ماذا يخطط له الحيدري؟ هل يدعو لايجاد سقيفة جديدة ملكوتية؟ (الحلقة 3)
الشيخ حسن الكاشاني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
"ابن العربي الشيخ الاكبر عند الحيدري"
وقد بلغ من اغترار ابن العربي بنفسه إلى أن قاس نفسه بنفس خاتم الأنبياء وقال كما أنّ اللّه قد ختم برسول اللّه الأنبياء فعسى أن يختم بي الأولياء !!
قال :
« و لقد رأيت رؤا لنفسي في هذا النوع و أخذتها بشرى من اللّه ، فإنّها مطابقة لحديث نبوي عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حين ضرب لنا مثله في الأنبياء عليهم السلام ، فقال صلى اللّه عليه و سلم : « مثلي في الأنبياء كمثل رجل بنى حائطا فأكمله إلا لبنة واحدة فكنت أنا تلك اللبنة فلا رسول بعدي و لا نبي ». فشبّه النبوة بالحائط و الأنبياء باللبن التي قام بها هذا الحائط ، و هو تشبيه في غاية الحسن. فإن مسمّى الحائط هنا المشار إليه لم يصح ظهوره إلا باللبن فكان صلى اللّه عليه و سلم خاتم النبيين. فكنت بمكة سنة تسع و تسعين و خمسمائة أرى فيما يرى النائم الكعبة مبنية بلبن فضة و ذهب لبنة فضة و لبنة ذهب و قد كملت بالبناء و ما بقي فيها شيء و أنا أنظر إليها و إلى حسنها ، فالتفت إلى الوجه الذي بين الركن اليماني و الشامي هو إلى الركن الشامي أقرب فوجدت موضع لبنتين لبنة فضة و لبنة ذهب ينقص من الحائط في الصفين ، في الصف الأعلى ينقص لبنة ذهب و في الصف الذي يليه ينقص لبنة فضة ، فرأيت نفسي قد انطبعت في موضع تلك اللبنتين ، فكنت أنا عين تينك اللبنتين و كمل الحائط و لم يبق في الكعبة شيء ينقص و أنا واقف أنظر و اعلم إني واقف و اعلم إني عين تينك اللبنتين لا أشك في ذلك و أنّهما عين ذاتي. واستيقظت فشكرت اللّه تعالى و قلت متأولاً : إنّي في الاتباع في صنفي كرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في الأنبياء عليهم السلام ، وعسى أن أكون ممن ختم اللّه الولاية بي و « وَ ما ذلِكَ عَلَى اللّهِ بِعَزيز » و ذكرت حديث النبي صلى اللّه عليه و سلم في ضربه المثل بالحائط و أنه كان تلك اللبنة. فقصصت رؤاى على بعض علماء هذا الشأن بمكة من أهل توزر ، فأخبرني في تأويلها بما وقع لي ، وما سميت له الرائي من هو. فاللّه أسأل أن يتمّها علي بكرمه فإن الإختصاص الإلهي لا يقبل التحجير و لا الموازنة و لا العمل و إن « ذلِك من فَضْلِ اللّه يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ من يَشاءُ وَ اللّه ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ » ».
(الفتوحات المكيّة ، محي الدين ابن العربي : الباب الخامس و الستون ، ج 4 ص 319.)
ولايخفى أنّ في هذه العبارات تلميح إلى أنّه أفضل من سيّد الرسل ، فإنّ حائط رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله كان من طين بينما حائطه كان من ذهب وفضّة ، وحائط سيّد الرسل صلى اللّه عليه وآله كان من إحدى الحيطان بينما حائطه كان حائط الكعبة ، وهو أيضاً لعب دور لبنتين في حين أنّه صلّى اللّه عليه وآله أشغل موضع لبنة واحدة ! !
"الرجبيون يرون الشيعة خنازير"!!
قال ابن العربي في مكاشفة الرجبيين :
« ومنهم رضي اللّه عنهم الرجبيون ، وهم أربعون نفساً في كل زمان ، لا يزيدون ولا ينقصون. وهم رجال حالهم القيام بعظمة اللّه ، وهم من الأفراد ، وهم أرباب القول الثقيل من قوله تعالى : « إِنّا سَنُلْقي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقيلا » ... لقيت واحداً منهم بدنيسير من ديار بكر ، ما رأيت منهم غيره... وكان هذا الذي رأيته قد أبقى عليه كشف الروافض من أهل الشيعة سائر السنة ، فكان يراهم خنازير. فيأتي الرجل المستور الذي لا يعرف منه هذا المذهب قطّ ، وهو في نفسه مؤمن به يدين به ربّه فإذا مرّ عليه يراه في صورة خنزير ، فيستدعيه ويقول له : تب إلى اللّه ؛ فإنّك شيعي رافضي ، فيبقى الآخر متعجّباً من ذلك. فإن تاب وصدق في توبته ، رآه إنساناً وإن قال له بلسانه تبت ، وهو يضمر مذهبه ، لا يزال يراه خنزيراً ، فيقول له : كذبت في قولك تبت. وإذا صدق يقول له : صدقت فيعرف ذلك الرجل صدقه في كشفه ، فيرجع عن مذهبه ذلك الرافضي. ولقد جرى لهذا مثل هذا مع رجلين عاقلين من أهل العدالة من الشافعية ، ما عرف منهما قطّ التشيع ولم يكونوا من بيت التشيع أداهما إليه نظرهما ، وكانا متمكنين من عقولهما ، فلم يظهرا ذلك وأصرّا عليه بينهما وبين اللّه ، فكانا يعتقدان السوء في أبي بكر وعمر ويتغالون في علي. فلمّا مرّا به ودخلا عليه ، أمر بإخراجهما من عنده ، فإن اللّه كشف له عن بواطنهما في صورة خنازير ـ وهي العلامة التي جعل اللّه له في أهل هذا المذهب ـ وكانا قد علما من نفوسهما أنّ أحداً من أهل الأرض ما اطلع على حالهما ، وكانا شاهدين عدلين مشهورين بالسنة. فقالا له في ذلك ، فقال : أراكما خنزيرين ، وهي علامة بيني وبين اللّه فيمن كان مذهبه هذا. فأضمرا التوبة في نفوسهما ، فقال لهما : إنكما الساعة قد رجعتما عن ذلك المذهب ، فإنّي أراكما إنسانين فتعجّبا من ذلك ، وتابا إلى اللّه ».
(الفتوحات المكية ، ابن العربي : 2 / 8.)
اقول: ما أحوج ابن العربي إلى اختلاق هذه الأساطير المشمرجة ، وهي لا يصدّقها أي قار وباد مهما يقرّها قصّاص في أذنيه ، ولا يصير بها الأمر إلى قراره مهما حبكت نسقه يد الإفك وأبدعت في نسجه مهرة الإفتعال. لكنّه لم يزل يتربّص الدوائر على الشيعة ، ويختلق عليهم طامات كهذه. ثمّ يأتي شيعي ويمدح هذا الناصبي غير مكترث ، وهو يراه خنزيراً !!
وشتّان ما بين هذه الكلمات من ابن العربي وبين أدب الدين ، أدب العلم ، أدب التأليف ، أدب العفة ، أدب الدعاية والنشر. إنهم ليقولون منكراً من القول وزوراً ، « يَسْتَخْفُونَ مِنَ النّاسِ وَ لا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَ هُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْل ».
و ابن العربي قال عن إيمان أبي بكر وفضله أنّه يرجح على الأمّة جمعاء ، بما فيهم أمير المؤمنين وأهل بيت العصمة المطهّرون.
(الفتوحات المكيّة ، محي الدين ابن العربي : الباب الأحد و ثلاثمائة ، ج 4 ص 6.)
وادّعى المعراج لنفسه ، ويزعم أنّه رأى في المعراج مقام على أدون من مقام أبي بكر وعمر فقال لعلي : أنت الذي كنت ترى نفسك في الدنيا أشرف منهما.
(نقل عنه العلامة المجلسى في عين الحيوة.)
الى غير ذلك من الترّهات والكفريات.
وليست هذه النفثات إلا كتيت الإحن ، ونغران الشحناء. وإن شئت قلت: إنّها سكرة الحبّ ، وسرف المغالاة. قد أعمت الأهواء بصيرة ابن العربي ، فجاء بهذه المخاريق المخزية ، والأفائك المزخرفة ، بيّتها غير مكترثٍ لمغبة صنيعه ، ولا متحاشٍ عن معرة قيله.
ثمّ ياترى ! كيف ساغ للسيد الحيدري أن يعكف على باب إبن العربي هذا الرجل المتهوّك ، و ان يصنع من تراثه ثقلا ثانيا بديلا عن التراث الروائي الصادر من خزنة علم الله؟!
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
الشيخ حسن الكاشاني

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat