العلاقة الجدلية بين القومية والوطنية ...
راسم قاسم
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
هناك صراع يعتمل في دواخل البعض ممن لم يستوعبوا الاحساس الوطني وتغلب على تفكيرهم نزعة الانتماء القومي وهنا لابد من تعريف الوطنية ..الوطنية ببساطة ، هي مجموعة مشاعر الحب والإخلاص تجاه الوطن، والوطني هو الشخص لذي يتحلى بتلك المشاعر إضافة إلى الولاء والإستعداد للتضحية من أجله، وتوسع تعريف الوطنية ليشمل الروابط بالأرض والناس والعادات والتقاليد وعناصر الفخر بتأريخ الوطن، ويذهب البعض إلى أبعد من ذلك حيث يضيف إلى التعريف شرط الإخلاص للحكومة والولاء لسياسة الدولة، وفي هذا الصدد نقرأ لشارل ديغول مفهوماً خاصاً عن الوطنية يشترط تضامن المواطن مع كافة مواطني بلده ، أما القومية فهي اسم وصفة ورديفها الأمة ، فتشمل مجموعة من الناس الذين يعتقدون أنهم ينتمون إجتماعياً ، بعضهم إلى بعض ، وتربطهم وشائج الدم واللغة والثقافة والدين وغيرها من العوامل التي نشأت وتراكمت على مر الأجيال. أي أن القومية تخضع إلى رابطة سايكولوجية بين الأفراد المنتمين إليها ، مما تجعلهم متميزين عن الآخرين. يعرف الشعور القومي بأنه شعور الفرد أو المجموعة تجاه قومية معينة، وفي البداية كان الشعور القومي نوعاً من إبداء الرغبة بالتحرر ، وتعد الثورة الفرنسية التي إندلعت في الرابع عشر من تموز (يوليو) 1789 نقطة الإنطلاق للشعور القومي الحديث، حيث وحّد شعار الثورة الفرنسية: الحرية والعدالة والأخوة الشعب الفرنسي آنذاك، وإمتد هذا الشعور القومي إلى عدة أرجاء من أوربا. بينما تعبر الوطنية عن إنتماء المواطن إلى مكان بعينه وإلى طراز معيشة معينة يفضلهما على سائر الأمكنة وطرق الحياة الأخرى ، تجسد القومية كسلوك ومشاعر فردية ، أحياناً ، الرغبة في التسلط والسيادة. إن الغرض النهائي للقوميين ، في حالة التطرف ، هو إكتساب المزيد من السلطة والأبهة لأنفسهم ولقوميتهم التي ينتمون إليها، من جانب آخر لا تسمح القومية بوجود معارضين داخل صفوف الأمة ، بينما ، على خلاف ذلك ، تنظر الوطنية إلى الرأي المختلف والسلوك المعارض كحوافز حيوية للتطور وإكتشاف الأفضل، يعتقد القوميون أنهم يكسبون فقط عندما يخسر الآخرون،وعلى خلافهم يضع الوطنيون كل نتيجة لنشاطاتهم السياسية تحت تصرف المجتمع ويجعلون فائدتها تعم الجميع. تبحث القومية عن شعارات تهدف إلى الإنضباط وتوطيد النظام ، مثل شعار مع الأمة عندما تخطأ أو تصيب ، أو أنا وأبن عمي على الغريب، أو إنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً ، إلخ، على عكس ذلك تشحذ الوطنية الجهود الخلاقة للمواطنين وتبارك الإجتهاد الفردي وتسعى لضمان الحريات الفكرية ، حتى إذا جنحت تلك الجهود في بعض الأحيان نحو الخطأ ، كأن تستغل بعض الجهات حرية التعبير وتنتهك حريات الآخرين، بعبارة أخرى: الوطنية تكسب القلوب لذلك فهي تخاطب الروح ، بينما القومية تتجه صوب العقول والنظام والإنضباط.
معروف تأريخياً أن القومية العربية المبكرة قد إتخذت لها من النموذج الفرنسي للدولة القومية مثالاً. ومع تنامي حركة الإشتراكية القومية النازية في المانيا ، التي إتخذت لها شعارات معادية للكولنيالية الفرنسية والبريطانية نمت في الشرق الأوسط وترعرت حركات قومية عربية متأثرة ومتحالفة مع النازية والفاشية الأوربية، ونذكر على سبيل المثال منظمة مصر الفتاة في مصر، وحركة الفتوة في العراق، والحزب الإشتراكي العربي في سوريا. ، ولاغرابة من إستمرار التحالفات الخفية بين الحركات القومية و الإسلامية ضد الأحزاب العلمانية واليسارية والليبرالية والماركسية والديمقراطية.لم يقتصر تأثير الفكر القومي الأوربي على الأحزاب والمنظمات القومية العربية بل تعداه ليشمل الحركات الدينية العربية مثل حركة الإخوان المسلمين بزعامة حسن البنا في مصر والحركة الفلسطينية السلفية بزعامة أمين الحسيني وحزب التحرير، ومن الجدير بالذكر ، أن هذه الأحزاب كانت تنسق نشاطها السياسي مع حركة رشيد عالي الكيلاني القومية التعصبية التي نجحت في الإستيلاء على السلطة في العراق في ثلاثينيات القرن الماضي، وقد كشف التأريخ أنه كان لتلك الحركة القومية ، في الوقت ذاته ، روابط سرية تكتيكية متينة مع التنظيمات والأحزاب الفاشية في 9+12أوربا، وقد ظل نفوذ تلك الحركات القومية في الساحة السياسية العربية فشمل منظمة جمال عبد الناصر وحزب البعث العربي وغيرها من الأحزاب القومية العربية، ومن المعروف أنه كان للحركة الناصرية دور كبير في في التخريب وبذر الفتن والشقاقات والنزاعات في المنطقة العربية، أما حزب البعث فدوره معروف في تدمير المجتمعات العربية في مجتمعات سوريا والعراق واليمن وغيرها من المجتمعات.
لعله من المفيد أن نذكر أيضاً التجربة الأمريكية في حل المسألة القومية ، الذي نراه الأقرب إلى الواقعية والعملية ، والأكثر فائدة للعراق إذا صنعنا لأنفسنا منهجاً مشابهاً له. في الولايات المتحدة الأمريكية ، يتحدث الناس عن المواطَنةوتعني الإنتماء إلى الشعب أو القومية أو الأمة الأمريكية،. وهذه جميعها تنطبق أيضاً على الأجنبي اذا مرت على اقامته الشرعية في ذلك البلد مدة اطول من 5 سنوات، ونعني بذلك إنصهارجميع العراقيين دون تمييز في بوتقة العراق ، لا يوجد في الولايات المتحدة مواطن واحد من اصل عربي او كردي او تركماني يذكر شيئاً مختلفاً عن كونه أمريكي القومية.. فلماذا ياترى نتفرق في العراق ذلك البلد العظيم ، مهد الحضارات الأنسانية ونستنكف ان نقول اننا عراقيون ، ان الوطنبة لا تلغي الخصوصية القومية او الدينية بل تجعل منها عامل ثانوي امام الانتماء الوطني الذي يجب ان يسود مجتمعنا ..
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
راسم قاسم

هناك صراع يعتمل في دواخل البعض ممن لم يستوعبوا الاحساس الوطني وتغلب على تفكيرهم نزعة الانتماء القومي وهنا لابد من تعريف الوطنية ..الوطنية ببساطة ، هي مجموعة مشاعر الحب والإخلاص تجاه الوطن، والوطني هو الشخص لذي يتحلى بتلك المشاعر إضافة إلى الولاء والإستعداد للتضحية من أجله، وتوسع تعريف الوطنية ليشمل الروابط بالأرض والناس والعادات والتقاليد وعناصر الفخر بتأريخ الوطن، ويذهب البعض إلى أبعد من ذلك حيث يضيف إلى التعريف شرط الإخلاص للحكومة والولاء لسياسة الدولة، وفي هذا الصدد نقرأ لشارل ديغول مفهوماً خاصاً عن الوطنية يشترط تضامن المواطن مع كافة مواطني بلده ، أما القومية فهي اسم وصفة ورديفها الأمة ، فتشمل مجموعة من الناس الذين يعتقدون أنهم ينتمون إجتماعياً ، بعضهم إلى بعض ، وتربطهم وشائج الدم واللغة والثقافة والدين وغيرها من العوامل التي نشأت وتراكمت على مر الأجيال. أي أن القومية تخضع إلى رابطة سايكولوجية بين الأفراد المنتمين إليها ، مما تجعلهم متميزين عن الآخرين. يعرف الشعور القومي بأنه شعور الفرد أو المجموعة تجاه قومية معينة، وفي البداية كان الشعور القومي نوعاً من إبداء الرغبة بالتحرر ، وتعد الثورة الفرنسية التي إندلعت في الرابع عشر من تموز (يوليو) 1789 نقطة الإنطلاق للشعور القومي الحديث، حيث وحّد شعار الثورة الفرنسية: الحرية والعدالة والأخوة الشعب الفرنسي آنذاك، وإمتد هذا الشعور القومي إلى عدة أرجاء من أوربا. بينما تعبر الوطنية عن إنتماء المواطن إلى مكان بعينه وإلى طراز معيشة معينة يفضلهما على سائر الأمكنة وطرق الحياة الأخرى ، تجسد القومية كسلوك ومشاعر فردية ، أحياناً ، الرغبة في التسلط والسيادة. إن الغرض النهائي للقوميين ، في حالة التطرف ، هو إكتساب المزيد من السلطة والأبهة لأنفسهم ولقوميتهم التي ينتمون إليها، من جانب آخر لا تسمح القومية بوجود معارضين داخل صفوف الأمة ، بينما ، على خلاف ذلك ، تنظر الوطنية إلى الرأي المختلف والسلوك المعارض كحوافز حيوية للتطور وإكتشاف الأفضل، يعتقد القوميون أنهم يكسبون فقط عندما يخسر الآخرون،وعلى خلافهم يضع الوطنيون كل نتيجة لنشاطاتهم السياسية تحت تصرف المجتمع ويجعلون فائدتها تعم الجميع. تبحث القومية عن شعارات تهدف إلى الإنضباط وتوطيد النظام ، مثل شعار مع الأمة عندما تخطأ أو تصيب ، أو أنا وأبن عمي على الغريب، أو إنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً ، إلخ، على عكس ذلك تشحذ الوطنية الجهود الخلاقة للمواطنين وتبارك الإجتهاد الفردي وتسعى لضمان الحريات الفكرية ، حتى إذا جنحت تلك الجهود في بعض الأحيان نحو الخطأ ، كأن تستغل بعض الجهات حرية التعبير وتنتهك حريات الآخرين، بعبارة أخرى: الوطنية تكسب القلوب لذلك فهي تخاطب الروح ، بينما القومية تتجه صوب العقول والنظام والإنضباط.
معروف تأريخياً أن القومية العربية المبكرة قد إتخذت لها من النموذج الفرنسي للدولة القومية مثالاً. ومع تنامي حركة الإشتراكية القومية النازية في المانيا ، التي إتخذت لها شعارات معادية للكولنيالية الفرنسية والبريطانية نمت في الشرق الأوسط وترعرت حركات قومية عربية متأثرة ومتحالفة مع النازية والفاشية الأوربية، ونذكر على سبيل المثال منظمة مصر الفتاة في مصر، وحركة الفتوة في العراق، والحزب الإشتراكي العربي في سوريا. ، ولاغرابة من إستمرار التحالفات الخفية بين الحركات القومية و الإسلامية ضد الأحزاب العلمانية واليسارية والليبرالية والماركسية والديمقراطية.لم يقتصر تأثير الفكر القومي الأوربي على الأحزاب والمنظمات القومية العربية بل تعداه ليشمل الحركات الدينية العربية مثل حركة الإخوان المسلمين بزعامة حسن البنا في مصر والحركة الفلسطينية السلفية بزعامة أمين الحسيني وحزب التحرير، ومن الجدير بالذكر ، أن هذه الأحزاب كانت تنسق نشاطها السياسي مع حركة رشيد عالي الكيلاني القومية التعصبية التي نجحت في الإستيلاء على السلطة في العراق في ثلاثينيات القرن الماضي، وقد كشف التأريخ أنه كان لتلك الحركة القومية ، في الوقت ذاته ، روابط سرية تكتيكية متينة مع التنظيمات والأحزاب الفاشية في 9+12أوربا، وقد ظل نفوذ تلك الحركات القومية في الساحة السياسية العربية فشمل منظمة جمال عبد الناصر وحزب البعث العربي وغيرها من الأحزاب القومية العربية، ومن المعروف أنه كان للحركة الناصرية دور كبير في في التخريب وبذر الفتن والشقاقات والنزاعات في المنطقة العربية، أما حزب البعث فدوره معروف في تدمير المجتمعات العربية في مجتمعات سوريا والعراق واليمن وغيرها من المجتمعات.
لعله من المفيد أن نذكر أيضاً التجربة الأمريكية في حل المسألة القومية ، الذي نراه الأقرب إلى الواقعية والعملية ، والأكثر فائدة للعراق إذا صنعنا لأنفسنا منهجاً مشابهاً له. في الولايات المتحدة الأمريكية ، يتحدث الناس عن المواطَنةوتعني الإنتماء إلى الشعب أو القومية أو الأمة الأمريكية،. وهذه جميعها تنطبق أيضاً على الأجنبي اذا مرت على اقامته الشرعية في ذلك البلد مدة اطول من 5 سنوات، ونعني بذلك إنصهارجميع العراقيين دون تمييز في بوتقة العراق ، لا يوجد في الولايات المتحدة مواطن واحد من اصل عربي او كردي او تركماني يذكر شيئاً مختلفاً عن كونه أمريكي القومية.. فلماذا ياترى نتفرق في العراق ذلك البلد العظيم ، مهد الحضارات الأنسانية ونستنكف ان نقول اننا عراقيون ، ان الوطنبة لا تلغي الخصوصية القومية او الدينية بل تجعل منها عامل ثانوي امام الانتماء الوطني الذي يجب ان يسود مجتمعنا ..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat