صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

تاملات في القران الكريم ح149 سورة هود الشريفة
حيدر الحد راوي

 

بسم الله الرحمن الرحيم
 
وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُـشْرَى قَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ{69} 
نستقرأ الاية الكريمة في ثلاثة موارد : 
1- (  وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُـشْرَى ) : الرسل كانوا من الملائكة , على بعض الروايات والاخبار انهم اربعة جبرائيل وميكائيل واسرافيل وكروبيل (ع) , اما البشارة فكانت بالولد , حيث قضى ابراهيم (ع) شطرا طويلا من عمره ولم ينجب له , حتى كانت هذه البشارة بإسماعيل من هاجر , واسحق من ساره . 
2- (  قَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ ) : يبين النص المبارك انهم القوا عليه السلام , ورد (ع) عليهم السلام .
3- (  فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ ) : مشوي وناضج .      
 
فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ{70} 
نستقرأ الاية الكريمة في موقفين : 
1- ( فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ  وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ) : يروي النص المبارك , ان ابراهيم (ع) شاهد ان ضيوفه لا تمتد ايديهم الى العجل المشوي , فأنكر ذلك , وهذه من عادات الكرم , حيث ينكر المضيف على ضيوفه حالما يلاحظ ان ايديهم لا تمتد الى طعامه , في مثل هذا الحال يكون احد امرين : 
أ‌) ان الضيوف لديهم حاجة , فلن تمتد ايدهم الى الطعام ما لم تقضى . 
ب‌) ان الضيوف لم يأتوا من اجل الضيافة , بل أتوا لامر اخر .    
ايا كان الامر , من الطبيعي ان يشعر او يحس او يضمر المضيف في قلبه خوفا من نوع ما ( وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ) .    
2- ( قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ ) : في النص المبارك يبين الضيوف ثلاثة امور : 
أ‌) ( قَالُواْ لاَ تَخَفْ ) : لدفعه (ع) لاطمئنان .
ب‌) بينوا انهم ملائكة , لذلك فهم لا يأكلون . 
ت‌) بينوا انهم مرسلون لايقاع العذاب بقوم لوط (ع) .       
 
وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ{71}
تبين الاية الكريمة امرين : 
1- ( وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ ) : سارة بنت لاحج وهي ابنة خالة ابراهيم (ع) , اما كونها ( قَآئِمَةٌ ) فيختلف في ذلك المفسرون , فمنهم من قال : 
أ‌) تسمع محاورتهم . "تفسير الصافي ج2 للفيض الكاشاني ". 
ب‌) ( قَآئِمَةٌ ) تخدمهم . "تفسير الجلالين للسيوطي". 
( فَضَحِكَتْ ) استبشارا بهلاك قوم لوط (ع) "تفسير الجلالين للسيوطي" , وحاضت من ساعتها , بعد ان فارقها الحيض .
مناقشة : ما الداعي لسارة ان تضحك لسماعها بهلاك قوم لوط (ع) ؟ , لا داعي لذلك , بل وجب عندها الفزع , وهذا ما حصل فعلا , فقد نال منها الفزع , فيما يبدو انها من شدة الفزع الذي نال منها حاضت , بعد ان كان قد ارتفع الحيض عنها دهرا طويلا , فضحكت استبشارا بالحيض , وليس استبشارا بهلاك قوم لوط (ع) ! .          
2- ( فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ ) : يروي النص المبارك ان الله تعالى بشرها باسحاق على السنة الملائكة المرسلين , ومن وراءه يعقوب (ع) .     
 
قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ{72} 
نستقرأ الاية الكريمة في ثلاثة موارد : 
1- (  قَالَتْ يَا وَيْلَتَى ) : تطلق عند كل امر عظيم , وهنا يراد بها التعجب . 
2- (  أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِي شَيْخاً ) :  مما يروى ان ساره كان عمرها عند ذاك تسعون او تسع وتسعون سنة , وابراهيم (ع) كان عمره مئة وعشرون سنة . 
3- (  إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ ) : ان يولد ولدا لهرمين ( متقدمين بالسن ) .   
 
قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ{73}
اوردت الاية الكريمة جواب الملائكة (ع) لتعجب ساره , وكان في ثلاثة محاور : 
1- ( قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ ) : اتعجبين من امر الله تعالى وقضاؤه وقدرته ! . 
2- ( رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ) : هنا يختلف المفسرون في ( أَهْلَ الْبَيْتِ ) : 
أ‌) اهل بيت النبوة . "تفسير الصافي ج2 للفيض الكاشاني ". 
ب‌) اهل بيت ابراهيم (ع) . "تفسير الجلالين للسيوطي".   
3- ( إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ ) : ( الحميد ) هو المحمود الذي استحق الحمد بفعاله في السراء و الضراء و الشدة و الرخاء ." المقام الاسنى في تفسير الاسماء الحسنى للكفعمي".  
( إِنَّهُ حَمِيدٌ ) فاعل ما يستوجب به الحمد . "تفسير الصافي ج2 للفيض الكاشاني ". 
المجيد : بمعنى و المجد الكرم قاله الجوهري و المجيد الواسع الكرم و رجل ماجد إذا كان سخيا واسع العطاء , و قيل هو الكريم العزيز و منه قوله تعالى بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ أي كريم عزيز , و قيل معنى مجيد أي ممجد أي مجده خلقه و عظموه قاله ابن فهد في عدته , و قال الهروي في قوله تعالى ق وَ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ و المجد في كلامهم الشرف الواسع و رجل ماجد مفضال كثير الخير و مجدت الإبل إذا وقعت في مرعى كثير واسع , و قال الشهيد المجيد هو الشريف ذاته الجميل فعاله قال و الماجد مبالغة في المجد ." المقام الاسنى في تفسير الاسماء الحسنى للكفعمي".    
( مَّجِيدٌ ) : كثير الخير والاحسان .  "تفسير الصافي ج2 للفيض الكاشاني ".   
 
فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ{74} 
تروي الاية الكريمة لما ذهب الخوف عن ابراهيم (ع) وجاءته البشرى بالولد , جادل الرسل في شأن قوم لوط (ع) , حيث كان لوط (ع) ابن خالته , وكانت مجادلته (ع) لهم بأن قال لهم : أتهلكون قرية فيها ثلاثمائة مؤمن ؟ قالوا : لا ، قال : أفتهلكون قرية فيها مائتا مؤمن ؟ قالوا : لا ، قال ، أفتهلكون قرية فيها أربعون مؤمنا ؟ قالوا : لا قال : أفتهلكون قرية فيها أربعة عشر مؤمنا ؟ قالوا : لا ، قال : أفرأيتم إن كان فيها مؤمن واحد ؟ قالوا : لا ، قال : إن فيها لوطا ، قالوا : نحن أعلم بمن فيها ... الخ .  
 
إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ{75}
تبين الاية الكريمة ثلاثة صفات لابراهيم (ع) : 
1- ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ ) : غير عجول على من أساء إليه بالأنتقام . "تفسير الصافي ج2 للفيض الكاشاني ".   
2- ( أَوَّاهٌ ) : كثير الدعاء "نفس المصدر السابق" , او كثير التأوه من خوف الله تعالى . "مصحف الخيرة علي عاشور العاملي". 
3- ( مُّنِيبٌ ) : راجع الى الله تعالى .     
يتبين من الاية الكريمة , ان مجادلة ابراهيم (ع) للرسل ( الملائكة ) "ع" نابع من رقة قلبه , وفرط ترحمه . "تفسير الصافي ج2 للفيض الكاشاني ".    
 
يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاء أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ{76} 
تضمنت الاية الكريمة نداءا منه جل وعلا لابراهيم (ع) على لسان الملائكة (ع) بعد ان طالت المجادلة , ( أَعْرِضْ عَنْ هَذَا ) , الجدال , ( إِنَّهُ قَدْ جَاء أَمْرُ رَبِّكَ ) , قضاؤه جل وعلا بهلاكهم , حسب ما اقتضته حكمته جل وعلا , ( وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ ) , لا يرد بجدال , ولا وسيلة لدفعه عنهم .     
 
وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ{77}
تنعطف الاية الكريمة لتكمل سرد تفاصيل الحادث من زاوية ومكان اخر , ( وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ ) , اصابه الحزن , لانهم جاؤوا بصورة غلمان , فظن انهم ادميين , فخاف ان يقصدهم قومه حيث لا يمكنه توفير الحماية لهم , ( وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً ) , وضاق بمكانهم ذرعه ، وهو كناية عن شدة الانقباض للعجز عن مدافعة المكروه "تفسير الصافي ج2 للفيض الكاشاني " , ( وَقَالَ هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ ) ,  شديد .         
مما تجدر له الاشارة , ان قوم لوط كانوا يقصدون كل مارا بهم سواء كان مسافرا , او عابر سبيل , او تاجرا ...الخ , خصوصا اذا كان حسن الصورة , يقصدونه لممارسة الفاحشة معه ! .  
 
وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ{78}
نستقرأ الاية الكريمة في ثلاثة موارد : 
1- ( وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ ) : يروي النص المبارك ان القوم لما سمعوا بخبر الضيوف جاؤوا مسرعين الى دار لوط (ع) , يندفعون اندفاعا لممارسة الفاحشة معهم .
2- ( وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ ) : يبين النص المبارك انهم كانوا قد مرنوا الفاحشة , ومارسوها كثيرا , الى درجة انهم لم يستحوا من الاندفاع في طلبها , وممارستها جهرا . 
3- ( قَالَ يَا قَوْمِ هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ ) : يبين النص المبارك ان لوطا (ع) انبرى للدفاع عن ضيفه قائلا : 
أ‌) ( قَالَ يَا قَوْمِ هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ) : قدم بناته (ع) ليتزوجوهن فدية لضيوفه وكرما وحمية . 
ب‌) ( فَاتَّقُواْ اللّهَ ) : اتقوا الله في الفاحشة ( مواقعه الذكور ) . 
ت‌) ( وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي ) : ولا تفضحوني في ضيوفي . 
ث‌) ( أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ ) : يهتدي الى الحق , ويميز الخبيث من الطيب , ويأمر بالمعروف وينهي عن المنكر .     
 
قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ{79} 
تروي الاية الكريمة جواب قوم لوط (ع) له , وكان في موردين : 
1- ( قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ ) : من حاجة . 
2- ( وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ ) : اتيان الذكور .    
 
قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ{80}
تروي الاية الكريمة ان رد لوط (ع) عليهم كان في محورين : 
1- (  قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً ) : طاقة , او قدرة شخصية .
2- (  أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ) : عشيرة او طرف قوي يوفر له (ع) الدعم والاسناد .   
 
قَالُواْ يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ{81} 
تروي الاية الكريمة تدخل الرسل ( الملائكة ) في هذه اللحظة العصيبة على لوط (ع) : 
1- ( قَالُواْ يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ ) : ابتدأ الرسل بتعريف انفسهم . 
2- ( لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ ) : بسوء ابدا . 
3- ( فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ ) : الاسراء هو السير ليلا . 
4- ( وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ ) : تضمن النص المبارك تحذيرا لكل من يلتفت الى الوراء , لئلا يرى العذاب النازل بهم . 
5- ( إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ ) : يستثني النص المبارك ( إِلاَّ امْرَأَتَكَ ) واختلفت الاراء فيها , فمنهم من يقول انها زوجته , وبعضهم من قال غير ذلك , واختلف المفسرون ايضا في كونها لم تخرج معهم , او انها خرجت معهم , لكنها نظرت باتجاه القوم , وقالت ( واقوماه ) فجاءها حجر فقتلها .   
6- ( إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ ) : تروي كتب التفسير ان لوطا (ع) سأل الرسل ( الملائكة ) عن وقت هلاكهم , فقالوا له ( إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ) , فسألهم (ع) الاستعجال , فأجابوه ( أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ ) .       
 
فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ{82}
تروي الاية الكريمة عندما جاء الامر الالهي بهلاكهم وقع بهم العذاب بطريقين :  
1- ( فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا ) : رفعها جبريل (ع) الى السماء واسقطها مقلوبة الى الارض . 
2- ( وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ ) : اعقب ذلك مطرا من حجارة متحجرة , (  مَّنضُودٍ ) , متتابع .       
 
مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ{83}
نستقرأ الاية الكريمة في موردين : 
1- ( مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ ) : يختلف المفسرون في شأنها , فمنهم من قال : 
أ‌) معلَّمة عليها اسم من يرمى بها . " تفسير الجلالين للسيوطي " . 
ب‌) معلمة للعذاب , بمعنى انها مخصصة لهذا النوع من الجرائم .
هذا النوع من الحجارة مخصصة ومعدة في خزائن علمه جل وعلا لكل من اقترف هذه الفاحشة وسعى في نشرها , مجوزا اياها , مبيحا لها , مصرا عليها حتى وافته المنية , حيث جاء في تفسير العياشي ( عن الصادق عليه السلام من مات مصرا على اللواط لم يمت حتى يرميه الله بحجر من تلك الاحجار فيكون فيه منيته ولا يراه أحد ) , والقمي : ( عنه عليه السلام ما من عبد يخرج من الدنيا يستحل عمل قوم لوط إلا رمى الله كبده من تلك الحجارة تكون منيته بها ولكن الخلق لا يرونه ) .  
2- ( وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ ) :  النص المبارك يخاطب النبي الكريم محمد (ص واله) , والمعني بها كفار مكة بالخصوص , والظالمين كافة في كل عصر ومصر . 
جاء في تفسير الصافي ج2 للفيض الكاشاني ( روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه سأل عن جبرئيل فقال : يعني ظالمي أمتك ما من ظالم منهم إلا وهو بعرض حجر يسقط عليه من ساعة إلى ساعة ) .
وفي الكافي : عن الباقر عليه السلام ( وما هي من الظالمين ببعيد ) ظالمي أمتك ، إن عملوا ما عمل قوم لوط .
وهذا ما يدل ويشير الى ان كل من عمل عمل قوم لوط , مصرا عليه , حتى وافته المنية , سيرميه الله تعالى بنفس الحجارة التي رمى بها قوم لوط , وان كان لا يراها احد , سواء كان من امة محمد (ص واله) او من غيرها من الامم . 
 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/09/03



كتابة تعليق لموضوع : تاملات في القران الكريم ح149 سورة هود الشريفة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net