صفحة الكاتب : محمد الحمّار

هل اغتيلت الديمقراطية باغتيال محمد براهمي؟
محمد الحمّار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

إنّ مقتل محمد براهمي مؤشر قوي ثانٍ على إفلاس  الديمقراطية كنموذج غربي يتم استنساخه في المجتمع العربي الإسلامي. فلم تمضِ بضعة أشهر على المؤشر القوي الأول، وهو اغتيال شكري بلعيد (في 6-2-2013)، حتى ادّخرنا ما يكفينا من العثرات الانتقالية ليحيلنا على التفكير في البديل، لا في المستوى المحلي فحسب وإنما في المستوى الإقليمي  ولِم لا على الصعيد العالمي أيضا. فما العمل؟
إذا كان الغربيون أنفسهم يعترفون بأنّ الديمقراطية في بلدانهم في تراجع إن لم نقل بصدد التحول شيئا فشيئا إلى استبداد بالشعوب المعنية، وإذا كان  حدث عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي في مصر، موازاة مع ذلك، قد فتح الباب على مصراعيه لتعريف الشكل الانتقالي الديمقراطي الذي يتسق  مع المجتمع العربي الإسلامي ومنه لإعادة تعريف الديمقراطية عموما كنظام صالح في هذا الزمان وبحسب  المكان، ليس من المستبعد، بل من الضروري، أن تستغل النخب المفكرة التونسية حدث اغتيال المناضل الوطني العروبي الناصري محمد براهمي لاستخلاص تلك العبرة أولا، ثم للرفع من مستوى وجَودَة الحوار، من مجرد مسألة انتقال ديمقراطي إلى مسألة وجُود عربي إسلامي في مصاف الدول المتحضرة المتأهبة للإسهام في تحسين جودة الأداء الديمقراطي الكوني.
إلى متى ستبقى النخب التونسية جميعا متفرجة على مسار انتقالي أضحى بمرور الأشهر والأعوام أليما وداميا؟ وإلى متى ستتمادى في مثل هذه الحالة من السلبية القاتلة التي تكاد تنذر برزوح تونس تحت نير الاستعمار مجددا؟ فلكي لا يتحقق حلم الحالمين بأن تصبح تونس مستعمرة فرنكو- أمريكية لا بد للنخب التونسية أن تنكبّ فورا على توسيع آفاق سياستها وتحويلها من السياسة الصغرى إلى السياسة الكبرى التي تراعي الأهداف الكونية للثورة التونسية الحقة.
ولكن ليس بفضل الشعارات التي نسمعها في كل مأتم وطني من صنف "الشعب يريد إسقاط النظام" و" يا فلان يا سفاح يا قاتل الأرواح" ستقدر تونس أفرادا وجماعات، دولة ومجتمعا، على تخطي الصعاب والعبور من طور البلد التابع إلى البلد الطامع و الصانع؛ طامع في الارتقاء وصانع لأسبابه وملبّيا لشروطه.
إنّ الثورة التونسية المتجددة التي نحن على أبوابها، والتي تتقاطع بكل أناقة، مع أنها أناقة لا تخلو من الألم، مع الثورة المصرية، لن تعترف بالحزب الديني في المجتمع العربي الإسلامي، لأنها قادرة على إنجاز ما لم يقدر، ولن يقدر الإسلام السياسي على فعله: تطعيم  الفكر الكوني، عن جدارة واستحقاق، وبرضاء العالم بأسره، بالروح الإسلامية والقيم الإسلامية الخالدة وذلك عن طريق تطوير جيلٍ جديد من المعارف والعلوم.
فما نتمنى مشاهدته في قادم الأيام، وفي غضون ما قررته الطبقة السياسية على التو من عصيان مدني وإضراب عام وغيرها من الإجراءات العاجلة، هو أن يتجاوز الشعب، بفضل نخب جديدة واعية بمسؤولياتها الحضارية، النفق الذي وضعه فيه فكر نخبوي أكلَ عليه الدهر وشرب، فتتماثل للتدارك العاطفي والعقلي وتصوغ شعارات تليق بالمواطن العربي أينما كان وبأمة المسلمين أينما كانت وبالمستوى متعدد الأبعاد الذي بلغه العالم بأسره. فليكن شعارنا جميعا "خبز، صحة، تعليم، كرامة، شغل، حرية، عدالة اجتماعية، عدالة عالمية، رسالة كونية".
محمد الحمّار
 
 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الحمّار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/07/26



كتابة تعليق لموضوع : هل اغتيلت الديمقراطية باغتيال محمد براهمي؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net