يصعد موفق محمد في قصيدته الاخيرة (لا تكسروا الانهار) من القاع الذي يعيش فيه منذ سنين ليجد نفسه بعد انكسارات متلاحقة ان الحياة الجديدة التي كان ينشدها بعد تغير الرياح، تتحول في ليلة وضحاها الى اضغاث احلام ونهارات مستبدة تلف مدننا وقرانا ومستقبل اولادنا. في خضم هذا الدوار والصراع الذي يشق رأس الحالمين من اول سطوع الشمس حتى مغيبها، ينكفيء الشاعر الى امه (بغداد) التي كانت تظلله بأجمل الاوقات حين كان قمرها يغني في الرصافة ثم يطيل سهرته بالرقص في سماء الكرخ ويجلب الهوى من حيث يدري ولا يدري. في (لا تكسروا الانهار) يُؤذن فجرا بالشعر موفق بعد ان )طوحت( احلامه خنازير الليل بالقتل لامه التي تكسر انينها وهي ترى اخيه مثروماً وآخر مقطوع الرأس وثالث دُفن مجهول الهوية ضمن اساطيل الضائعين وللحديث تتمة. في كل هذا وذاك يناشد الشاعر ملاذه الاخير حين يشهق بان الانهار مرايا الله والانهار في قواميس ونواميس الدنيا تغني للحياة بكل شيء. فاذا ما غادرتنا فقد غادرنا الله وحاشا لله ان يغادرنا او نغادره. وفي كل ما كتبه الشاعر موفق محمد عبر قصيدته هذه او عبر قصائد اخرى، لا أجد في حسه من سيريالية او دادائية مطلقاً، بل هو توثيقاً لما نعيشه من ايام غُبر من أحد دامٍ أو خميس قاسٍ أو جمعة حمراء ونحن مخدرون برنين الهاتف النقال وشظايا الاخبار في فضائيات دفعت اثمانها من دم اطفالنا واجيالنا. هذه التقدمة هي ليست تشاؤمية لو جلس قارؤها مع موفق محمد وعرف كيف ان اعتلال صحته ووخزات الزمن العابر الغابر عليه لم يُؤثرا على تقديم ما يراه شعراً ليس فيما يراه أبو الطيب أو غيره من الشعراء بل فيما يراه هو (موفق أبي خمَره) رضيتم أم لم ترضوا فهذا هو عنوان الشعر في الحلة وشاعر العراق حينما يريد ان يرى العراق من خلال شاعريته
ايميل : sattarnahaba@yahoo.com
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat