يعتبر شهر رمضان إحدى الركائز العبادية التي تمر علينا مرة واحدة في السنة فالسعيد من أغتنم هذه الفرصة السنوية ولم يفوتها.
فالمؤمن الكيّس هو الذي يحرص على الإضافة الحسنة إلى رصيده عند المولى تبارك وتعالى بأن يستغل فرصة مضاعفة الأجر على الأعمال كيف لا ، والأنفاس تعد فيه تسبيحا ، والنوم عبادةً فهنيئا لمن حاز على كرم الباري في هذ الشهر الفضيل.
ففي فضل هذا الشهر يفيض كرمه تعالى ، يقول الإمام الصادق ( عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) : ( إن الرجل ليصوم يوما تطوعا يريد ما عند الله فيدخله الله به الجنة)(1).
وفي حديث آخر مطول نأخذ منه الشاهد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال ( ولكل شيء زكاة وزكاة الأبدان الصيام)(2).
والزكاة كما هو معلوم بمعنى النماء والزيادة فإذا بالتالي هو أيضا كرم ، فعليه كرم الصيام ليس له حدود فهو كرم على الروح والبدن على الصغير والكبير على الغني والفقير ... الخ.
فكيف يكون ذلك؟.
الصيام يكون كرم على الروح كما ذكرنا آنفا أو كما قال ( صلى الله عليه وآله وسلم) من أن الصيام تعد الأنفاس فيه تسبيح والنوم فيه عبادة وهذا لا يكون إلا للصائم.
وأما البدن فأنه يأخذ قسطا من الراحة من كثرة الطعام ولا سيما الجهاز الهضمي حيث لا يعمل أثناء الصيام أو يقل عمله بشكل كبير.
من هناك كان الصيام زكاة للبدن ، فعلى من يلتهم أنواع الأطعمة الكثيرة في الإفطار والسحور أن يعيد حساباته ، ولنا في أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أسوة حسنة ، حيث يروى أن ابنته السيدة زينب ( عليه السلام) دعته ذات ليلة على الإفطار عندها فوضعت له ثلاث أنواع من الأطعمة ( خبز وملح ولبن) فقال لها عليه السلام أتريدين أن يطول وقفي أمام الله يوم القيامة أرفعي الاناءين.
وكما قلنا أن شهر رمضان له كرمه على الصغير والكبير فالكبار يقدرون كرم شهر رمضان عليهم بتجمعاتهم التي لا تنسى في حلقات الذكر وتلاوة القرآن الكريم وعمل الختمات وقراءة الأدعية في هذه البلد وتلك وفي هذه القرية والقرية الأخرى.
وتطل علينا فرحة الصغار بهذا الشهر الكريم ولا سيما في الزمن الماضي حيث التسلية الخاصة بهذا الشهر بلعب ( القب ) و ( الأزقيع ) ، وأما اليوم فالبعض والحمد لله أصبح يستغلها ويشغلها في بعض الدروس المفيدة.
ويستمر كرم هذا الشهر حتى يطال الغني والفقير ، فالغني أو التاجر يستفيد من كرم هذا الشهر حيث شراء مستلزماته قبل مجيئه بأيام معدودة وترى كيف يهب الناس للتجهيز من مواد غذائية وغيرها.
وعلى التاجر هنا مراعاة إخوانه من ميسوري الحال وأصحاب الدخل المحدود بعدم رفع الأسعار ومراقبة الله ونفسه قبل كل شيء.
وتكتمل فرحة الفقير بالشهر الفضيل عندما يمد له إخوانه من الأغنياء يد العون ويعطونه من مال الله الذي يستطيع به أن يصوم وهو في يسر من حالته المادية.
وبهذا التعاون وهذا التعاطف بين طبقات المجتمع تشعر بشهر رمضان بأنه شهر محبة وتكاتف وتآخي.
ويبقى الشهر يدر علينا من كرمه وكرم الباري تعالى فيه حتى نهايته حيث الجائزة الكبرى للصائمين وهي ( العيد) ، فعن الشريف الرضي ( رض) يرفعه إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام) ، أنه قال ( إنما هو عيد لمن قبل الله صيامه وشكر قيامه وكل يوم لا يعصى الله فيه فهو عيد)(3).
نسأل المولى الكريم أن نكون ممن يفوز بهذا الكرم الإلهي في هذا الشهر الفضيل وأن يوفق المسلمين لطلب هذا الكرم والفوز به بعد أن يوحدوا الصفوف وينبذوا الفرقة ويكونوا كما كانوا خير أمة أخرجت للناس.
1- الكليني ، الشيخ ابو جعفر محمد بن يعقوب – فروع الكافي ، ج: 4 ص66 ح5 – ط\1، 1413هـ - دار الأضواء – بيروت – لبنان – ت\ الشيخ محمد جواد الفقيه.
2- نفس المصدر ص 65.
3- النجفي، الشيخ هادي – موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) – ج:7 ص 395 – ط\1، 1423هـ - دار إحياء التراث العربي – بيروت – لبنان.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat