صفحة الكاتب : سيد صباح بهباني

أن الله يبارك الشباب المجد الذي يحقق الأهداف الغالية للوطن...
سيد صباح بهباني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمن الرحيم
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) التحريم /6
(كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ) آل عمران /110 . (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) البقرة / 143.
(وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2.
أن المحبة وحسن التعامل مع الأولاد يجعلهم مميزين في الحياة ومتفوقين على الأقران ، والظهور على الأتراب بكمال الصفات التي ترفع المرء وتعلى شأنه ، فتجليه من بينهم وتظهره عليهم بحسن سمته وهديه الفذ ، وخلقه وسلوكه المرموق وبشخصيته الإسلامية المتميزة . التمييز في تربية الأبناء من الموضوعات المهمة التي ينتمي أن تعني بها الأسرة المسلمة عموماً ، وذلك لعدة أسباب منها :ـ أ ـ قوله تعالى : (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ) آل عمران /110
ولقوله تعالى : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) البقرة /143
أولادنا هم القطعة الغالية من قلوبنا وأرواحنا ، هم دمنا وأكبادنا التي تمشى على الأرض ، هم امتدادنا في هذا الوجود. أولادنا هم تلك السنابل الخضراء في صحراء حياتنا ، هم العين الثرة الصافية والوحيدة في صحراءنا هم الظل الوارف الذي نفئ إليه عند الهجير ، هم النور الذي يتلألأ في أعيننا فنبصر ونرى وقد لا يتمنى الإنسان الحياة لنفسه ؛ لكنه يطلبها لأولاده ، قد لا يطلب السعادة لنفسه ؛ لكنه يرجوها لأولاده فهم زينة الحياة الدنيا ، وفتنة واختيار يرى الله من خلاله نجاحنا أو فشلنا . هم قرة أعيننا ، ومهج أرواحنا ، إذا حللنا كانت سعادتنا في أن تمتع أعيننا كل لحظة برؤيتهم ، لا نشبع إلا إذا شبعوا ، ولا ننام إلا إذا ناموا ، ونكسوهم ونتعرى ، ندفئهم ولا نبالي أن يأكلنا البرد. إذا ارتحلنا تركنا أرواحنا معهم ، فلا نهنأ في غربتنا بطعام ولا شراب ولا نوم ، فإذا ما أكلنا وجدناهم على مائدة الطعام ، وإذا تقلبنا في الأسرة شغلنا بهم فخاصمنا النوم. قد لا يحب الإنسان لشقيقه أن يراه أفضل منه وأعلى منه ، ولكنه يرجو ذلك لولده ، بهم تحلو الحياة ، وبوجودهم يستجلب الرزق وتتنزل البركات والرحمات . قال حِطَّانُ بنُ الْمُعَلَّى :
لَوْلاَ بُنيَّاتٌ كَزُغْبِ الْقَطَا * رُدِدْنَ مِنْ بَعْضٍ إلَى بَعْضِ
لَكانَ لِي مُضْطَرَبٌ وَاسِعٌ * فِي الأَرْضِ ذاتِ الطُّولِ وَالْعَرْضِ
وَإنما أوْلاَدُنَا بَيْنَنا * أكْبَادُنَا تَمْشِي عَلى الأرْضِ
لَوْ هَبَّتِ الرِّيحُ عَلى بَعْضِهِمْ * لاَمْتَنَعَتْ عَيْني مِنَ الْغَمضِ .
