صفحة الكاتب : ابواحمد الكعبي

بالتي هي أخشن
ابواحمد الكعبي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

من جملة المعضلات الكبرى في عالم التشيّع اليوم؛ معضلة تمييز الموقف الديني الصحيح من خلافه، وهي معضلة نتجت بالأساس من أزمة اختلال المفاهيم والمرتكزات الإسلامية الشيعية في الذهنية العامة، ولئن كان صحيحا أن "معضلة تمييز الموقف الديني السليم من القضايا المطروحة" تعود أيضا إلى تدني درجة الوعي بين الناس؛ فإن ما هو أكثر صحة أن هذه المعضلة خلقتها عناصر محسوبة على التشيّع، ولكنها ليست عناصر هامشية في الوسط الشيعي، بل هي عناصر تتبوأ مراكز قيادية عليا في الهرمية الشيعية، ولأنها كذلك؛ أي لأنها طرحت نفسها في مستوى القيادة، فإن كثيرا من قومنا سلّموا أنفسهم طواعية لهذه "القيادات" باعتبار أنهم مأمورون باتباع الرمز الديني كتكليف شرعي.
وحتى يكون مرمانا أكثر وضوحا، نضرب مثالا فنقول أنه قد عُرِف عن الخدّام واتباع المرجعية دعوتهم إلى عدم مداهنة المخالفين لأهل البيت عليهم السلام، والمرجعية العليا أو حتى ملاينتهم في ما يندرج تحت عنوان الثوابت العقائدية او الوحدوية، وقد حذّرنا مرارا وتكرارا من أن الوقوع في هذا الخطأ الكبير والذنب الجسيم سيؤدي إلى انمحاق تدريجي لهذه الثوابت، وعندها لن يبقى من التشيّع سوى الهيكل الفارغ الذي لا محتوى له. وفي السياق نفسه؛ أكّدنا غير مرة أن هذه ليست دعوة لمقاطعة أهل الخلاف،او المنحرفين عن المرجعية فنحن نؤمن بمحاورتهم بل والتعاون معهم في مجالات شتى تعود بالنفع على الأمة أجمع، ولكن هذا لا يعني مثلا أن نتوقف عن طرح مظلومية الزهراء (صلوات الله عليها) أو التصريح بما ارتكبه القتلة المجرمون ضد أهل بيت النبوة عليهم الصلاة والسلام او الجهر بأن هناك من انتحل منصب اللهي كمنصب المرجعية ، لأن مجرد هذا التوقف سيوجب هدما لركن أركان دين الله عز وجل، ولا يكفي عذرا القول بأن ذلك كان من ضرورات الوحدة ومسايرة القوم، فإن هذا ليس عذرا شرعيا يمكن به أن ننال عفو أئمتنا (عليهم السلام) يوم الحساب، وهم الذين ينظرون كيف سنؤدي ما علينا من واجب الانتقام لهم ممن ظلمهم وسفك دماءهم وأزهق أرواحهم.
هذا ما دعونا له ومازلنا، ولكن وعلى النقيض منه، راجت في الأجواء دعوات أُخَر، زعمت أن التخلي عن هذا الطرح أولى وأجدى، وأن المهم هو الحفاظ على ما ظنّوه تماسك الأمة. ولسنا في وارد تبيان تفاهة هذا الظن وتوهين هذا الزعم، فإن ذلك كان مما أشبعناه نقضا وإبراما في استهلالات سابقة، ولكن المهم الآن أن نضع أنفسنا موضع الفرد الشيعي العادي البسيط. إنه يتلقّى هذه التوجيهات المتباينة منا ومن غيرنا من سائر الاتجاهات الشيعية المطروحة على الساحة اليوم، وكلٌ منها بطبيعة الحال يستند إلى شرعية ورمزية قيادية دينية، فإلى أي جانب يقف الفرد الشيعي، أإلى جانب الخدّام أم إلى جانب غيرهم؟! وهل يعمل بالوظيفة الشرعية التي وجّهها إليه الخدام، فيتخذ من نفسه جنديا للدفاع عن مظلومية أهل البيت (عليهم السلام) أم يعمل بوظيفة أخرى يزيّنها له الآخرون فيصمت عن كشف هذه المظلومية ويمتنع عن طرحها لئلا يستفز الآخرين كما يدّعون؟!
ن هذا هو ما سبّب التردد وغياب الثقة التي تعيشها الأوساط الشيعية حاليا تجاه الاتجاهات والتيارات الإسلامية الشيعية. وقد تضخّم هذا التردد والغياب إلى حدٍّ انعكس على أصل موجة التديّن في المجتمعات مع الأسف.
وبعد هذا العرض التحليلي؛ لعلنا هنا سنضطر إلى وضع النقاط على الحروف حتى وإن تسببت في انزعاج بعض من لا يهمنا انزعاجهم! وإن الصراحة تقضي بأن نعلن للكافة، أن تلك "القيادات" التي نصّبت نفسها بنفسها في أعلى مستويات الهرمية الشيعية، لهي أشد لعنة على الشيعة من الدجّال! وليس هذا الإعلان الخطير مخترعا من قبلنا، بل إنه حكم وقضاء قضى به المعصومون عليهم الصلاة والسلام، وهم الذين لا رادّ لحكمهم، لأن الردّ عليهم كفر بالله تعالى.
هذا مولانا السلطان أبو الحسن الرضا (عليه الصلاة والسلام) يقول: "إن ممن يتخذ مودتنا أهل البيت لمن هو أشد لعنة على شيعتنا من الدجال"! فقيل له: يابن رسول الله.. بماذا؟ فأجاب عليه السلام: "بموالاة أعدائنا ومعاداة أوليائنا، إنه إذا كان كذلك اختلط الحق بالباطل، واشتبه الأمر، فلم يُعرَف مؤمن من منافق"!
بلى.. إنهم يدّعون التشيّع، وينتحلون مودة الآل عليهم السلام، ولكنهم يحرّفون مسار الشيعة وتكون فتنتهم لهم أكبر من فتنة الدجال، فهم يتوددون إلى أعداء أهل البيت (عليهم السلام) وفي المقابل يحاربون أولياءهم! ويجعلون على ذلك النظريات والرؤى حتى ينخدع بهم السذج والبسطاء.
لنحذر جميعا من هؤلاء.. ولنكن ممن جعل نفسه فداء لإمام الزمان عليه السلام.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ابواحمد الكعبي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/10/06



كتابة تعليق لموضوع : بالتي هي أخشن
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net