صفحة الكاتب : د . رافد علاء الخزاعي

نحو عراق خالي من الإعاقة :الفحص المبكر للكشف عن خمول او قصور الغدة الدرقية للأطفال حديثي الولادة ضرورة وطنية ملحة.
د . رافد علاء الخزاعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

 
إن التطور في العلوم الطبية وخصوصا في مجال التشخيص السريع للإمراض جعل من السهل على مخططي تقديم الخدمات الطبية رسم خطط استباقية لتشخيص الإمراض مبكرا والتعامل معها سريعا لما فيه من جدوى صحية وإنسانية واقتصادية وتنموية للنهوض بالشعار العالمي لمنظمة الصحة  العالمية نحو صحة مستدامة (عمرا أطول وصحة تامة)
 
إن إحدى مقاييس التطور و الرقي والتنمية التي وضعت معايرها منظمة الصحة العالمية هي تخفيض نسبة العوق وتقليل نسبة الوفيات للأطفال حديثي الولادة والأطفال  وحتى السن الخامسة من العمر ومن  هذه الإمراض الوراثية والمكتسبة التي تسبب العوق الذهني (التخلف الدماغي وصعوبة التعلم ) والصمم العصبي للأطفال هو مرض خمول الغدة الدرقية الولادي وان اكتشافه المبكر عبر عمل وظائف الغدة الدرقية للأطفال حديثي الولادة يساهم مساهمة فعالة في تحسين حالة الطفل المصاب عبر العلاج التعويضي لهرمون الغدة الدرقية  مبكرا يساهم في النمو البدني والصحي والعقلي للطفل المصاب  بصورة سوية  ويكون حاله حال الأطفال الأسوياء .
 
ان حالات القصور الخلقي للأطفال يعتبر من الحالات النادرة في بعض المجتمعات ولكننا في العراق لما يشكله قصور الغدة الدرقية للبالغين نسب كبيرة وخصوصا في المناطق الشمالية من العراق ونحن لم نتملك إحصائية وطنية حقيقية مبنية على مسح على المستوى الوطني شامل لقصور الغدة الدرقية الولادي أو للبالغين وان النسب المذكورة عالميا هي حسب الإحصائيات التقريبية المستقاة من المراجع الطبية وهي تحدد ب 0.025% من المواليد.
 
إن هنالك نوعان من قصور الغدة الدرقية الولادي .
 
النوع الأول هو نتيجة نقص مستديم في الغدة الدرقية 
 
وهو قصور دائمي في إنتاج الهرمون الدرقي وان المريض يحتاج لعلاج مدي الحياة إذ إن الخلل في الغدة الدرقية نتيجة أسباب متعددة منها :
 
1-             السبب الأساسي والأكثر شيوعا حوالي 66٪ من المرضي هو خلل في عملية تكون الغدة الدرقية للجنين إي إن الغدة الدرقية غير مكتملة النمو أو إن النمو غير سليم
 
2-             في بعض الحالات يولد الطفل وهو غير قادر علي تصنيع أو تخليق هرمونات الدرقية
 
3-             مشكلة في الطريقة التي يتم بها نقل الهرمون في الجسم إي إن الهرمون سليم الصنع  ولكن هنالك خلل في تحرره من البروتين أو تفاعله مع  المستقبلات في أعضاء الجسم المختلفة.
 
4-             وربما تكون المشكلة ليس في الغدة الدرقية وإنما أ الخلل في الغدة النخامية أو مهاد الدماغ.
 
النوع الثاني : خمول أو قصور مؤقت في الغدة الدرقية
 
بما يمثل حوالي 10 - 20٪ من المواليد المصابين بقصور خلقي في الغدة الدرقية يكون بشكل مؤقت وذلك نتيجة
 
1-            نقص اليود عند الطفل وذلك نتيجة لعدم تناول إلام لليود بشكل كافي أو ملائم.
 
2-            في حالة إن إلام مصابة بمرض قصور الغدة الدرقية نتيجة لخلل في المناعة تنتقل الأجسام المضادة إلي الطفل عبر المشيمة فترتبط بالغدة الدرقية للطفل وتمنع تنشيطها بالهرمون المنشط الذي يجعلها تعمل وتنتج هرموناها وفي هذه الحالة يتم شفاء الطفل خلال3-6 شهور بعد الولادة حيث تحلل هذه الأجسام أو تتكسر.
 
3-            إذا تناولت إلام الأدوية المضادة او المثبطة للغدة الدرقية إثناء الحمل(عندما تكون إلام مصابة بفرط إنتاج الهرمون الدرقي أو ما يطلق عليه شعبيا الغدة الدرقية السامة) فإنها تنتقل أيضاً عبر المشيمة للطفل وتسبب له قصور مؤقت في الغدة الدرقية ويتم الشفاء عادة خلال أيام بعد  الولادة وترجع الغدة الدرقية لعملها الطبيعي خلال أسابيع بعد الولادة .
 
4-            تعرض او تناول  إلام لجرعات كبيرة من اليود وذلك من حلال تناول بعض الأدوية التي تحتوي علي اليود مثل الاميودارون الذي يستخدم لأمراض القلب.
 
 في غياب الفحص والتشخيص المبكر لقصور الغدة الدرقية للأطفال حديثي الولادة يعتمد الأطباء على التشخيص ألسريري أو على شكوى إلام بظهور بعض الإعراض عند وليدها لان في الواقع إن معظم الأطفال المصابين لا يظهرون او يعانون غالبا من أية أعراض وذلك لوجود بعض هرمونات الدرقية المنتقلة للطفل من أمه أو نتيجة لعمل جزئي للغدة الدرقية للطفل ولكن الأعراض بصفة عامة من الممكن إن تشمل :
 
1-            زيادة الوزن عند الولادة.
 
2-            زيادة محيط الرأس. اتساع البقعة الرخوة الموجودة في جمجمة الطفل (اليافوخ) والتأخر في إغلاقها.
 
3-            خمول غير طبيعي عند الطفل إي عدم النشاط والنوم معظم الأوقات ويبدو متعبا حتي عند الاستيقاظ من النوم.
 
4-            بكاء مبحوح.
 
5-            مشاكل في التغذية . مثلا الطفل قليل التغذية .
 
6-            إمساك مزمن وانتفاخ. فتاق في الصرة. -بروز في البطن.
 
7-            تضخم في اللسان.
 
8-            انف عريضة ومسطحة.
 
9-            انتفاخ في الوجه.
 
10-    جفاف في الجلد.
 
11-    انخفاض في درجة حرارة الجسم  .ضعف في النمو. يصاب بالصفراء الولادية لمدة أطول من اقرأنه .
 
طبعا من الممكن إن يصاب الطفل ببعض هذه الأعراض أو كما قلنا لا تظهر عليه الأعراض مطلقا وخاصة في البداية إذ مع تطور المرض وعدم اكتشافه ستظهر هذه الأعراض تدرجيا مع  نمو الطفل .
 
ولكن من الأسلم إن يكون تشخيص القصور الخلقي للغدة الدرقية مبكرا عبر قياس كمية الهرمون داخل الدم والنسب الطبيعية الهرمون وهي هرمون الدرقي الثلاثي والرباعي بشقيه الحر والكلي والهرمون المنشط  للغدة الدرقية الذي تفرزه الغدة النخامية .
 
ان اهم نقطة في علاج هذه الحالة هو التشخيص المبكر للمرض لذلك في كثير من الدول يتم عمل تحاليل للطفل بمجرد ولادته بعينة دم تؤخذ من كعب رجله للكشف عن اي مرض وراثي او خلقي وهذه التحاليل تبين بطبيعة الحال لو ان الطفل مصاب بقصور خلقي في الغدة الدرقية .
 
اذا تم التشخيص المبكر للمرض فان الطفل ومن خلال العلاج يرجع وينمو كالأطفال الأصحاء في اغلب الأحوال وفي بعض الحالات القليلة التي أثبتتها الدراسات فان الطفل ربما يظهر تأخرا لغويا وفي الرياضات وفي اختبارات محصل الذكاء.اما اذا تأخر تشخيص وعلاج المرض فإن الطفل سيعاني من تأثيرات سلبية كبيرة ومشاكل إدراكية وحركية اي تطور الجهاز العصبي والجهاز الحركي للطفل
 
 يتسبب في حالة الفَدامَة (Cretinism) التقزم،أو ما يطلق عليه القماءة، ويكون الوجه شاحب وغليظ الجلد والجبهة متجعدة، الأنف عريض، والشفتين سميكتين، ويتدلى اللسان ويكون الشعر والحاجبين والرموش جافة غير كافية.  في مرحلة الطفولة حيث يبدو الجسم قصيراً والرأس متسعاً والرقبة قصيرة. كما يؤثر نقص الهرمون علي النضوج العقلي للطفل وقد يحدث تخلفاً عقلياً دائماً وتأخراً في النضوج الجنسي
 
والعلاج يكون بأقراص التعويضية للهرمون الدرقي التي تحدثنا عنها سابقا حيث لا يوجد منها ما هو مناسب للأطفال عن طريق شراب او سائل فقط على شكل حبوب الهرمون الدرقي لذلك يتم طحنها واعطاؤها للطفل في اللبن او الحليب او الماء ويتم متابعة الطفل  متابعة دورية سريريا ومختبريا للتأكد من ثبات تركيز الهرمونات عند مستوياتها الطبيعية.
 
وفي النهاية يجب على وزارة الصحة العراقية ان تضع فحص وظائف الغدة الدرقية ضمن الفحوص الرئيسية للمسح المبكر للاطفال المولودين في المستشفيات الحكومية او خارجها لكي نقي اطفالنا من العوق الذهني والحركي بالاضافة الى التحاليل الاخرى مثل تحليل البول بالطيف الكهربائي للكشف عن الامراض الوراثية الايضية مثل الفينال كيتون يوريا والهيماسستنميا ونحذو حذو دول الخليج التي ضمت قوائم المسح المبكر للاطفال الحديثي الولادة 55 فحصا وهذا هو بداية الطريق لبناء مجتمع ينعم بالصحة المستدامة وتقليل نسبة العوق الولادي وهذا حق كفله الدستور العراقي الجديد.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . رافد علاء الخزاعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/10/03



كتابة تعليق لموضوع : نحو عراق خالي من الإعاقة :الفحص المبكر للكشف عن خمول او قصور الغدة الدرقية للأطفال حديثي الولادة ضرورة وطنية ملحة.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net