الصفحة الرئيسية
أخبار وتقارير
المقالات
ثقافات
قضية رأي عام
اصدارات 
المرئيات (فيديو)
أخبار العتبات
أرسل مقالك للنشر


صفحة الكاتب : محمود كريم الموسوي

العنف ضد المرأة
محمود كريم الموسوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 العنف ضــد المرأة ، لــم يكن وليد فــترة زمنية قصيرة ، أو مرحلة مـــن مراحل التاريخ ، يمكن ردمها ، أو تجاوزها بيسر وســهولة ، فالعنف ضـد المـرأة أمـــتد بإرث تراكمي لعشرات القرون ، حتى وصل ذروته في دفـــن الأنثـــى وهـي على قـيد الحياة ( الوأد) قبل الإسلام ليس لسبب إلا لأنها أنثى 0 

وعندما جاء الإسلام ، وضع المرأة في مكانها الطبيعي ، عندما أعلن عـــن خلقها والرجل من أصل واحد ، معترفاً بإنسانيتها، بأوسع تشريعات تضمنها كتاب الله العـزيز لما يحفظ مكانتها ويمنحها حقوقها 0 

ولكن 00 برغم كل تأكيدات الإسلام ، وتعاليمه ، لم يستطع أن يزيل تلك النظــرة الدونية للمرأة ، التي تسبب لها العنف ، وخصوصاً بعد تداول تلك التفسيرات الخاطئـــة لما خصها الله بكتابه الحكيم ، ولكن نستطيع القول إن الإسلام قد خفف حدتها ، وطمـس بعض معالمها 0

وكما هو العنف ضد المرأة ليس وليد اليوم ، فهو لم يقتصر على مجتمع دون آخر  ويخطئ من يظن انه عند العرب دون غيرهم ، فمجتمعات العالم كافة تعاني مـــن هــذه الظاهرة الخطيرة ، التـــي لم تؤثر فـــي شخصية المــرأة ومكانتها فحسب ، بل انسحب تأثيرها في إضعاف المجتمع ، وتأخيره في المجالات كافة ، ومنها البناء والتطور 0 

وليس غريباً أن تجعل الجمعية العامة للأمم المتحدة يـــوم (25 تشرين ثاني ) من كل عام يوماً دولياً للقضاء على العنف ضد المرأة ،وهي تجده بأشكاله وأنواعه كافة في أكبر بلد ديمقراطي في العالم هو الولايات المتحدة الأمريكية 0

وإذا ماعلمنا ، إن العنف ضد المرأة ، يبدأ من لحظة ولادتها ، لاختلاف النظـــرة لولادتها عن ولادة الذكر، وجــدنا إن العادات والتقاليد والأعراف السائدة فـــي مجتمعنا بشكل عام ، والمجتمع الحلي بشكل خاص ، تحط من قدر المرأة ومكانتها ، وفـي تراثنا الشعبي مايكفي من الأمثال ، والأمثلة التي تجسد تلك النظرة 0 

وأمام هذا كله ، كان لابد من حراك نسوي ، يحرق المراحل ويختزل الزمن لردم الفجوة الموجودة ، بين التفكير ألذكوري والـــوجود النسوي ، لما يســاعد على التقارب الإنساني في كافة أمور الحياة ،على أساس التفاهم والانسجام والمشاركة الفعلية ، وليس على أساس التسلط ، والقهر الجسدي ، والنفسي 0

فكانت منظمة ( بنت الرافدين ) ، استجابة لمتطلبات المجتمع الحلي ، فـــي أخـــذ دوره ، للانقضاض على  مفاهيم دونية تجاه المرأة ، وهي منظمة مجتمع مدني، أعلنت عن نفسها عام ( 2005 م) ، بتعريف هـــويتها بأنها : ( تسعى إلـى بناء مجتمع متكامل تتساوى فيه الفرص في جميع المجالات بين الرجل والمرأة علـى أساس القيمة الإنسانية لهما ) 0  

وقد قامت هذه المنظمة ، بنشاطات كثــــيرة ، و متنوعة ، ومتشعبة ، في مجــــال اختصاصها ، فكان لها هذا العام ( 2012 م)، دراسة ميدانية اجتماعية بعنوان ( العـنف ضد المرأة )، وصفتها أنها ( خطوة مهمة وجريئة تكاد تكون الأولى من نوعها في بابل وربما في العراق أيضاً ) ص9 0

ولم يحالفني الحظ ، في أن أقرأ الدراسة قبل مناقشتها ، من قبل المشرفون عليــها ( الدكتور كامل القيم والسيدة علياء الأنصاري ) ، في مجلس أدب السيد حسام الشـلاه ، مساء يوم الأربعاء المصادف 27/6/2012م ، مما جعلني أحجم عن مناقشة مضامينها ونتائجها  0

والدراسة صدرت بكتاب أنيق في (120) صفحة  بحجم (A4) عالـي الجودة من حيث الطباعة والورق الصقيل والغلاف الجميل 0

بعد الملخص التنفيذي ، والمقدمة ، وضعت منهجية الدراسة بالمفردات : (خلفيــة الدراسة /  أهمية الدراسة /  أهداف الدراسة /  منهج الدراسة /  مفردات العنف التي تـم اعتمادها في الدراسة / عينة الدراسة /  أدوات الدراسة /  مجالات الدراسة /  صعوبات الدراسة ) 0

وكان مـن أهداف الدراســـة ، الوصول إلــى نتائج رقمـية ، للتعرف على طبيــعة العنف ضد المرأة ، في المجتمع الحلي ، ووضع التوصيات اللازمة ، والمعالجات للحد منه ، أو تحجيمه ، إن لم نقل القضاء عليه 0 

وقد اعتمدت الدراسة ، على ثمان مفردات من مفردات العنف ، لاعتقاد القائمـون بها ، إنها أوسع مفردات العنف ، وأعقدها ، وهي : ( الضـــرب / الاهـــانة اللفظيــــة / التحرش / الحرمان من التعليم / المنع من الاختلاط بالناس / البخل /عدم الأخذ بالرأي/ الإشعار بالضعف ) 0

أما عينة البحـــث ، فتوزعت بالتساوي بين ( امــرأة ريف / ربــة بيت / طالبــــة إعدادية / طالبة جامعية /  موظفة ) ، و بواقع (500) مبحوثة ، لكل حالة من الحالات، مضافاً إليها ، عينة من (500) رجل ، في مختلف المواقع : ( موظف / كاسب / وجــه اجتماعي / رجل دين / أكاديمي ) ، للاطلاع على رأيهم بتلك الظاهرة 0

وبعد بيان نتائج الدراسة ، ألتي أظهرت ا ن ( 6ر86 % ) مــن مبحـوثات العـينة يتعرضن للعنف بأشكاله المختلفة ، من خلال تحليل البيانات ، التي ظهرت بالجــــداول الإحصائية ، عندما تم  تفريغ المعلومات ، من استمارات الاستبيان الست التـي اعتمدها كادر البحث ، وعرض الجداول الإحصائية ، جاءت التوصيات في (10) فقر ص33 ، أهمهـا : ( ضرورة تشريع قانون يحمي المــرأة العراقية من أشكال العنف المختلفة فـي محافظة بابل ) ، وأن يأخذ الإعلام دوره في تغيير الصــورة النمطية السلبية للمــــرأة ، ويسلط الضوء على قدراتها القيادية ، والميدانية ، والثقافية  0 

بعد النتائج ،عرض المشرفون على الدراسة ، النتائج التفصيـلية بجداول إحصائية لربات البيوت (من ص34 إلى ص 41) ، وللمرأة العاملة (من ص 42 إلـى ص 51)،  ولطالبات الإعدادية (من ص 52 إلى ص 64) ، ولطالبات الجامعة (من ص65 إلــــى ص 79) ولنساء الريف (من ص 80 إلى ص91 ) ، أما النتائــــج التفصيــلية لاستبانة الرجال ، فقد أخذت موقعاً (من ص 92 إلى ص 104) 0 

وتضمن الملحق (1) : المناطق الذي استهدفتها الدراسة ، وهي (مركـــز الحلــة/ المسيب / القاسم / المحاويل / أبو غرق / الكفل / جبلة ) ، والتحصيل الدراسي لعناصر العينة ، وأعمارهم بالسنوات ، بسبع فئات عمرية ، من عمر (18) سنة إلى (79) سـنة  فيما تضمن الملحق (2) : مقترحات كل من عينة ( ربات البيوت ) ، و (المرأة العاملة)  و( طالبات الإعدادية ) ، و( طالبات الجامعة ) ، و( نساء الريف) ، وأخيراً مقتـــرحات الرجال ، وقد كانت المقترحات كافــة جيـــدة ، وناضجة، ومعظمها قابل للتنفيذ بتضافر الجهود ، ونضم صوتنا لمقترح طالبات الإعدادية : ( أن تدخل مواد في حقـوق الإنسان وحقوق المرأة في المناهج الدراسية ) ص113 ، ونتمنى علـــى وزارة التربية أن تأخذ المقترح بعين الجدية ، إن لــم تكــن قـد سبقت الدراســة ، ووضعته فــي خطط المرحلة القادمة 0

وفي الخاتمة ، يقول القائمون بالدراسة : ( وهكــذا يحاصر العــنف المرأة في كل أدوار حياتها ، وفـي جميع المجالات التــي تتحرك فيها ، لينتــج لنا شخصـية ضـعيفة ، سلبية ، قانعة بما يـدور حولها ، مستسلمة لأقدارها ،معتقدة إن هذا الكائن هو مايجب أن يكون ولا جدوى في تغيير كينونته ) 0 

ولنا في الدراسة ، ما نقول إن هنالك أنواع من العنف ضد المرأة ، لم يتم تغطيتها مثل العنف في زواج إجباري ،(سؤال وجه لعينة الرجال عن حق المرأة باختيار شريك حياتها ص 94) ، والعنف الجنسي ، والعنف في الإنجاب ، والعنف فــي انتزاع ملكيتها ( ليس المقصود الراتب ) ،حتى يصل العنف إلى القتل بحجة غسل العار0

وأن نقول : كان مــن الأفضل ، لو اطلع كادر البحث ، على الدراســة الاجتماعية للأستاذ المغترب الدكتور حسن عبــد الجبار ، التـــي قام بها فــــي بابل عام 2010 م ،  فأظهرت نتائجها ، أن 90 % من الرجال في بابل على وفــق العينة ، يفضلــون إطلاق لقب الداخلية على زوجاتهم ، لما لهن من مكانة في أسرهن ، كما أشارت الدراسة ذاتها إلى إن ما نسبته 50% من النساء ، لهن التأثير في اتخاذ القـــرار داخل الأسرة الحليــّة فطابقت النسبة تقريباً ،  ماتوصلت إليه دراسة (بنت الرافدين ) ، مــن أن نسبة مشاركة المرأة في القرارات الأسرية 51% ، مع العرض إن الدكتور الباحث اعتمد في عينته ، على نساء من مدينة الحلة ، ومن أريافها 0  

وحيث إن الدراسة ، لم تعرض لنا ، استمارات الاستبيان الست، التي تم اعتمادها   فاريكتنا في معرفة الأسئلة التي وجهت إلى عناصر العينات ، وترتيبها ، فوجدنا إن من الضروري الإشارة إلى ما لمسناه من خلل في الدراسة 0

فجدول ( المعنفات من قبل الأهل ) ص19، قد أهمل طالبات الجامعة ، وجـــدول (المعنفات من قبل الزوج ) ص20 ، على مايبدو افترض كل عناصـــر عيــنات نســاء الريف ، وربات البيوت ، والعاملات متزوجات ، وأبعـــد طالبات الإعدادية ، والجامعة باعتبار إن جميع عناصرالعينتين غير متزوجات ، وجدول (المعنفات من قبل المجتمع)  ص20 أيضا ، أهمل تعنيف المرأة الريفية ، وكأن الريف ليس مــن المجتـــمع الحاضن لعينات البحث 0

وفيما لم تتم الإشارة ، إلى استبعاد استمارات استبيانية ، في أي عينة مـن العينات فكان لابد لمجموع الإجابات الفردية أن يكون مساوياً لحجم العينة: ( نعم + لا = حجـــم العينة) ، ولكننا وجدنا الكثير مما يخالف ذلك ، وعلى سبيل المثال وليس الحصر جدول (التحرش في العمل ) ص 27، مجموع نتائجه (507) في حين إن العينة (500)، فيـما جاء جدول (تولي مناصب إدارية ) ص28 ، بمجموع ( 335 ) ، بينما عناصر العيــنة (500) كما أشير إلى ذلك بالجدول نفسه ، وقد وجدنا مثل هذا الاختلاف ، وغيره ، في جداول أخرى ، لانود ذكرها ، للاختصار وعدم الإطالة 0     

ومن المؤسف ، أن نجد بين مثقفينا ، الذين حضروا جلسة المناقشة ، من يقـــــول بالضغط على المرأة ضرورة لابد منها  لئلا يفلت زمامها فتسوء تصرفاتها 0

وفي الختام ، نبارك للدكتور كامل القيـــم ، والسيدة علياء الأنصاري ، والخبـــير القانوني السيد أحمد ألعميدي ، وكادر البحث ، جهودهم الخيرة ، في إنضاج الدراسة ، متمنين أن يظهروا لنا ، بدراسات أعمق ، وأشمل ، وأدق 0


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمود كريم الموسوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/08/15



كتابة تعليق لموضوع : العنف ضد المرأة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ£ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ¯ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ®ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬أ¢â‚¬ع† ط·آ·ط¢آ¸ط·آ¦أ¢â‚¬â„¢ط·آ·ط¢آ¸ط·آ«أ¢â‚¬آ ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ¯ ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ§ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬أ¢â‚¬ع†ط·آ·ط¢آ·ط·آ¹ط¢آ¾ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ­ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬ط¹â€کط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬ط¹â€ک : 6 + 5 =  



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net