بسم الله الرحمن الرحيم
وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُـشْرَى قَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ{69}
نستقرأ الاية الكريمة في ثلاثة موارد :
1- ( وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُـشْرَى ) : الرسل كانوا من الملائكة , على بعض الروايات والاخبار انهم اربعة جبرائيل وميكائيل واسرافيل وكروبيل (ع) , اما البشارة فكانت بالولد , حيث قضى ابراهيم (ع) شطرا طويلا من عمره ولم ينجب له , حتى كانت هذه البشارة بإسماعيل من هاجر , واسحق من ساره .
2- ( قَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ ) : يبين النص المبارك انهم القوا عليه السلام , ورد (ع) عليهم السلام .
3- ( فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ ) : مشوي وناضج .
فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ{70}
نستقرأ الاية الكريمة في موقفين :
1- ( فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ) : يروي النص المبارك , ان ابراهيم (ع) شاهد ان ضيوفه لا تمتد ايديهم الى العجل المشوي , فأنكر ذلك , وهذه من عادات الكرم , حيث ينكر المضيف على ضيوفه حالما يلاحظ ان ايديهم لا تمتد الى طعامه , في مثل هذا الحال يكون احد امرين :
أ) ان الضيوف لديهم حاجة , فلن تمتد ايدهم الى الطعام ما لم تقضى .
ب) ان الضيوف لم يأتوا من اجل الضيافة , بل أتوا لامر اخر .
ايا كان الامر , من الطبيعي ان يشعر او يحس او يضمر المضيف في قلبه خوفا من نوع ما ( وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ) .
2- ( قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ ) : في النص المبارك يبين الضيوف ثلاثة امور :
أ) ( قَالُواْ لاَ تَخَفْ ) : لدفعه (ع) لاطمئنان .
ب) بينوا انهم ملائكة , لذلك فهم لا يأكلون .
ت) بينوا انهم مرسلون لايقاع العذاب بقوم لوط (ع) .
وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ{71}
تبين الاية الكريمة امرين :
1- ( وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ ) : سارة بنت لاحج وهي ابنة خالة ابراهيم (ع) , اما كونها ( قَآئِمَةٌ ) فيختلف في ذلك المفسرون , فمنهم من قال :
أ) تسمع محاورتهم . "تفسير الصافي ج2 للفيض الكاشاني ".
ب) ( قَآئِمَةٌ ) تخدمهم . "تفسير الجلالين للسيوطي".
( فَضَحِكَتْ ) استبشارا بهلاك قوم لوط (ع) "تفسير الجلالين للسيوطي" , وحاضت من ساعتها , بعد ان فارقها الحيض .
مناقشة : ما الداعي لسارة ان تضحك لسماعها بهلاك قوم لوط (ع) ؟ , لا داعي لذلك , بل وجب عندها الفزع , وهذا ما حصل فعلا , فقد نال منها الفزع , فيما يبدو انها من شدة الفزع الذي نال منها حاضت , بعد ان كان قد ارتفع الحيض عنها دهرا طويلا , فضحكت استبشارا بالحيض , وليس استبشارا بهلاك قوم لوط (ع) ! .
2- ( فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ ) : يروي النص المبارك ان الله تعالى بشرها باسحاق على السنة الملائكة المرسلين , ومن وراءه يعقوب (ع) .
قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ{72}
نستقرأ الاية الكريمة في ثلاثة موارد :
1- ( قَالَتْ يَا وَيْلَتَى ) : تطلق عند كل امر عظيم , وهنا يراد بها التعجب .
2- ( أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِي شَيْخاً ) : مما يروى ان ساره كان عمرها عند ذاك تسعون او تسع وتسعون سنة , وابراهيم (ع) كان عمره مئة وعشرون سنة .
3- ( إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ ) : ان يولد ولدا لهرمين ( متقدمين بالسن ) .
قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ{73}
اوردت الاية الكريمة جواب الملائكة (ع) لتعجب ساره , وكان في ثلاثة محاور :
1- ( قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ ) : اتعجبين من امر الله تعالى وقضاؤه وقدرته ! .
2- ( رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ) : هنا يختلف المفسرون في ( أَهْلَ الْبَيْتِ ) :
أ) اهل بيت النبوة . "تفسير الصافي ج2 للفيض الكاشاني ".
ب) اهل بيت ابراهيم (ع) . "تفسير الجلالين للسيوطي".
3- ( إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ ) : ( الحميد ) هو المحمود الذي استحق الحمد بفعاله في السراء و الضراء و الشدة و الرخاء ." المقام الاسنى في تفسير الاسماء الحسنى للكفعمي".
( إِنَّهُ حَمِيدٌ ) فاعل ما يستوجب به الحمد . "تفسير الصافي ج2 للفيض الكاشاني ".
المجيد : بمعنى و المجد الكرم قاله الجوهري و المجيد الواسع الكرم و رجل ماجد إذا كان سخيا واسع العطاء , و قيل هو الكريم العزيز و منه قوله تعالى بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ أي كريم عزيز , و قيل معنى مجيد أي ممجد أي مجده خلقه و عظموه قاله ابن فهد في عدته , و قال الهروي في قوله تعالى ق وَ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ و المجد في كلامهم الشرف الواسع و رجل ماجد مفضال كثير الخير و مجدت الإبل إذا وقعت في مرعى كثير واسع , و قال الشهيد المجيد هو الشريف ذاته الجميل فعاله قال و الماجد مبالغة في المجد ." المقام الاسنى في تفسير الاسماء الحسنى للكفعمي".
( مَّجِيدٌ ) : كثير الخير والاحسان . "تفسير الصافي ج2 للفيض الكاشاني ".
فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ{74}
تروي الاية الكريمة لما ذهب الخوف عن ابراهيم (ع) وجاءته البشرى بالولد , جادل الرسل في شأن قوم لوط (ع) , حيث كان لوط (ع) ابن خالته , وكانت مجادلته (ع) لهم بأن قال لهم : أتهلكون قرية فيها ثلاثمائة مؤمن ؟ قالوا : لا ، قال : أفتهلكون قرية فيها مائتا مؤمن ؟ قالوا : لا ، قال ، أفتهلكون قرية فيها أربعون مؤمنا ؟ قالوا : لا قال : أفتهلكون قرية فيها أربعة عشر مؤمنا ؟ قالوا : لا ، قال : أفرأيتم إن كان فيها مؤمن واحد ؟ قالوا : لا ، قال : إن فيها لوطا ، قالوا : نحن أعلم بمن فيها ... الخ .
إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ{75}
تبين الاية الكريمة ثلاثة صفات لابراهيم (ع) :
1- ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ ) : غير عجول على من أساء إليه بالأنتقام . "تفسير الصافي ج2 للفيض الكاشاني ".
2- ( أَوَّاهٌ ) : كثير الدعاء "نفس المصدر السابق" , او كثير التأوه من خوف الله تعالى . "مصحف الخيرة علي عاشور العاملي".
3- ( مُّنِيبٌ ) : راجع الى الله تعالى .
يتبين من الاية الكريمة , ان مجادلة ابراهيم (ع) للرسل ( الملائكة ) "ع" نابع من رقة قلبه , وفرط ترحمه . "تفسير الصافي ج2 للفيض الكاشاني ".
يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاء أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ{76}
تضمنت الاية الكريمة نداءا منه جل وعلا لابراهيم (ع) على لسان الملائكة (ع) بعد ان طالت المجادلة , ( أَعْرِضْ عَنْ هَذَا ) , الجدال , ( إِنَّهُ قَدْ جَاء أَمْرُ رَبِّكَ ) , قضاؤه جل وعلا بهلاكهم , حسب ما اقتضته حكمته جل وعلا , ( وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ ) , لا يرد بجدال , ولا وسيلة لدفعه عنهم .
وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ{77}
تنعطف الاية الكريمة لتكمل سرد تفاصيل الحادث من زاوية ومكان اخر , ( وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ ) , اصابه الحزن , لانهم جاؤوا بصورة غلمان , فظن انهم ادميين , فخاف ان يقصدهم قومه حيث لا يمكنه توفير الحماية لهم , ( وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً ) , وضاق بمكانهم ذرعه ، وهو كناية عن شدة الانقباض للعجز عن مدافعة المكروه "تفسير الصافي ج2 للفيض الكاشاني " , ( وَقَالَ هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ ) , شديد .
مما تجدر له الاشارة , ان قوم لوط كانوا يقصدون كل مارا بهم سواء كان مسافرا , او عابر سبيل , او تاجرا ...الخ , خصوصا اذا كان حسن الصورة , يقصدونه لممارسة الفاحشة معه ! .
وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ{78}
نستقرأ الاية الكريمة في ثلاثة موارد :
1- ( وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ ) : يروي النص المبارك ان القوم لما سمعوا بخبر الضيوف جاؤوا مسرعين الى دار لوط (ع) , يندفعون اندفاعا لممارسة الفاحشة معهم .
2- ( وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ ) : يبين النص المبارك انهم كانوا قد مرنوا الفاحشة , ومارسوها كثيرا , الى درجة انهم لم يستحوا من الاندفاع في طلبها , وممارستها جهرا .
3- ( قَالَ يَا قَوْمِ هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ ) : يبين النص المبارك ان لوطا (ع) انبرى للدفاع عن ضيفه قائلا :
أ) ( قَالَ يَا قَوْمِ هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ) : قدم بناته (ع) ليتزوجوهن فدية لضيوفه وكرما وحمية .
ب) ( فَاتَّقُواْ اللّهَ ) : اتقوا الله في الفاحشة ( مواقعه الذكور ) .
ت) ( وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي ) : ولا تفضحوني في ضيوفي .
ث) ( أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ ) : يهتدي الى الحق , ويميز الخبيث من الطيب , ويأمر بالمعروف وينهي عن المنكر .
قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ{79}
تروي الاية الكريمة جواب قوم لوط (ع) له , وكان في موردين :
1- ( قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ ) : من حاجة .
2- ( وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ ) : اتيان الذكور .
قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ{80}
تروي الاية الكريمة ان رد لوط (ع) عليهم كان في محورين :
1- ( قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً ) : طاقة , او قدرة شخصية .
2- ( أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ) : عشيرة او طرف قوي يوفر له (ع) الدعم والاسناد .
قَالُواْ يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ{81}
تروي الاية الكريمة تدخل الرسل ( الملائكة ) في هذه اللحظة العصيبة على لوط (ع) :
1- ( قَالُواْ يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ ) : ابتدأ الرسل بتعريف انفسهم .
2- ( لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ ) : بسوء ابدا .
3- ( فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ ) : الاسراء هو السير ليلا .
4- ( وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ ) : تضمن النص المبارك تحذيرا لكل من يلتفت الى الوراء , لئلا يرى العذاب النازل بهم .
5- ( إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ ) : يستثني النص المبارك ( إِلاَّ امْرَأَتَكَ ) واختلفت الاراء فيها , فمنهم من يقول انها زوجته , وبعضهم من قال غير ذلك , واختلف المفسرون ايضا في كونها لم تخرج معهم , او انها خرجت معهم , لكنها نظرت باتجاه القوم , وقالت ( واقوماه ) فجاءها حجر فقتلها .
6- ( إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ ) : تروي كتب التفسير ان لوطا (ع) سأل الرسل ( الملائكة ) عن وقت هلاكهم , فقالوا له ( إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ) , فسألهم (ع) الاستعجال , فأجابوه ( أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ ) .
فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ{82}
تروي الاية الكريمة عندما جاء الامر الالهي بهلاكهم وقع بهم العذاب بطريقين :
1- ( فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا ) : رفعها جبريل (ع) الى السماء واسقطها مقلوبة الى الارض .
2- ( وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ ) : اعقب ذلك مطرا من حجارة متحجرة , ( مَّنضُودٍ ) , متتابع .
مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ{83}
نستقرأ الاية الكريمة في موردين :
1- ( مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ ) : يختلف المفسرون في شأنها , فمنهم من قال :
أ) معلَّمة عليها اسم من يرمى بها . " تفسير الجلالين للسيوطي " .
ب) معلمة للعذاب , بمعنى انها مخصصة لهذا النوع من الجرائم .
هذا النوع من الحجارة مخصصة ومعدة في خزائن علمه جل وعلا لكل من اقترف هذه الفاحشة وسعى في نشرها , مجوزا اياها , مبيحا لها , مصرا عليها حتى وافته المنية , حيث جاء في تفسير العياشي ( عن الصادق عليه السلام من مات مصرا على اللواط لم يمت حتى يرميه الله بحجر من تلك الاحجار فيكون فيه منيته ولا يراه أحد ) , والقمي : ( عنه عليه السلام ما من عبد يخرج من الدنيا يستحل عمل قوم لوط إلا رمى الله كبده من تلك الحجارة تكون منيته بها ولكن الخلق لا يرونه ) .
2- ( وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ ) : النص المبارك يخاطب النبي الكريم محمد (ص واله) , والمعني بها كفار مكة بالخصوص , والظالمين كافة في كل عصر ومصر .
جاء في تفسير الصافي ج2 للفيض الكاشاني ( روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه سأل عن جبرئيل فقال : يعني ظالمي أمتك ما من ظالم منهم إلا وهو بعرض حجر يسقط عليه من ساعة إلى ساعة ) .
وفي الكافي : عن الباقر عليه السلام ( وما هي من الظالمين ببعيد ) ظالمي أمتك ، إن عملوا ما عمل قوم لوط .
وهذا ما يدل ويشير الى ان كل من عمل عمل قوم لوط , مصرا عليه , حتى وافته المنية , سيرميه الله تعالى بنفس الحجارة التي رمى بها قوم لوط , وان كان لا يراها احد , سواء كان من امة محمد (ص واله) او من غيرها من الامم .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat