إنها حرب إبادة، إنها السعودية
ناهض حتر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 آن الأوان لكي نضع مناورات الكتابة السياسية جانباً، ونسمي الأشياء بمسمياتها؛ فقد أمسى المشهد، في بلادنا، واضحاً ودامياً وفاقداً للحياء: السعودية تشنّ حرب إبادة، بالمعنى الاصطلاحي الفعلي، ضد الشيعة والعلويين في العراق وسوريا، وتلوّح بتوسيع هذه الحرب البشعة، لتشمل لبنان، أيضاً. وفي الأثناء، تكبس الشيعة في الجزيرة العربية والبحرين، بكل صنوف القمع والإلغاء. وتحدث هذه الجريمة المؤدلجة المصممة المموّلة بالمليارات، علناً، وسط صمت شامل ينمّ عن انحطاط أخلاقي غير مسبوق، وتواطؤ مفضوح من قبل الغرب والعرب والترك والكرد، دولاً ومجتمعات ومنظمات وحركات وأحزاباً ومثقفين. الشيعة أنفسهم يصمتون. وفي هذا الصمت حياء من الإعلان عن الذات، وكأنّ في هذا الإعلان فضيحة، أو كأن في قلب الانتماء الشيعي أو العلوي، شعور مضمَرٌ بالذنب، لا يفكّه سوى خطاب يقرن بين التشيّع بالكفاح من أجل فلسطين على نحو ما فعل حسن نصرالله… يعني، بالخلاصة، كأنّ المبرّر الوحيد الذي يمسح الخطيئة الأصلية للتشيّع هو فلسطين! طيّب… سأمشي مع هذا المنطق حتى نهايته: أيحلّ ذبح الشيعي إذا لم يكن قد كرّس حياته من أجل تحرير القدس؟ أليس له، في حد ذاته الإنسانية والاجتماعية والقومية، الحق في الحياة والاعتقاد والعروبة والشراكة الوطنية؟ المصدر الرئيس لمعاداة الشيعة، بالطبع، هو السياسة الإيرانية المعادية لإسرائيل، وهيمنة خط المقاومة لدى شيعة لبنان، لكن ماذا بشأن الشيعة العراقيين؟ وقد مشى كثير منهم في منهج التحالف مع الولايات المتحدة، وغطّى العديد من ساستهم غزوها للعراق؛ فكانوا، في السياسة الإقليمية والدولية، في خندق السعودية والأنظمة الخليجية التي طالما هدّدها صدّام حسين؟ الفلاّحون المسالمون في بلدتي نبّل والزهراء الشيعيتين السوريتين، لم يكونوا، يوماً، شركاء في أي معادلة سياسية، ولا مؤثرين في أي اتجاه؛ فأين يمكن، إذاً، أن نبحث عن دوافع فرق الموت التكفيرية للإصرار على محاصرتهم واستباحتهم وذبحهم؟ وإذا كان تكتيك الجماعات المسلحة للتوغل في ريف اللاذقية مفهوماً من الناحية العسكرية، ففي أي فهم يمكننا أن نضع حفلات الذبح والاغتصاب وخطف السبايا؟ إنها جريمة تطهير عرقي موصوفة في القانون الدولي الغائب، كلياً، في هذه المذبحة التي ترتكبها السعودية ضد الطوائف الشيعية. في العراق نظام سياسي يستحق انبثاق معارضة وطنية شعبية واسعة تصارع المحاصصة والفشل التنموي والفساد؛ ولكن، في أي تصنيف للصراع يمكن أن نضع المَقْتَلَة اليومية لعشرات آلاف المواطنين البسطاء، تمزّق الانفجارات حيواتهم عقاباً لهم على ولادتهم في أسر شيعية؟ سوف يدفعهم ذلك، بالطبع، إلى منح نظام يسحقهم اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، ولاء مذهبياً يمنع المعارضة والسياسة والتغيير. دعونا نواجه الحقيقة المطموسة تحت ركام التعصّب والملَق والانتهازية والمخاوف والتعلّق الواهم بـ «الصحوة الإسلامية»؛ نحن، بلا رتوش، في مواجهة نازية سعودية سوداء، ولكن موضوعها الشيعة وليس اليهود. وهي، بالطبع، نازية رثّة متخلّفة لا تخوض حروب إبادة لبناء امبراطورية قومية، كما كان حال النازية الهتلرية، وإنما تلغ في دماء الشيعة، لدوام سيطرة نظام قروسطيّ يحظى بالدعم الإمبريالي ليس، فقط، للنهب ــــ فهو ممكن في ظل نظام حديث ــــ بل، بالأساس، كمركز عمليات ضد حركات التحرر والتنمية والتقدم الاجتماعي في العالم العربي. لن أتوقّف عند النفاق الأميركي الذي يدين «جبهة النصرة» في سوريا، و«القاعدة» في العراق، بينما تغطيهما الولايات المتحدة، سياسياً وأمنياً، والأهمّ أنها تغطي المراكز التي تجنّدهما وتموّلهما وتسلّحهما، بقيادة السعودية؛ بل سأتوقّف عند الاتجاهات الانتهازية المتواطئة مع حرب الإبادة النازية السعودية ضد الشيعة. وأبدأ بالجماعات الموضوعة على قائمة الإبادة من الجماعات المدنية السنية ـــ وهي تشكل الأغلبية ـــ والمسيحيين والدروز والعلمانيين… أنتم، جميعاً، أهداف أسهل للنازية السعودية، فارفعوا أصواتكم اليوم؛ إنني لا أفهمك يا رفيقي في التيار المدني المصري، كيف تصمت على مذبحة الشيعة، وتتخذ السعودية نصيراً، وأنت تواجه الإرهاب نفسه! ولا أفهمك يا رفيقي اليساري كيف تغرق في تحليلاتك ولا يدفعك ضميرك لكي تصرخ في وجه القَتَلة! ولا أفهمك أيها المسيحي اللبناني كيف تتحسس من شيعيّة نصرالله المعلنة تحت القصف، ولا ترى السكاكين المعدّة لرقاب بنيك، يصدّها عنهم رجال نصر الله بالذات! أتظنّ، كبعض الدروز، أنك خارج المذبحة؟ طيّب! دعك من هذا كله، فأين هو الضمير المسيحي؟ أين هو الضمير اليساري؟ أين هو الضمير الليبرالي، ضمير المواطنة والشراكة والإنسانية؟ تعالوا نسمّي الأشياء بأسمائها. تعالوا نصرخ: إنها حرب إبادة! إنها نازية جديدة! إنها السعودية، عدوّة العروبة والتحرر والتقدم، وصنو إسرائيل! الأخبار
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ناهض حتر

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/08/13



كتابة تعليق لموضوع : إنها حرب إبادة، إنها السعودية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net