للوضع الراهن ، فنُركِّز ونجعل المحور وقطب الرحى هُمْ أهل البيت (ع) ، ونتعايش معهم في معيشتنا ، ونحيا بحياتهم في حياتنا الراهنة ، فإنَّنا إذا حيينا في حياتنا الراهنة ولم نحيَ بلون حياة أهل البيت (ع) ، نكون قد عزلنا أهل البيت (ع) ، وإنْ حاولنا أنْ نحيا حياة أهل البيت (ع) في شكلها المأثور فقط ، مِن دون أنْ نسحبها إلى تبيان رؤى مِن مواقفهم ومِن كلماتهم للوضع الراهن ، فأرى مِن كلا الجانبين إفراطاً وتفريطاً .
إذا أردنا أنْ نأتمَّ بأهل البيت (عليهم السّلام) يجب علينا أنْ نعيش معهم في عيشتنا الراهنة ، لا أنْ نعزل الوضع الراهن عن أهل البيت (ع) ، و لا نعزل أهل البيت (ع) عن الوضع الراهن ، ولا أنْ نجعل أمثولة الحلول للوضع الراهن ، أمثلة لغير أهل البيت (عليهم السّلام) .
يحتاج هذا بالطبع إلى براعة أدبيَّة ، وعلم ثقافي عند الخطيب أو الشاعر ، بحيث يقتبس مِن مواقف أهل البيت (ع) وكلمات أهل البيت (ع) حلولاً في الصميم ، وبالتعبير الدارج ( نغزة ) أو ( كناية ) كنماذج لإستلال حلول لمواقف ومُشكلات الوضع الراهن مِن أهل البيت (عليهم السّلام) .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)

نتف عاشورية (9)
السؤال :
ما هو رأيكم في ذكر السياسة في العزاء ؟
إجابة سماحة الشيخ “دام ظله الشريف” :
ذكر السياسة في العزاء هو على نمطين :
- فنمط ضروريٌّ واجب ،
- ونمط غير مُستحسن .
ربَّما يُنادي الكثيرون بفصل السياسة عن الشعائر الحسينيَّة ، بهدف التركيز وتمركز العزاء حول سيِّد الشهداء في نيَّاتهم وقصدهم ، لكنَّهم مِن جانب قد يُقْصون الحسين ـ مِن حيث لا يلتفتون ـ إلى جِهة مُعيَّنة ، وكذلك الذين يُريدون أنْ يُركِّزوا على الجانب السياسي في العزاء يهدفون إلى مُعايشة مدرسة أهل البيت (ع) في الوضع الراهن ، لكنَّهم ـ أيضاً ـ يُقْصون سيَّد الشهداء (ع) مِن جانب قد لا يلتفتون إليه .
إذاً ، هناك جنبة إيجابيَّة عند الجانبين ، ويجب أنْ تُصلح الجنبة السلبيَّة عند الطرفين ، فإنِّي إذا أردت أنْ أُركِّز على أهل البيت (عليهم السّلام) ، لا يصحُّ أنْ أُقصي أهل البيت عن الاقتداء بهم في وضعي الراهن ، ولا أكون بذلك قد أحييت ذكر أهل البيت (ع) ، إنَّما في الواقع ، أقصيتهم مِن حيث لا أشعر ؛ لأنَّني هكذا أجعل أهل البيت (ع) بمعزل عن الوضع الراهن والوضع السائد، بكوني لا أقتبس مِن أهل البيت (عليهم السّلام) شيئاً ، فأعزلهم وأُخمد ذكرهم ـ والعياذ بالله ـ .
كذلك لو أتيت بالوضع الراهن دون التركيز على قبسات مِن أهل البيت ، بمُجرَّد الحديث على الوضع الراهن وانتقادي له ، والأفكار المطروحة ضمن ما يُردَّد في العزاء ، أو حتَّى في خطابة الخطيب الحسيني ، فأكون هنا ـ أيضاً ـ قد أقصيت وعزلت أهل البيت (عليهم السّلام) عن الوضع الراهن . الحلُّ الأمثل هو أنْ أستعرض الوضع الراهن ، وآتي بحلوله مِن مواقف سيِّد الشهداء (ع) ، كالمَرهم والدواء للداء الموجود في الوضع الحالي .
أذكر بعض الشعراء في القديم مِمَّن لديهم ثقافة وذكاء لطيف ، فيأتي بالمُشكلة التي يعيشها المؤمنون في هذا البلد ، ثمَّ يأتي بموقف لسيِّد الشهداء (ع) أو للعقيلة (ع) أو لأبي الفضل العباس (ع) ، ويضرب في الصميم ـ كما يُقال ـ ، وهذا ذكاء ووعي أدبيٌّ ، بحيث نقتدي بأهل البيت (ع) ، ونقتبس مِن أهل البيت (ع) حلولاً لمشاكلنا الراهنة ، مِن دون أنْ نجعل نماذج لغير أهل البيت (ع) ، نماذج للوضع الراهن ، فنُركِّز ونجعل المحور وقطب الرحى هُمْ أهل البيت (ع) ، ونتعايش معهم في معيشتنا ، ونحيا بحياتهم في حياتنا الراهنة ، فإنَّنا إذا حيينا في حياتنا الراهنة ولم نحيَ بلون حياة أهل البيت (ع) ، نكون قد عزلنا أهل البيت (ع) ، وإنْ حاولنا أنْ نحيا حياة أهل البيت (ع) في شكلها المأثور فقط ، مِن دون أنْ نسحبها إلى تبيان رؤى مِن مواقفهم ومِن كلماتهم للوضع الراهن ، فأرى مِن كلا الجانبين إفراطاً وتفريطاً .
إذا أردنا أنْ نأتمَّ بأهل البيت (عليهم السّلام) يجب علينا أنْ نعيش معهم في عيشتنا الراهنة ، لا أنْ نعزل الوضع الراهن عن أهل البيت (ع) ، و لا نعزل أهل البيت (ع) عن الوضع الراهن ، ولا أنْ نجعل أمثولة الحلول للوضع الراهن ، أمثلة لغير أهل البيت (عليهم السّلام) .
يحتاج هذا بالطبع إلى براعة أدبيَّة ، وعلم ثقافي عند الخطيب أو الشاعر ، بحيث يقتبس مِن مواقف أهل البيت (ع) وكلمات أهل البيت (ع) حلولاً في الصميم ، وبالتعبير الدارج ( نغزة ) أو ( كناية ) كنماذج لإستلال حلول لمواقف ومُشكلات الوضع الراهن مِن أهل البيت (عليهم السّلام) .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat