سبحان مغير الأحوال الفلوس تغير النفوس
احمد الفهد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
احمد الفهد

في بادئ ذي بدء لابد أن انوه إلى حقيقة مهمة ليس الغاية من طرح الموضوع الذي سأتناوله في هذه المقالة الإساءة إلى شخص السيد هاشم العقابي فأنا والله شاهد من المحبين إلى هذه الشخصية لاسيما أنها شخصية معارضة وكانت من المتحمسين إلى التغيير النيساني عام 2003 من خلال مساهمته في البرامج والحوارات والآراء من على شاشة الفيحاء الغراء . والسؤال لماذا هذا التغيير في موقفه من الدفاع عن التغيير إلى الهجوم العنيف على الحكومة ودولة رئيس الوزراء في ظل الكم الهائل من المقالات هل الدفع بالدولار عند الأخ صاحب مؤسسة المدى اكبر من الإخوان في التحالف الوطني .
هل الطبع غلاب والإنسان يغير جلده كما تغير الأفعى ثوبها ، أو كما الحرباء ، التي تبدل ألوانها بتبدل الفصول والألوان.. نعم تأكد لي ، عندما قرأت عن صديقي هاشم العقابي أن البعض من البشر يمكن أن يغير جلده بحسب الظروف والأحوال والمكاسب فهذا الرجل من المقربين للنظام السابق ومن ثم إلى المعارضة وبعدها مع الإخوان في التحالف الوطني ومن بعدها مع التحالف الوطني ليكون بوقاً للإخوان الكرد وتبرئ من أبناء جلدته ويكون أكثر تطرفاً للقومية الكردية من الاكراد أنفسهم فمن يقرأ عنوان مقالته ( سلاما يا عراق ، الكلب لما حكم قال له الأسد يا عمّ ) ، لا تجد تفسير إلا أن العقابي صار أكثر من أفعى ، وأدهى من حرباء .
هاشم العقابي: شاعر قادسية صدام وصاحب أطروحة القيم الخالدة في أحاديث الرئيس القائد ، المعلم في الثمانينيات والشاعر الشعبي الذي ملئت قصائده في مدح القائد والقادسية والعديد من الأغاني التي أنشِدت في الإذاعة والتلفزيون زمن الحرب العراقية الإيرانية ، كانت من نظْم العقابي. هذا العقابي حصل على الماجستير من كلية التربية في جامعة بغداد أهدى نسخة من أطروحته تلك إلى صدام، وكتب في إهدائه: «إليك سيدي القائد، يا أرقّ من قنّينة العطر، وأنضر من ورد الجوري، وأدقّ من حدّ السيف؛ أهدي ثمرة جهدي هذا...هاشم العقابي».
وفي عام 1983م زار صدام مسرحَ الرشيد لحضور مسرحية نشيد الأرض التي أخرجها قاسم محمد، وعند خروجه استقبله العقابي بعبارات نارية شعرية مديحاً له! بعدها قال له: «سيدي! أنا أبحث في فكرك برسالة ماجستير عنوانها (القيم الخالدة في أحاديث الرئيس القائد)، وأريد أن أكمل البحث في رسالة دكتوراه من لندن! »؛ فأجابه صدام حسين: «عفيه! وشْ كثر.. ؟ كم سنة؟ »، ثم التفت صدام إلى (لطيف نصيف جاسم) وزير الإعلام آنذاك، وقال له: «أربع سنين.. مو لطيف؟ »؛ فهب العقابي بصوت عالٍ: «لا.. سيدي! فكرك كبير وغني، ويحتاج إلى ثماني سنين! » وأجابه صدام: «خلاص روح ثماني سنين»!.
هذه الرسالة كانت فاتحة خير على الأخ العقابي ذهب إلى بريطانيا وعاش فيها وطلب اللجوء السياسي وزار جميع الدول التي كنا نحلم ، نحن المنتقدين ، أو الساكتين، من السير في شوارعها في الشرق أو في الغرب، هذا الشخص حينما قدم إلى العراق بعد التغيير كان صوته يصدح بمدح التغيير والعملية السياسية وينتقد النظام السابق ، لكن هذا الشخص وبدون سابق إنذار تحول من مدافع عن التغيير إلى صوت يلعن رموز العملية السياسية والتغيير حتى أصبح متطرفا أكثر من اللازم في مقالاته إذ غدا أمره محير وعجيب، فقد فاق الحرباء في تلونها، والأفعى في طريقة تغيير ثوبها، فهو كان المدلل عند صدام حسين، وهو كان المقرب منه، وهو الذي، لم يدخر صدام حسين وسعاً في مساعدته، في شتى الظروف، فنال أعلى الشهادات، كهدية من صدام حسين، وزار دول العالم جميعها ، وكان يفترض أن يكون منصفاً وموضوعياً في طرحه فهذا الشخص أمره غريب، فهو نموذج لفئة محدودة من البشر، لا يمكن إلا أن نطلق عليها، فئة المصلحين المنتفعين، الذين لا يقدمون شيء إلى الوطن إلا بثمن فلا يضعون أيديهم في شيء إلا حينما ينتفعون منه ، هذا الشخص من الذين طبّلوا، وزمّروا، ورقصوا لصدام حسين، ولنظامه ولسنين طوال.. هذا المهرج، كان ينام ببدلته العسكرية الزيتوني ومسدسه الذي يتدلى من خصره ولسنين طوال أنه ، أيها السادة، شاعر قادسية صدام، وشاعر المعركة، وعضو الفيلق الثامن، فيلق المنشدين، والمطربين، والمطبلين لعهد صدام حسين .
لقد كان (هاشم العقابي) يشغل نائب رئيس جمعية الشعراء الشعبيين في العراق، وكثيراً ما تغنى بأشعاره بالرئيس الراحل! ، كنت فيما سبق من المعجبين بهذه الشخصية وإنا أراها تدافع بحرقة عن التغيير والعملية السياسية والديمقراطية في العراق وكنت قد غفرت في قرارة نفسي على الكثير مما اسمعه عن هذا الشاعر والكاتب لأني أرجعت ذلك إلى طغيان واستبداد النظام الصدامي والرجل كان بحاجة الى الكتابة بحق صدام وجلاوزته حتى يخرج من العراق ويلتحق بالمعارضة اما تلون هذا الرجل واعتدائه على الرموز السياسية في العراق هذا يدل على ان الرجل يبحث على مصلحته على حساب الاغلبية المؤمنة بالتغيير والعملية السياسية والديمقراطية وكان يفترض فيه الكتابة بمهنية وعدم التجاوز من خلال تشبيه الرموز بالكلاب .
من هنا لابد من فضح العقابي الذي نال الماجستير في (القيم السائدة في أحاديث الرئيس صدام حسين)! والتي أهداها الى صدام حسين، فالقصة لم تنته هنا، فالتاريخ يختزن قصة لقاء العقابي بصدام حسين، وما دار بينهما من حديث، فحينما قدم طلباً الى الرئيس صدام حسين، من أجل مقابلته، تم تحديد موعداً له فأهدى العقابي الى صدام حسين قصيدة شعبية عصماء، سمى فيها صدام حسين، بـ (النبي الجديد في العراق والأرض)، فسأله الرئيس صدام عن حاجته فقال له، وبالحرف الواحد : (سيدي القائد حفظكم الله ورعاكم أنت أب، وأنت قائد، وأنت معلم، وأنت والد العراقيين وأنا واحد منهم، فأريد من سيادتكم السماح لي بالدراسة في لندن من أجل نيل الدكتوراه..).
وهكذا تأكد لي ان الفلوس تغير النفوس وقد يعذر العقابي على ذلك فالطبع غلاب والرجل تعود على التملق والمدح وعلى من يدفع اكثر ، لذلك نسأله هل ما زال يتباهى في صورته وهو مع القائد الضرورة بملابس الخاكي والتي حولها الى لوحة بحجم الحائط في شقته التي كان يقيم فيها وسط عاصمة الضباب، لندن، وهو من تبنى عملية جمع التبرعات لصالح قادسية صدام، بالتعاون مع السفارة العراقية في لندن .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat