الوعي الإجتماعي والسلطة ..
مير ئاكره يي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
دَلَّتْ التجارب التاريخية والدراسات والأبحاث أنه لايمكن إستغلال شعب وآستعباده وترويضه لقبول الحاكم المستبد وحكمه وحكومته لولا وجود بذور القابلية والإستعداد لذلك ، لأنَّ الحاكم المستبد هو من جنس المجتمع الذي يحكمه . لهذا فإنه مسؤول – أي المجتمع – أمام تبعات مايعانيه من مظالم وسلبيات وآستعباد .
في هذا الموضوع يقول المفكر السوري الدكتور خالص جلبي : [ لايمكن لدكتاتور أن يركب على رقبة شعب واع . وتشكيل الوعي هو بتشكيل العقل النقدي ] ينظر كتاب [ كيف تفقد الشعوب المناعة ضد الإستبداد ] لمؤلفيه : هشام علي حافظ ، جودت سعيد وخالص جلبي ، ص 181 .
فالحاكم المستبد يسعى ، وبكل جهده الى نشر مايلي في المجتمع عبر آلياته وأدواته وحواشيه الذين يسبحون بحمده ، مثل وعاظ السلاطين - بتعبير المفكر العراقي علي الوردي – وأشباه المثقفين والكتاتيب والمُزّمِّرين وغيرهم من عبيد السلطان والسلطة :
1-/ الحاكم هو الأفضل والأعقل والأعلم والأشرف والأدهى والأكثر سياسة ومعرفة في المجتمع ، حيث هو، أهله ، أبناءه ، حكمه ، حكومته وحزبه يتمتعون بصفات القدسية والمافوقية .
2-/ نقد الحاكم والمعارضة تعني وتساوي النقد والمعارضة ، لابل العداء للقومية والوطنية والحزب والحاكم والحكومة .
3-/ إنِ آنتقل الحاكم الى الآخرة فمن الطبيعي جداً أن ينتقل الحكم والرئاسة الى نجله ، ومن نجله الى حفيده بعد عمر طويل جداً ، وفي ذلك لابأس في إقامة تمثيليات صورية برلمانية ، حكومية ، أو حزبية ، أو إنتخابية في المجتمع لإنتخاب الوريث حيث نجل الرئيس المرحوم المُعَدِّ والمُهَيَّءِ سلفاً لتسلُّم وتسنُّم منصب الرئاسة الملكية الوراثية التوريثية الديمقراطية الإنتخابية الإقتراعية .
4-/ ليس للشعب فضل على جناب الرئيس ، بل بالعكس للرئيس كل الفضل والإحسان والإمتنان البالغ على الشعب ، وهكذا أبناءه وحاشيته وحكومته ...
5-/ لايجوز لأحد أن يتطاول ، أو يطيل لسانه في نقد جناب الرئيس وأهله وأبناءه وحكمه وحكومته ، لأنهم فوق النقد والمساءلة والإعتراض ، ولأنهم يعلمون ماذا يفعلون لخير المجتمع والبلاد ، وإن كل مايفعلونه فيه الخير والمصلحة والحكمة ...
6-/ من الطبيعي جدا أن يكون الرئيس وأبناءه من أثرى الأثرياء في العالم ، ولهم الحق كل الحق في التكرُّم في الإستيلاء على الأراضي والممتلكات والثروات الوطنية ...
7-/ للرئيس وأبناءه وأقرباءه وحواشيه كل الحق في تأديب وسجن وتعذيب وتغييب ، أو في قبض أرواح المخالفين ...
8-/ الرئاسة لاتُكتسب بالعلم والمعرفة والثقافة ، بل هي خصائص خاصة ومُميَّزة وحصرية تتمتَّعُ بها بعض الأُسر المعصومة والمافوقية فقط لا جميع المواطنين ...
9-/ على الشعب دوماً ودائماً أن يقول للرئيس : [ سمعنا وأطعنا ] ، وأن يقول دوماً ودائماً : [ نعم ] و[ بلى ] ، لذا يجب أن ينسى تماماً ، وأن يغيب عن ذاكرته بشكل كامل لفظ [ لا ] النافية ، ومن أطلق [ لا ] النافية فحينئذ قد ثكلته أمه ولايَلُومَنَّ إلاّ نفسه التي سَوَّلت له بإطلاق ذلك اللفظ أمام حضرة الرئيس ، أو نجله الذين هم يتمتعون بالحصانة والعصمة والمافوقية ...
10-/ على المجتمع أن يرفعوا صور الرئيس ونجله ، وبأعداد إضافية في بيوتهم وشوارعهم ودكاكينهم ومعاملهم ومكاتبهم ، وفي كل مكان ...
يقول الفيلسوف الفرنسي [ إيتين دي لابواسييه / 1530 – 1562 ] حول سبب تحمُّل شعب ومجتمع حاكم مستبد :
[ أما الآن فلستُ أبتغي شيئا إلاّ أن أفهم كيف أمكن هذا العدد من الناس ، من البلدان ، من المدن ، من الأمم ، أن يتحمَّلوا أحياناً طاغية واحداً لايملك من السلطان إلاّ ما أعطوه ، ولا من القدرة على الأذى إلاّ بقدر إحتمالهم الأذى منه ، ولا كان يستطيع إنزال الشرِّ بهم لولا إيثارهم الصبر عليه بدل مواجهته .
إنه لأمر جلل حقاً ، وإن إنتشر إنتشاراً أدعى الى الألم منه الى العجب ، أن نرى الملايين من البشر يخدمون في بؤس ، وقد غُلَّتْ أعناقهم ، دون أن ترغمهم على ذلك قوة أكبر ، بل هم – فيما يبدو – قد سحرهم وأخذ بألبابهم مُجرَّد الإسم الذي ينفرد به البعض ، كان أولى بهم أن لايخشوا جبروته .] ينظر كتاب [ العبودية المختارة ] نقلا عن المصدر المذكور ، ص 54
أخيراً إن المجتمع الواعي لايقبل ولايتحمَّل حاكماً مستبداً ، ولايقبل بأن تصبح سيادته وسلطاته ومصائره وإراته وحقوقه وحريته وكرامته وثرواته الوطنية مستباحة من قبل الحاكم وحاشيته يتصرَّفون بها كما شاؤوا ، وكيفما شاؤوا ...!
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
مير ئاكره يي

دَلَّتْ التجارب التاريخية والدراسات والأبحاث أنه لايمكن إستغلال شعب وآستعباده وترويضه لقبول الحاكم المستبد وحكمه وحكومته لولا وجود بذور القابلية والإستعداد لذلك ، لأنَّ الحاكم المستبد هو من جنس المجتمع الذي يحكمه . لهذا فإنه مسؤول – أي المجتمع – أمام تبعات مايعانيه من مظالم وسلبيات وآستعباد .
في هذا الموضوع يقول المفكر السوري الدكتور خالص جلبي : [ لايمكن لدكتاتور أن يركب على رقبة شعب واع . وتشكيل الوعي هو بتشكيل العقل النقدي ] ينظر كتاب [ كيف تفقد الشعوب المناعة ضد الإستبداد ] لمؤلفيه : هشام علي حافظ ، جودت سعيد وخالص جلبي ، ص 181 .
فالحاكم المستبد يسعى ، وبكل جهده الى نشر مايلي في المجتمع عبر آلياته وأدواته وحواشيه الذين يسبحون بحمده ، مثل وعاظ السلاطين - بتعبير المفكر العراقي علي الوردي – وأشباه المثقفين والكتاتيب والمُزّمِّرين وغيرهم من عبيد السلطان والسلطة :
1-/ الحاكم هو الأفضل والأعقل والأعلم والأشرف والأدهى والأكثر سياسة ومعرفة في المجتمع ، حيث هو، أهله ، أبناءه ، حكمه ، حكومته وحزبه يتمتعون بصفات القدسية والمافوقية .
2-/ نقد الحاكم والمعارضة تعني وتساوي النقد والمعارضة ، لابل العداء للقومية والوطنية والحزب والحاكم والحكومة .
3-/ إنِ آنتقل الحاكم الى الآخرة فمن الطبيعي جداً أن ينتقل الحكم والرئاسة الى نجله ، ومن نجله الى حفيده بعد عمر طويل جداً ، وفي ذلك لابأس في إقامة تمثيليات صورية برلمانية ، حكومية ، أو حزبية ، أو إنتخابية في المجتمع لإنتخاب الوريث حيث نجل الرئيس المرحوم المُعَدِّ والمُهَيَّءِ سلفاً لتسلُّم وتسنُّم منصب الرئاسة الملكية الوراثية التوريثية الديمقراطية الإنتخابية الإقتراعية .
4-/ ليس للشعب فضل على جناب الرئيس ، بل بالعكس للرئيس كل الفضل والإحسان والإمتنان البالغ على الشعب ، وهكذا أبناءه وحاشيته وحكومته ...
5-/ لايجوز لأحد أن يتطاول ، أو يطيل لسانه في نقد جناب الرئيس وأهله وأبناءه وحكمه وحكومته ، لأنهم فوق النقد والمساءلة والإعتراض ، ولأنهم يعلمون ماذا يفعلون لخير المجتمع والبلاد ، وإن كل مايفعلونه فيه الخير والمصلحة والحكمة ...
6-/ من الطبيعي جدا أن يكون الرئيس وأبناءه من أثرى الأثرياء في العالم ، ولهم الحق كل الحق في التكرُّم في الإستيلاء على الأراضي والممتلكات والثروات الوطنية ...
7-/ للرئيس وأبناءه وأقرباءه وحواشيه كل الحق في تأديب وسجن وتعذيب وتغييب ، أو في قبض أرواح المخالفين ...
8-/ الرئاسة لاتُكتسب بالعلم والمعرفة والثقافة ، بل هي خصائص خاصة ومُميَّزة وحصرية تتمتَّعُ بها بعض الأُسر المعصومة والمافوقية فقط لا جميع المواطنين ...
9-/ على الشعب دوماً ودائماً أن يقول للرئيس : [ سمعنا وأطعنا ] ، وأن يقول دوماً ودائماً : [ نعم ] و[ بلى ] ، لذا يجب أن ينسى تماماً ، وأن يغيب عن ذاكرته بشكل كامل لفظ [ لا ] النافية ، ومن أطلق [ لا ] النافية فحينئذ قد ثكلته أمه ولايَلُومَنَّ إلاّ نفسه التي سَوَّلت له بإطلاق ذلك اللفظ أمام حضرة الرئيس ، أو نجله الذين هم يتمتعون بالحصانة والعصمة والمافوقية ...
10-/ على المجتمع أن يرفعوا صور الرئيس ونجله ، وبأعداد إضافية في بيوتهم وشوارعهم ودكاكينهم ومعاملهم ومكاتبهم ، وفي كل مكان ...
يقول الفيلسوف الفرنسي [ إيتين دي لابواسييه / 1530 – 1562 ] حول سبب تحمُّل شعب ومجتمع حاكم مستبد :
[ أما الآن فلستُ أبتغي شيئا إلاّ أن أفهم كيف أمكن هذا العدد من الناس ، من البلدان ، من المدن ، من الأمم ، أن يتحمَّلوا أحياناً طاغية واحداً لايملك من السلطان إلاّ ما أعطوه ، ولا من القدرة على الأذى إلاّ بقدر إحتمالهم الأذى منه ، ولا كان يستطيع إنزال الشرِّ بهم لولا إيثارهم الصبر عليه بدل مواجهته .
إنه لأمر جلل حقاً ، وإن إنتشر إنتشاراً أدعى الى الألم منه الى العجب ، أن نرى الملايين من البشر يخدمون في بؤس ، وقد غُلَّتْ أعناقهم ، دون أن ترغمهم على ذلك قوة أكبر ، بل هم – فيما يبدو – قد سحرهم وأخذ بألبابهم مُجرَّد الإسم الذي ينفرد به البعض ، كان أولى بهم أن لايخشوا جبروته .] ينظر كتاب [ العبودية المختارة ] نقلا عن المصدر المذكور ، ص 54
أخيراً إن المجتمع الواعي لايقبل ولايتحمَّل حاكماً مستبداً ، ولايقبل بأن تصبح سيادته وسلطاته ومصائره وإراته وحقوقه وحريته وكرامته وثرواته الوطنية مستباحة من قبل الحاكم وحاشيته يتصرَّفون بها كما شاؤوا ، وكيفما شاؤوا ...!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat