صفحة الكاتب : ايسر الصندوق

فضاءه المظلم قصة قصيرة
ايسر الصندوق
لم تأخذْ مشاعرهُ كلّ الفرحِ في يومِه . فللفرحِ أدواتهُ التي لم يمتلكْها ولم يهبْ له أحدٌ إياها ، 
 
 
إذ خبأ ما يخفيه قلبهُ بذلك الصباحِ حين استيقظَ على أصواتِ الآخرين.
سيحضرُ المسؤولُ لزيارةِ الدارِ تتعدى انفعالاتهُ طبيعتَها , وتتلبدُ الأمةُ بكثيرٍ مِنْ الآمالِ , عسى أنْ تنفجرَ تلك الآمال في لحظاتٍ يسرقُها حدثٌ جديدٌ يحلُّ عليه ويستمرُ بتفائلِه محتضناً إياها في متاهاتَ صبرهِ التي اكتنزها مِنْ الأيامِ .
تمتم وهو ينهض 
, عسى أنْ يكونَ في هذا اليومِ بشرى لي وبابُ فرجِ قريبٌ .ثم يمضي يزاول نشاطة اليومي, تتلاشى دقائقُ وتخلقُ أخرى ،وكلما ازدادتْ أنخفضَ بصيصُ الأملِ له في هذا النفقِ المظلمِ الذي يعيشُ فيه إلا وهي دارُ المسنين .أثقلتهُ بهمومٍ تكتمُ على أنفاسهِ تميتُ صدى الأيامِ مِنْ حولهِ . فقبلَ أكثرُ مِنْ عامٍ ضمَ دارُ المسنين ذلك الرجلُ الذي رحبتْ به الدارُ على مضضِ منه وقُدِمَت له كلُّ ما يحتاجُ إليه مِنْ رعايةٍ 
فبالرغمِ من ذلك بدا له المكانَ نفقاً مظلماً لعله يخرجُ منه في يومِ من الأيام .. ترى مَنْ الذي جاءَ به إلى هذا النفقِ ؟
قتلَ الألمُ أملهُ في الحياةِ عندما احضرهُ أولادهُ إلى الدارِ في يومٍ لم يستجبْ لما يحلمُ به هذا الرجلُ طوالَ حياتهِ . حياةٌ فسيحةٌ وواسعةً عاشَها ولم تكونْ لها حدودٌ ولكن ضاقتْ بأبنائِه هذه الفسحةُ مِنْ الصبرِ على كهولةِ والدِهم وشيخوختهِ وضعفِ الصبر لديهم في رعايتِهِ واحتضانِهِ ما دعاهم إلى ايداعه دارِ المسنين ونسيانِه وعدمِ السؤالِ عنه لأكثرِ مِنْ عامٍ ..لحظاتً وأخرى اخذَ الرجلُ يتمتمُ , أينَ ؟ مَنْ اشتكي إليه وأقنعهُ بزيارةِ أولادي ورؤيتهم ؟
استقبلَ الجميعَ مَنْ هو مسؤولُ عن الدارِ وعدد من الضيوف من الجهات المسؤولة عنها مبدياً استعداده لسماع ما يحتاجون إليه . فتقدمَ الرجلُ المسنُ حاملا شكواه التي احتضنَها لأكثر مِنْ عامٍ تتأججُ يوماً بعد آخر أمام نظرهِ ونظرِ ما موجودٌ في غرفتِه ليطلعُ عليها المسؤولُ طالباً منه زيارةُ أولادِه ولمدةِ يومٍ واحدٍ مبيناً للجميعِ عدمُ زيارتِهم إليه متعكزاً على بُعد مكانِ أولادِه وصعوبةِ وصولِهم إليه .ولم يسعون لالتفاتةِ من الحبِ والحنانِ يضمه برُّ الوالدين حيث مكان إقامتهم بعيد عن الدار . اقتنعَ مسؤولُ الدارِ بما طرحهُ من طلبٍ فمنحهُ زيارةٌ لعائلتِه مدةُ ثلاثةٌ أيامٍ , استلهم هذا الجوابُ كلُ مطالبِ الرجلِ وأخذتْ آمالُه تبددّ الآلام التي تلمُّ به .. ولكن هل من يخففُ عنه ألمهُ من أبنائِه ويزيلها من فضاءِ نفقةُ المظلمِ الذي يعيشُ فيه ؟
الزيارة اجابت على ذلك .. 
فوجيء بحقيقة غياب ولديه من خلال رحيلهم الى خارج الوطن دون ان يعلم ، ولم يشعره احد منهم .. لكأن الابوّة لا حصة لها في رؤوسهم ! .. وكأن العاطفة نُعت عن قلوبهم ! .. تلك الحقيقةَ عادَ بها إلى نفقهِ المظلمِ .. نفق لأول مرة شعر به مظلماً ظلمة أبدية ، ولا مخرجَ منه في يوم من الأيامِ ؛ فلن يوجدُ من يضيء خطوةً له تزرع الامل بخطوات مضيئة لاحقة ..
ترى كم من أنفاسٍ تحيا في هذه الأنفاقِ المظلمةِ رغمَ الفضاءِ الواسعِ الذي يلفُنا ؟!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ايسر الصندوق
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/06/29



كتابة تعليق لموضوع : فضاءه المظلم قصة قصيرة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net