روي ابن ماجه بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قال : أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم ـ لأن الأبناء هم أمل الغد وأحلام المستقبل، الذين تتجه إليهم أنظار أوطانهم والأمة التي لا تهتم بشبابها هي أمة من غير مستقبل، فمن غيرهم يتحمل الأعباء وينهض بالمسئولية؟ سيكون من بين شبابنا الحاكم والمهندس والطبيب والصانع الماهر، الذي بساعديه تدور المصانع، وبعرقه وكفاحه يمنحنا ثمرة إنتاجه ثيابا نلبسها، وآلات نستخدمها، والفلاح العظيم الذي بجهوده تتحول الرمال الصفراء إلي جنة خضراء تبتسم علي أغصانها الأزهار والرياحين، والخيرات التي تفيض بها الأرض علي أبنائها المجدين، فالشباب معقودة عليهم الآمال، هم حملة لواء الأمانة والأخذون بناصر الأمة في الشدائد، فإذا لم ينظموا أوقات فراغنهم ويشغلون أنفسهم بالنافع المفيد خسروا وذلت بهم القدم، ولم يكونوا أهلا لشرف خدمة أوطانهم، وديعة آبائهم وأجدادهم، ولكن نقوم بدور التوجيه البناء لنحرك الطاقات الهائلة في قلوب شبابنا إلي المثل العلا، والكفاح الصادق، علينا أن نشغل أيديهم بالطاعة وإلا شغلتنا بالمعصية، فلا نتركهم فرائس للشيطان يجري بهم في أقبح الوديان فقد نري البعض منهم لا يعرف ما معنى الحياة والتربية ولا يحترم شعائر الله والنظم والقانون ومنهم من يشغلون أنفسهم بالتسكع في الطرقات، والجلوس علي المقاهي ينطبق عليهم قول القائل: شباب قنع لا خير فيهم ... وبورك في الشباب ألط امحينا أن الله يبارك الشباب المجد الذي يحقق الأهداف الغالية ويحوز النصر لأمته، أن الاهتمام بالشباب أمر واجب، والنبي صلي الله عليه وآله وسلم " أوصي بهم خيرا، لأنهم أقرب للفطرة وأطهر قلوبا وكانوا أول من التف حول الرسول لنصرته، في أول دعوته، فقد قال: نصرني الشباب وخذلني الشيوخ وكان يقصد الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام الذي ناصره بالإسلام ، لأن الشيوخ ناهضوه وقالوا: "إنا وجدنا آباءنا علي أمة وإنا علي آثارهم مقتدون ـ ولثقة النبي صلي الله عليه وآله وسلم ـ بالشباب جعل علي بن أبي طالب عليه السلام قائد معركة الخندق ـ خيبر وهو شاب في  مقتبل العمر. ومن وصايا رسول الله صلى الله عليه وآله :" علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل ". ولأهمية الأولاد في حياتنا فقد أمرنا الله عز وجل بأن ندرك قيمة هذه المسئولية الكبرى ، فنعمل من البداية على تنشئهم تنشئة طيبة صالحة قال جل شأنه لقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) . التحريم /6
وفى حديث أيوب بن موسى عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : " ما نَحَلَ والد ولداً من نُحْلٍ أفضل من أدب حسن " . رواه الترمذي ، ونحل : أعطى ، ونحل : عطية وهبة ابتداء من غير عوض . والصبي حينما يولد فإنه " يولد على الفطرة الخالصة ، والطبع البسيط فإذا قوبلت نفسه الساذجة بخلق من الأخلاق نقشت صورته في لوحة ثم لم تزل تلك الصورة تمتد شيئاً فشيئا حتى تأخذ بجميع أطراف النفس وتصير كيفية راسخة فيها مائلة لها من الانفعال بضدها " . محمد نور عبد الحفيظ سويد : منهج التربية النبوية للطفل ص 157 . ومن هنا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتعهد الصغار منذ البداية ويربطهم ابتداءً بطاعة الله عز وجل ، قال صلى الله عليه وسلم : " مروا أولادكم بالصلاة ، وهم أبناء سبع سنين ، واضربوهم عليها وهم أبناء عشرٍ ". رواه أحمد وأبو داود والحاكم ، وإسناده حسن . فالتأديب كما قيل مثله كمثل البذر ، والمؤدب كالأرض ، فمتى كانت الأرض رديئة ضاع البذر فيها ومتى كانت صالحة نشأ ونما ، فتأمل بفراستك من تخاطبه وتؤدبه وتعاشره ، ومل إليه بقدر صلاح ما ترى من أبوابه. ونعم ما قال الشاعر:
وإن من أدبته في زمن الصبا * كالعود يسقى الماء في غرسه
حتى تراه مورقا ناضرا * بعـد الذي أبصرت من يبـسـه
والشيخ لا يترك أخلاقه * حتى يوارى في الثرى رمسـه
إذا ارعوى عاد إلى جهلـه * كذي الضنى عادا إلى نكسـه.
وديننا الحنيف ، وشريعتنا الإسلامية حوت خصال الخير والأدب لتقويم الأحداث ، وتعهدهم منذ الصغر ، قال ابن مسكويه : والشريعة هي التي تقوم الأحداث وتعودهم الأفعال المرضية ، وتعد نفوسهم لقبول الحكمة وطلب الفضائل المرضية ، والبلوغ إلى السعادة الإنسية بالفكر الصحيح والقياس المستقيم (انظر : تهذيب الأخلاق لابن مسكويه ص 29). والآداب التي يتعامل بها الإنسان مع الناس في كبره هي صدى مباشر لما تعلمه في صغره . فماذا ننتظر من طفل عودناه منذ الصغر أن يطلب ما يطلب بأدب ؛ فيقول ـ من فضلك أعطني كذا ـ ولمن أعطاه يقول : جزاك الله خيراً ، أو شكر الله لك ، وإذا أخطأ نأسف واعتذر فماذا انتظر منه حينما يكبر ، إن ما نراه في الناس من سوء خلق وندرة أدب ، وجفاء في المعاملة ، لهو نتيجة طبيعية لسوء التأديب في الصغر . ورسولنا الكريم حينما كان يقبل الأطفال ويحنو عليهم ، كان يهدف من ذلك : غرس خلق الرحمة في نفوسهم ، وهذا الأعرابي الذي لم يعجبه تقبيل النبي لصبيانه فاستفهم متعجباً ومستنكرا فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم :" أو أملك لك إن نزع الله من قلبك الرحمة" ( البخاري : الأدب المفرد ص 35 ). وفى رواية لأبى هريرة أن صلى الله عليه وآله وسلم قبل الحسن بن على وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالس ، فقال الأقرع : إن لي عشرة من الولد ما قبلت فيهم أحدا ، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : " من لا يرحم لا يرحم " ( البخاري : الأدب المفرد ص 35 ). وأن الأحاديث والروايات في هذا الصدد هي كثيرة فليتعلم التكفيريين والإرهابيين هذه الأحاديث والروايات ، ويتجنبوا الظلم والقتل والدمار ، ويتعرفوا أن المبادئ الإسلامية السامية .. ونعم ما قاله  الشاعر:
ارحم بُنَي جمـيــع الخـلـق كُلَّـهُـمُ
وانْظُرْ إليهــم بعين اللُّطْفِ والشَّفَقَةْ
وَقِّــرْ كبيـرَهم وارحم صغيـرهــم
ثم ارْعَ في كل خَلْق حقَّ مَنْ خَلَـقَـهْ .
وقال تعالي : (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) الأنعام /54 . وقال تعالى : (فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ )يوسف /64 . وقال تعالى : (ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ ) البلد /17 الرحمة والشفقة من أبرز أخلاق النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد وصفه الله في القرآن الكريم بذلك، فقال تعالى : (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) التوبة /128 . وقال تعالى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لقوله تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) الأنبياء /107 . ـ وخذ ما روه عن الرحمة : قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ( ارحم من في الأرض، يرحَمْك من في السماء) الطبراني والحاكم ، وقال صلى الله عليه وآله وسلم : (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم؛ مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) مسلم . والمسلم رحيم في كل أموره؛ يعاون أخاه فيما عجز عنه؛ فيأخذ بيد الأعمى في الطرقات ليجنِّبه الخطر، ويرحم الخادم؛ بأن يحسن إليه، ويعامله معاملة كريمة، ويرحم والديه، بطاعتهما وبرهما والإحسان إليهما والتخفيف عنهما . والمسلم يرحم نفسه، بأن يحميها مما يضرها في الدنيا والآخرة؛ فيبتعد عن المعاصي، ويتقرب إلى الله بالطاعات، ولا يقسو على نفسه بتحميلها ما لا تطيق، ويجتنب كل ما يضر الجسم من أمراض، فلا يؤذي جسده بالتدخين أو المخدرات... إلى غير ذلك. والمسلم يرحم الحيوان، فرحمة المسلم تشمل جميع المخلوقات بما في ذلك الحيوانات . هل قرأت يا إرهابي يا تكفيري يا بعثي يا فلول صدام المقبور العفلقي أن الرحمة من مبادئ الإسلام والتربية العقائدية منهجنا . الغلظة والقسوة : حذَّر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الغلظة والقسوة، وعدَّ الذي لا يرحم الآخرين شقيا، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : (لا تُنْزَعُ الرحمةُ إلا من شَقِي) أبو داود والترمذي). وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يرحم اللهُ من لا يرحم الناس) متفق عليه . لقد عالج الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الكثير من المشكلات التي تنتج عن العنف وحالات الغضب، يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم موجهاً حديثه إلى الإمام علي عليه السلام : يا علي إنّ من صفات المؤمن : أن يكون عظيماً حلمه، جميل المنازعة، أوسع الناس صدراً، أذلهم نفساً .. لا يؤذي من لا يؤذيه .. وأصلد من الصلد .. لين الجانب طويل الصمت، حليماً إذا جهل عليه صبوراً على من أساء إليه .. حليماً رفيقاً ذا قوة في لين وعزمة في يقين ... إذا قدر عفا .. لسانه لا يغرق في بغضه .. يعطف على أخيه بزلته (بيضون، تصنيف نهج البلاغة، ص 963) . وقول الإمام علي عليه السلام : الغضب يثير كوىً من الحقد(تصنيف نهج البلاغة وقوله أيضاً: إياك والغضب فأوله جنون وآخره ندم غرر الحكم، وفي موضع آخر يقول الإمام علي عليه السلام بهذا الجانب : واكظم الغيظ وتجاوز عند المقدرة، واحلم عند الغضب، واصفح مع الدولة، تكن لك العاقبة ( غرر الحاكم ص 310 ) . نعرف مما تقدم أن آل بيت الرسول(عليهم السلام) كانوا دعاة سلام ومسالمة في السلوك والتعامل والتعايش مع عامة الناس، رغم ما تحملوه من مصاعب ومتاعب من أبناء قومهم، ولكنهم كانوا على حق في استمرار دعوتهم السلمية ومبدئها اللاعنف، كما في قول الله سبحانه وتعالى : (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) الشورى / 40 . وقول الإمام جعفر الصادق عليه السلام : تواصلوا وتبارّوا وتراحموا. وكونوا أخوة بررة كما أمركم الله عز وجل (لكافي، 2/175، ) ومبدأ اللاعنف والمسالمة وتحقيق السلام بين الناس سمة من سمات آل بيت الرسول (عليهم السلام) أجمعين، فقد قال الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام : شيئان لا يوزن ثوابهما : العفو والعدل (غرر الحكم) ، وقوله أيضاً عليه السلام : من قابل الإحسان بأفضل منه فقد جازاه (غرر الحاكم ). إن الدين الإسلامي دين سلام، دين المحبة بين الناس والبشرية جمعاء. وإن الله سبحانه وتعالى بعث للبشرية الهدى عن طريق رسله رحمة وهدى للعالمين لينير لهم الدروب والسبل ويوضح لهم طريق الخير. فالنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ـ وآل بيته عليهم السلام هم دعاة سلم ومحبة ومسالمة، دعاة نبذ العداوة والعنف، وحل المنازعات باللاعنف، رغم أن الذات الإنسانية في تكوينها جزء منها ركب القسوة والفجور واتباع طريق العدوان، إلا أن آل بيت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كانوا أشد الناس رحمة بالبشرية جمعاء .. وفي ذلك قول الله سبحانه وتعالى : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) الملك /2 . " من لا يرحم لا يرحم" الراوي: جرير بن عبد الله - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: البخاري الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السماء الراوي : عبد الله بن عمر . لا يرحم الله من لا يرحم الناس الراوي: جرير بن عبد الله - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: البخاري من لا يرحم الناس لا يرحمه الله عز وجل الراوي: جرير بن عبد الله - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: مسلم لا يرحم الله من لا يرحم الناس الراوي: جرير بن عبد الله - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: البخاري لا يرحم الله من لا يرحم الناس ، و في طريق أخرى بلفظ : من لا يرحم الناس لا يرحمه الله الراوي: جرير بن عبد الله . من لم يرحم صغيرنا فليس منا الراوي: أبو يزيد المدني - خلاصة الدرجة: مع إرساله أثبت - المحدث: البخاري من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا . الراوي : عبد الله بن عمر. لا تنزع الرحمة إلا من شقي الراوي: أبو هريرة . قال رجل : يا رسول الله إني لأذبح الشاة فأرحمها قال : والشاة إن رحمتها رحمك الله مرتين . لذا فقد كان صلى الله عليه وسلم كلما مر بصبيان هش لهم وسلم عليهم. إنه الأدب النبوي الرفيع في التأديب والتهذيب وأول شئ كان يفعله النبي في تربية الأطفال أنه كان يزرع فيهم ابتداء معنى التوحيد الخالص لله عز وجل وأن يتجه الإنسان في كل شئ إلى ربه وخالقه ، حتى لا يصير ذنبا في خلق الله بعد ذلك . أخرج التذمرى عن ابن عباس - رضى الله عنهما - قال : كنتُ خلق النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوما فقال :" يا غلام .. إني أعلمك كلمات ـ احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك . ـ وإذا سألت فاسأل الله . ـ إذا استعنت أتسعن بالله . ـ واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف " أخرجه أحمد والترمذي وقال : حسن صحيح . والحاكم في صحيح الجامع). ولقد كان صلى الله عليه وآله وسلم يعود الأطفال على الصلاة خلفه حتى يشبوا على عبادة الله تعالى . أخرج البخاري والترمذي وأبو داود عن أنس رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحسن الناس خلقاً ، وكان لي أخ يقال له أبو عمير وهو - فطيم - وكان إذا جاء قال : يا أبا عمير ما فعل النغير, والنغير طائر كان يلعب به . كلمات قصار قالها رسول الله صلى الله عليه وآله : (إنما بُعِثتُ لأتمِّم مكارم الأخلاق ) وقال أيضاً : (أنا مدينة العلم وعليٌّ بابُها ، فمن أراد العلم فليأت من الباب ) وقال أيضاً : (أ حبُّ الأعمال إلى الله أدومُها وإن قل ). وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : من تعود على كثرة الطعام والشراب ، قسا قلبه) . يقول سيدنا المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كما يروي ابن ماجه : " أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم " وقلت لكم : لا تقتصر دلالة الأولاد على أولادك المباشرين بل تتجاوز الدلالة إلى أولادٍ هم أولاد جارك ، وأولاد ابن بلدك ، وأولاد الإنسان حيثما كانوا وأينما وجدوا " أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم " يقول سيدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " اتقوا النار ولو بشق تمرة ، فمن لم يجد شق تمرة فبكلمة طيبة " أين الكلمة الطيبة للأطفال ؟ ما أروعك يا سيدي يا رسول الله وأنت تعلم الناس استشعار مسئوليتهم نحو الأطفال وكفالة الأطفال وملاطفة الأطفال ، والحنو على الأطفال ، ومواساة ومداعبة الأطفال ، وإكرام الأطفال ! كلما ذكرت وتذكرت تلك القصة انتابني خشوع عنوانه التقدير والإكبار لذلك العظيم محمد عليه وآله الصلاة والسلام عندما كان في طريقه في هجرته إلى المدينة المنورة فمرَّ ببني النجار وخرج أطفال بني النجار يستقبلون حبيبهم ورسولهم محمد عليه وآله الصلاة والسلام وكانوا يرددون أهزوجة ونشيدة ، يقولون:
نحن جوارٍ من بني النجار يا حبذا محمد من جار فحنا عليهن
وقال لهن : أتحببني ؟ قلن نعم . قال : " الله يشهد إن قلبي يحبكن " . كلمة طيبة ، بل كلمة هي الأطيب . أو لسنا أتباعاً لهذا النبي ؟ أين اتباعنا لنبينا عليه وآله الصلاة والسلام في شؤون حياتنا ، في مجتمعنا ، في قضايانا الاجتماعية . أملي وأمنيتي ورجائي وطلبي أن نسعى للقيام بمسؤولياتنا عن أطفالنا ، عن أطفال بلدنا وقطرنا ، وعن أطفال عالمنا ، ، ونحن مسؤولون عنهم ، ولكن لا أريد أن أعرض الواجب وأن أجعله واسعاً أبتدئ بأطفال بلدي لأوجه عنايتكم إلى أطفال بلدكم ، إلى أطفال حيكم ، إلى أطفال هم أقرباء لكم أنتم ولنا نحن . أريد أن نقوم بهذه المسؤولية وإلا فكلامنا عن ديننا لن يؤثر إيجاباً في الآخرين بل سيؤثر سلباً ، والعاقل من طبق ما يقول لتكتمل دعوته تأثيراً إيجابياً في الآخرين . اللهم اجعلنا ممن يقومون بمسؤولياتهم كلها خير قيام . وعلى هذا الهدى النبوي الكريم ربى الصحابة أولادهم . وأول ما ينبغي أن يربى الأطفال عليه عبودية الله وتوحيده ، والأخلاق الكريمة وأول هذه الأخلاق الحياء . قال ابن مسكوية : ولذلك أول ما ينبغي أن يتفرس في الصبي ، ويستدل به عقله الحياء ؛ فإنه يدل على أنه قد أحس بالقبيح ، ومع إحساسه به هو يحذره ويتجنبه ، ويخاف أن يظهر منه أو فيه( ابن مسكويه : تهذيب الأخلاق ص 48 ). ثم بعد ذلك يعود على الآداب العامة مثل أدب الحديث ومخاطبة الكبار ، وأدب العطاس ، والتثاؤب فيعلم علم الحمد الله ثم إذا قيل له يرحمك الله ، أو بورك فيك ونحوه ن ويعلم الرد. إلى غيرها من الآداب التي فصل القول فيها الفقهاء والمربون. ويدا بيد للتعاون والتآخي والبناء ويجب أن نثابر أنفسنا لرعاية الأطفال والمحرومين ولا تنسوا واجبكم الشرعي بالعمل لله خالصاَ وكما قال رسول الله صلى الله عليه وآله : "خير الناس من نفع الناس ".وهذا هو المطلب للسير قدماً لخدمة الأوطان وإسعاد وإنعاش المواطنين وببناء المدارس للأطفال ويهتم بهم لأنهم الدروع التي سوف يتركز عليه الوطن في
المستقبل القريب .وعلى الأطفال في الجد والمثابرة في الدراسة ليكونوا خير من الجيل الذي سبقهم وعلى الشباب أن يتعاونوا ويتآخوا بروح الإيمان الذي أوصانا ربنا تعالى لقوله  : (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة
يأمر تعالى عباده المؤمنين بالمعاونة على فعل الخيرات وهو البر , وترك المنكرات وهو التقوى وينهاهم عن التناصر على الباطل والتعاون على المآثم والمحارم , قال ابن جرير : الإثم ترك ما أمر الله بفعله والعدوان مجاوزة ما حد الله في دينكم ومجاوزة ما فرض الله عليكم في أنفسكم وفي غيركم , وقد قال الإمام أحمد : حدثنا هشيم , حدثنا عبيد الله بن أبي بكر بن أنس عن جده أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :" انصر أخاك ظالما أو مظلوما " قيل : يا رسول الله هذا نصرته مظلوما فكيف أنصره إذا كان ظالما ؟ قال :" تحجزه وتمنعه من الظلم فذاك نصره " انفرد به البخاري من حديث هشيم به نحوه , وأخرجاه من طريق ثابت عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " أنصر أخاك ظالما أو مظلوما " قيل : يا رسول الله هذا نصرته مظلوما , فكيف أنصره ظالما ؟ قال " تمنعه من الظلم فذاك نصرك إياه".
وقال أحمد : حدثنا يزيد , حدثنا سفيان بن سعيد , عن الأعمش , عن يحي بن وثاب , عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال " المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرا من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم " وقد رواه أحمد أيضا في مسند عبد الله بن عمر , حدثنا حجاج , حدثنا شعبة عن الأعمش , عن يحي بن وثاب , عن شيخ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم " وهكذا رواه الترمذي من حديث شعبة وابن ماجة من طريق إسحاق بن يوسف كلاهما عن الأعمش به.
وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن محمد أبو شيبة الكوفي , حدثنا بكر بن عبد الرحمان , حدثنا عيسى بن المختار عن إبن أبي ليلى , عن فضيل بن عمرو , عن أبي وائل , عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه  وآله وسلم :" الدال على الخير كفاعله " ثم قال لا نعلمه يروى إلا بهذا الإسناد , قلت : وله شاهد في الصحيح " من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا , ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من إتبعه إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا". إذا تنافسوا في عمل الخير والتعاون والتآخي لتكونوا البنيان المرصوصة لبلدانكم وللعالم وأقولها مرة أخرى يداً بيد للتعاون والتآخي والله خير حافظ هو أرحم الراحمين.
المحب المربي
behbahani@t-online.de


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سيد صباح بهباني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/02/05



كتابة تعليق لموضوع : أن الله يبارك الشباب المجد الذي يحقق الأهداف الغالية للوطن...
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net