صفحة الكاتب : رائد عبد الحسين السوداني

رجال خلّدوا التاريخ / كاظم حبيب الصافي نموذجاً.
رائد عبد الحسين السوداني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ونحن نعيش ذكرى استشهاد السيد آية الله العظمى محمد محمد صادق الصدر الذي أحدث في حركته الاجتهادية المرجعية الميدانية الإصلاحية تغييراً جذريا على مستوى المفاهيم السائدة آنذاك الأمر الذي تطلب رجالا على مستوى المهمة والحدث ،فالمهمة لم تكن يسيرة ،سهلة بكل المقاييس ،ذلك إن كل حركة جديدة إصلاحية لابد وأن تهب بوجهها رياح التصلب وأصحاب العقول التي توقفت عند حدود لا يستطيعون تجاوزها بأي حال من الأحوال ولعدة أسباب أهمها أن هذه الحدود جعلت منهم قديسين يُمنع الإشارة إليهم لا من قريب أو بعيد ،أما الحدث فقد جاء في وقت وزمان كان العراق فيه في دائرة الضوء الأمريكي الذي كان يعد العدة ويهيأ العقول والأذهان للحدث الكبير الذي شهده العراق في 2003،إذ أكد السيد الصدر إن ما تقوم به أمريكا إنما تستهدف منه المجتمع العراقي وفي حركته هذه كرر شعار كلا كلا أمريكا وكلا كلا إسرائيل وأكد على دور الثلاثي الديني والذي أطلق عليه الثالوث المشؤوم ويتكون من إسرائيل وبريطانيا وأمريكا وهذا التأكيد لم يصدر من خطيب في خطبة بل صدر من مفكر تغييري أراد أن يلفت الأنظار إلى إن مابين أمريكا وإسرائيل وبريطانيا ليس بالحلف السياسي بل هناك اتحاد ديني من خلال المذهب البروتستانتي واليهودية فأكد على هذا الشعار الرافض لأمريكا وإسرائيل ،وأيضا كانت هناك السلطة وحزبها المتشبثة بالحكم التي بدأت تشعر أنها ستفقده فأرادت التقرب والتزلف والتوسط لدى سيدته أمريكا وبكل الوسائل منها التضييق على الحراك السياسي أو الديني أو الاجتماعي بأكثر صور البطش المعروفة بها فكيف إذا كانت حركة السيد الشهيد الصدر الثاني تمثل كل هذه الحراكات والتي تطلبت وجود رجال من نوع خاص ينفذون هذا الحراك ويمثلونه على أرض الواقع العراقي الملغوم آنذاك ليرسلهم إلى محافظات العراق والذين لابد أن نخصهم بالذكر في هذه الذكرى، فكان منهم رجل في مقتبل العمر (مواليد 1967) يمتلك  القوة الفكرية والحزم وسرعة البديهية والثقافة العالية والخطابة والبلاغة المفوهة والصوت الرخيم والوداعة والاحساس المرهف وحب الآخرين ونكران الذات .عندما جاء السيد كاظم حبيب الصافي إلى  الكوت استحوذ على الألباب بعد أن منح الناس حبه وفتح لهم قلبه ،كان منصتا عال المستوى ،مهذبا مع محدثيه المخالفين له والمختلفين معه حتى يجبرهم على العودة إليه ليستزيدوا من حديثه وليبنوا معه علاقة ملؤها الاحترام والمودة . 

تعرض السيد كاظم حبيب الصافي إلى مضايقات يومية من رجال الأمن ورجال الحزب فما أن يخرج رجل الأمن حتى يدخل رجل الحزب إذ يدخلون دائما بكبريائهم الفارغ المعروف ليخرجوا من (براني) السيد وهم يجرجرون خلفهم كل معاني الهوان والذل ،ولم يكتف هؤلاء بمضايقته في (البراني) إذ كانت الاستدعاءات شبه يومية له التي لم تزده إلا صلابة وقوة في موقفه على الرغم من مرضه الذي يعاني منه (مصاب بفتحة القلب الولادية ) ومن أروع المواقف التي وقفها بوجه السلطة ،رفضه الدعاء لرئيس الحكم صدام حسين في نهاية كل خطبة ولما تم تضييقه بشكل لا يستطيع معه إلا التصادم مع رجال السلطة وجد أنه لابد من اتخاذ القرار الجريء فترأس وفداً من مريدي السيد محمد محمد صادق الصدر (رضوان الله عليه) ليشرح له الأمر وتداعياته وليأخذ القرار النهائي الذي كان منع صلاة الجمعة في الكوت من قبله لتفويت الفرصة على السلطة من التصادم مع المصلين وهي فرصة كانت تنتظرها للإنقضاض عليهم . 

أما عندما وصله خبر استشهاد السيد الذي كان يصفه بأنه لوسمع نبأ موت أبيه وأمه وأخوانه وأولاده كان أهون عليه من سماع هذا الخبر الذي هز كل محبي ومريدي السيد الصدر وجعل مخالفيه في موقف لا يحسد عليه ،حزن السيد كاظم حبيب الصافي حزنا شديداً على السيد الصدر لكنه لم يهن ولم يتهاون في موقفه فقد كان مع رفيقه الشهيد رزاق كوكز عنوانا لأصحاب المواقف البطولية فقد أقام مأتما للسيد لمدة عشرة أيام كانت هي أيام التحدي وأيام المواقف والخطب التي كان لها وقع شديد على الأسماع لاسيما خطبة الشهيد رزاق كوكز في جامع الكوت الأكبر .حافظ السيد كاظم الصافي بعد استشهاد السيد الصدر على مسيرته في استقبال الناس يناقشهم ويوجههم فقهيا وعلميا على الرغم من إنه كان في صلب حدث كبير لو نجح ،أو لم يتخاذل المتخاذلون ولم ينكث الوعود من وعد وتعهد لتغير وجه العراق باسم الثأر للشهيد الصدر العظيم فقد قاد مجموعة من الشباب المؤمن الذي آمن بفكر الصدر الثاني وهاجم مقرات الحزب الحاكم وإن عرفوا بالتخاذل الكبير وقتلوا وجرحوا من أعضاء الحزب الحاكم الذي شن هجمة شرسة على مريدي السيد الشهيد الصدر ويعتقل من يعتقل ضمن قوائم أعدها وسلمها لمديرية الأمن في الكوت، ويهاجر من يهاجر ويختفي من يختفي وكان السيد كاظم حبيب الصافي في مقدمة المعتقلين في أمن الكوت والذي أبدى بطولة نادرة مع الشيخ رزاق كوكز تحولت إلى مثال حي لكل من يريد التضحية والفداء في سبيل القضايا الكبرى ،أعدم السيد كاظم الصافي برفقة الشيخ رزاق كوكز وثلة من الشباب المؤمن والذين عرفوا فيما بعد بشهداء الجمعة ،الجمعة التي أقضت مضاجع المستبدين والمعاندين على حد سواء لأنها كشفت الحقائق وبينتها  وأظهرتها ،فلروح السيد كاظم الصافي شآبيب الرحمة .وللعراق الذي ضحى من أجله الصدر العظيم الثاني وصحبه العزة والرفعة .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رائد عبد الحسين السوداني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/09/12



كتابة تعليق لموضوع : رجال خلّدوا التاريخ / كاظم حبيب الصافي نموذجاً.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net