صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

الجيش والديمقراطية!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

 
العرب عهدوا أنظمة فردية وملكية وجمهورية وغيرها , على مدى القرن العشرين , وتواصلت الأجيال وهي في دوامة الإذعان والإستسلام والتبعية للكرسي , بما يرمز إليه من القوة والسلطة , وما تعلمت غير ذلك.
كما أنها تحررت من المسؤولية , وألقت بها على عاتق  الدولة والحكومة والنظام الحاكم.
وأصبح مفهوم الحكم في اللاوعي العربي , عبارة  عن الإستئئار بالقوة والسلطة وفعل الجور والظلم .
 ولابد للجميع أن يتمحور حول شخص واحد , تُضفى عليه صفات وسمات كامنة فيهم , لكنهم يسقطونها على الذي يتوهم بالقوة , وما أن يسقط حتى تدوسه سنابك المؤيدين والمتظاهرين بالحب والتمجيد له.
وهذا يعني أن هناك مشكلة خفية كامنة في الأعماق , مفادها التقاطع ما بين الحاكم والمحكوم , وأن فيها درجة عالية من المشاعر السلبية المكبوتة.
ولا يمكن التعافي من الحالة , بمجرد إسقاط النظام الحاكم , والقول بالعمل بالديمقراطية.
لأن الديمقراطية توصيف غريب ومجهول ومبهم , وغير وارد في التأريخ العربي , إلا في مرحلة الخلفاء الراشدين , والذين إنتهوا بالقتل إلا أولهم.
أي أن الديمقراطية  قد ترافقت مع الدم , ففي زمن الخلفاء الراشدين , والذين هم أصحاب الرسول الكريم , وحملة راية الإسلام الواضح المبين الصريح الصحيح , تم التجرؤ عليهم وقتلهم , فكيف نتصور الديمقراطية في هذا الزمن العسير , المؤزر بطاقات الشرور وأدواته الفتاكة.
هكذا هي العلاقة السلوكية والنفسية ما بين العرب والديمقراطية.
ولا يمكن بأي حال من الأحوال ترسيخ المفاهيم الديمقراطية في العقل والوعي , من غير تفاعلات إيجابية ما بين الأجيال , ذلك إن من أكبر وأعظم أسباب المراوحة والتقهقر , هو تقاطع الأجيال , بل تصارعها وتقاتلها.
إذ يتحول كل جيل إلى قبيلة , وتحصل ما بين الأجيال نعرات التفاعل القاسي , مثلما تحصل بين قبيلة وأخرى , وهذا سلوك فاعل في أعماق الإنسان , وعليه أن يواجهه ويتشافى منه , لكي يرتقي إلى السلوك الديمقراطي المعاصر.
وبما أن المشكلة كذلك على ما يبدو في أغلب الأحيان , فأن القوة لا بد منها لردع الإنزلاقات القبلية التصارعية الدامية , وفقا لشريعة قبائل الأحزاب والفئات والطوائف وغيرها من المسميات.
وقد شهدت الدعوات الديمقراطية خسائر فادحة بالأرواح والممتلكات , وتشرذم أبناء الوطن والدين الواحد إلى قبائل , غايتها إنهاك وجود بعضها , والإجهاز على وطنها بإسم الدين والديمقراطية.
وعليه فأن تدخّل المؤسسة العسكرية المستقلة في العملية الديمقراطية من ضرورات بنائها , وتأهيل الشعب نفسيا وسلوكيا , لإستيعاب مضامينها ومراميها الوطنية والإنسانية.
وعلى الغرب أن يعي هذه الحقائق الفاعلة في المجتمع , وأن لا ينظر إليها بمنظار رؤيته الديمقراطية الناضجة المتقدمة والمؤثرة بالسلوك , وفقا للضوابط والقوانين التي تحافظ على مضامينها وآلياتها.
فالعرب لا يزالون في وادي الغاديات يقبعون , والديمقراطية تحلق بحاضرهم كالسراب الذي لا يدركون!!
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/08/28



كتابة تعليق لموضوع : الجيش والديمقراطية!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net