صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

الاهتمام بالذات ثورة!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تتوطننا نزعة إسقاطية , خلاصتها , أننا نجيد حمل الأقواس ورمي سهام "هو" على الآخرين , ولا نريد أن ننظر إلى ذواتنا وتفهم سلوكنا ونفوسنا. 

وجميعنا لديه هذه الخاصية السلوكية , التي نشأنا عليها وترعرعنا في أحضانها منذ الصغر وبتفوق نادر. 

فأساليب تربيتنا في البيت والمدرسة والمجتمع مبنية على تعزيز النزعة الإسقاطية  في لا وعينا الفعّال , والذي يأخذنا إلى حيث يشاء , دون قدرة منا على  توجيه إتجاه حركته وتحديد نواياه. 

وهذه العاهة التربوية قد ساهمت في شل قدراتنا على التعبير والتفاعل المتطور مع الحياة , لأنها تبرؤنا وتنزهنا , وترمي بكل ما فينا وعلينا على الآخر المجهول أو المفترض. 

وهي التي تساهم في إختراع القميص المناسب  لكل مرحلة في حياتنا ,  لكي نتهمه بما ليس فيه , ونحمّله  ما نريد , والغاية في صدر الغيب البعيد, فتستريح نفوسنا ونتبرأ من ذنوبنا وإحساسنا بالخطأ والعجز والمسؤولية. 

فقد ترعرعنا على أن سبب الجهل والتخلف والجوع والفقر هو الآخر , الذي نسميه ما نسميه من التسميات كالإستعمار وغيره. 

وأمضينا القرن العشرين بهذا المنطوق التربوي التعجيزي , الذي ما منحنا القدرة للخطو إلى الأمام. 

ولازلنا نمارس نشاطاتنا على ضوء قاعدة "هو".

وأصبح كل واحد منا يرى المتهم "هو". 

فترانا عندما نتكلم مع بعضنا نحسب أنفسنا على صواب مطلق , والآخرين من حولنا مخطئين وجاهلين ومتخلفين وفقا لقدارت "هو" الفاعلة في أعماقنا.

 ولا نجد أحدا منا ينظر لنفسه, بل ما أسهل عليه أن يتهم ويرجم الآخرين بالغيب, والواحد من الآخرين  يسلك ذات السلوك , فيكون الفرد من الآخرين والكل في محنة تربوية صعبة. 

مفادها تنزيه الذات الفردية وإتهام المجموع وإسقاط الأسباب على "هو".

وقد نهضت هذه الحالة في تفسيرات للحالات القائمة والمتفاعلة في المجدمع , والتي إنتهت إلى أن التخلف هو المسؤول عن المشاكل القائمة في مجتمعنا. 

وإستنتاجا كهذا لا يقدم حلا بقدر ما يساهم في ترسيخ المشكلة وتأكيد اليأس وعصيان الحل وقتل الأمل والتفاؤل. 

"هو" التخلف الذي نعزف على أوتاره الأبدية , ولا نتمكن من مواجهته وتشريحه وتحليله , وصناعة الذات الواعية المثقفة الفاعلة , المنتجة المتحدية المتواكبة المتوافقة مع عصرها.

ويبدو دور "هو" واضحا وقويا في كتاباتنا وتعليقاتنا على الموضوعات القائمة في الحياة , والمشكلات التي نتصدى لها , وكأننا نحمل ذات المنطق الذي كتبت به الأقلام في النصف الثاني من القرن التاسع عشر , فمحونا القرن العشرين تماما من الذاكرة والوجدان الثقافي.

ولا زلنا نتهم الناس بالجهل والتخلف وغيرها من الصفات التي يمليها علينا قانون "هو". 

وما من أحدٍ منا يتحدث عن موضوع آخر يمكنه أن  ينفع الناس.

والحقيقة التي لا نريد أن نواجهها جميعا. 

هي أن كل واحد منا يهمل نفسه ولا يراجع أرشيف أفكاره ومعتقداته , رغم سرعة تطور زمانه وتواكب المستجدات فيه.

فلماذا لا نحارب "هو" ونعود إلى أنفسنا لنراجعها ونهذبها , ونصنع منها وجودا إنسانيا طيبا ومفيدا وراجحا. 

وعندها سيكون كلٌ منا فردا إيجابيا نافعا , وبذلك سيحقق المجتمع بأسره التقدم والمعاصرة. 

فلنبتعد عن منطق "هو" , وأن لا نرجم الآخرين بالسوء ونحتكر الحسنات لأنفسنا , فذلك بهتان كبير أثبتته الأحداث وما تمخض عنها من تفاعلات يندى لها جبين الحجر!!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/08/18



كتابة تعليق لموضوع : الاهتمام بالذات ثورة!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net