صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

"عرب وين ديمقراطية وين"!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ما بين المثل الشائع "عرب وين طنبورة وين " والقول "عرب وين ديمقراطية وين" , تنمحي الفوارق , ويتحقق التطابق التام المُعَبّر عنه بالسلوك اليومي الفتاك في مجتمعاتنا كافة. 
فالديمقراطية تحولت إلى مومس عمياء , يواقعها أصحاب النفوس الأمارة بالسوء , وينجبونها سيئاتهم وشرورهم , و بغضائهم وبهتانهم وضلالهم السقيم.
العرب قد رحلوا , عن ذاتهم وموضوعهم , ومرابعهم وتأريخهم وتراثهم , وخرّبوا دينهم , لكنهم يدّعون , ويتبجحون , وما هم إلا يخادعون أنفسهم , ويتنكرون لأجيالهم , ويتساقطون في هاوية الإنقراض الأبيد.
فتجدهم يقاتلون الجَمال والأمن والسلام والمحبة , والأخوة والرحمة والروح والعقل , ويعفّرون النفس بالمآثم والموبقات والجرائم المقرفات , حتى لتندهش من أفعالهم جميع الموجودات , وكافة المخلوقات.
ألا تراهم يحيلون رياض الديمقراطية وجنانها إلى جحيم لهّاب , بعد أن وضعوا على رأسها عمائم بؤسهم , وعقائد عجزهم , ودججوها بأسلحة دمارهم , وزينوها بمكياج بهتانهم , وأطعموها نبيذ دمائهم , حتى أصابها السكر الشديد , وعاشت في غيبوبة وإنقطاع عن معانيها ودلالاتها ومراميها التي تريدها.
فأين الديمقراطية يا عرب؟!
هل هي حزب واحد , وكرسي جامد , وفرد خالد , وصراعات تجاحد؟!
لنبحث عن الديمقراطية الجاثية في خيام ظنوننا وأحلام يقظتنا , وخرائب جهلنا , ومعظمنا يحسبها عارية في مخادع الرغبات المسعورة , بالأنانية والمسجورة في مواقد الحرمان.
فبعد عقد من الزمان على دعاوى الديمقراطية , لم يؤسس العرب تجربة واحدة , ذات قيمة حضارية ووطنية معاصرة , بل أنهم لا يزالون منغمسين في مخادعها , ولا يفهمون منها إلا أنها زُفّت إليهم , دون خيارهم وعلمهم ودرايتهم , فأصبحوا  كالذي وجد نفسه في مخدع ملكة جمال الكون , وهي مسترخية مذعنة للسيد الأمير والملك والوزير , وما عليه إلا أن يتمتع بها , ويحقق فيها لذائذه وما فيه من رغبات مكبوتة , وتطلعات موؤدة.
حتى تحولت الديمقراطية إلى آفة وطاعون , بل إلى وباء مروّع سيقضي على العرب , لأن الدين الجديد صار عقلها وقائدها وراعيها والمستحوذ عليها , وهي لم تعهد ذلك , فما عرفت الديمقراطية زواجا بينها وبين دين , وإنما قد طلقته بالثلاث منذ قرون.
فالدين لا يريدها وهي لا تريده , بينما العرب يريدون حشرها بالدين , وما يجري في دولنا هو إغتصاب مروّع , وجريمة بشعة نكراء بحق الديمقراطية التي فقأنا عيونها , وجردناها من ملامحها , وحولناها إلى هراء.
فعقولنا ونفوسنا وأرواحنا ووجوهنا , وسلوكنا وتراثنا وتربيتنا وأخلاقنا , لا تملك شيئا منها ولا تعرفها , لا من بعيد ولا من قريب , لكننا نتوهمها , ونحسبها حصانا نركبه ونصول به على الآخرين من حولنا.
فديمقراطيتنا , سكين حادة , راحت تقطعنا إربا إربا , وتجزرنا بمدية الدين , وسيوف العقائد الحزبية والفردية , والمذهبية والطائفية , وتبيعنا للآخرين بأبخس الأثمان.
فاستيقظوا , وواجهوا أنفسكم , وكونوا في عصركم , قبل أن تسحقكم سنابك الحياة وأمواج الأجيال , التي نفرت منكم ومما تدّعون!!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/09/21



كتابة تعليق لموضوع : "عرب وين ديمقراطية وين"!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net