الأمل والكرامة على وجه النيل الخالد...الرئيس قرر التنحي
سيد صباح بهباني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

وَمَنْ لَمْ يُعَانِقْهُ شَوْقُ الْحَيَـاةِ تَبَخَّـرَ في جَوِّهَـا وَانْدَثَـر

((لقد قررت أن أتنحى تماما ونهائيا عن أي منصب رسمي وأي دور سياسي وان أعود إلى صفوف الجماهير أؤدي واجبي معها كأي مواطن آخر )) هكذا قالها الرئيس المصري المرحوم جمال عبد الناصر بكل فخر واعتزاز ....
بهذه الكلمات التي تنم عن الكبرياء والشمم واحترام الذات واحترام الشعب خاطب الرئيس جمال عبد الناصر شعبه بعد هزيمة 1967 ليهب الشعب من أقصاه إلى أقصاه في التاسع والعاشر من يونيو 67 في مسيرات عارمة تطالب الزعيم بالعدول عن الاستقالة ،إذا ما قارنا بين لحظة الأمس ولحظة اليوم ثمة قاسم مشترك يتناسب طرديا بقوة الشعب وفعل الجماهير ويتناسب معه عكسيا بالمطلب حيث خروج الشارع المصري على بكرة أبيه مطالبا زعيم اليوم بالاستقالة وتلك ألت ظاهرات الشعبية العارمة والغاضبة التي ضمت شرائح المجتمع المصري على مشاربه وألوانه وإشكاله والمرددة الشعار نفسه رددته كل الحناجر (( الشعب يريد إسقاط النظام )) منقولة تلك المظاهرات إلى الملأ كله وعلى الهواء مباشرة فيقابلها الرئيس الذي تربع على عرش مصر أكثر من ثلاث عقود من الزمن ترنح فيها الشعب تحت وطأة الفقر والبطالة وتضيق الحريات وانتهاك حقوق الإنسان ولم يكن شهيد الإسكندرية خالد سعيد أول الضحايا ولن يكون أخرهم يقابل الرئيس رفض الشعب بالإصرار على البقاء.
ما يثير الدهشة والتساؤل هل يمكن لإنسان لديه ذرة كبرياء وقليل من الحياء وبقايا رجولة أن يصر على البقاء زعيما لشعب خرج عليه كله ليقول له اخرج دون رجعة حكمتنا عمرا طفلنا صار فيه شابا وشبابنا شاخوا على يديك وأنت لا تحرك ساكن قابضا بكلنا يديك على كرسي لم يجلب لنا إلا الخيبة والخذلان والخسران ارحل عنا دون وداع .... المثير للاستغراب هو استقالة زعيم لديه من الشعبية وحب الجماهير ما يكفيه حكم عقود من الزمن فقط لأنه خذل شعبه في معركة فيما يصر الرئيس مبارك على البقاء في حكم نفد فيه صبر القاصي والداني شيبا وشبابا رجالا ونساء
فهل حقا قد ختم عبد الناصر بالشمع الأحمر على عصر الفرسان وهل زعامات العالم العربي الآيل للسقوط معظمهم غادرهم الكبرياء كله حتى الكبرياء مللهم وقرف من حكمهم فشرارة تونس امتدت إلى الكنانة وبيروت وصنعاء والسودان وستمتد إلى دول أخرى حتى تطوي  معها عصر الطغاة المستبدين وتفتح صفحة الحرية والأمل والعدل والكرامة جميعنا ولد على سطح الكرة الأرضية فلماذا غربها يعيش الإنسان فيه حرا كريما معززا لا يعلو حاجبه عينا ونعيش في النصف الشرقي عبيدا لأصنام الطغاة المستبدين مصاصي دماء الشعوب ومذليها يتسلقون أكتاف الشعب ثم يستعبدوهم وهم الذين ولدتهم أمهاتهم أحرارا وليعلموا إن سقوط نظام الرئيس مبارك سيكون زلزالا سيدمر كل عروش الطغاة ... بقي أن أعرب عن كل معاني الاحترام والتقدير والإكبار لأبناء الكنانة الذين اثبتوا أنهم صناع الحياة وقادرين على رسم مستقبلهم بأناملهم البارعة برسم الأمل والكرامة على وجه النيل الخالد لهم ألف قبلة وقبلة من إخوانهم في جميع العالم والعالم الإسلامي والعربي .
ختاما في هذا المقال لا أنوي تحذير الزعامات العربية والإسلامية من مغبة أفعالهم الشنيعة مع شعوبهم وأن يأخذوا من درس تونس الخضراء ومصر الكنانة عبرة ضد كل المستبدين لتصحيح تلك الأفعال لان الشعب منحهم العمر كله دون جدوى ولان الشعوب العربية والإسلامية قررت الحياة وقد قالها التونسي العظيم أبو القاسم الشابي منذ زمن غابر

إذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ فَلا بُدَّ أنْ يَسْتَجِيبَ القَـدَر

إذن لماذا هذه المراوغة يا سيادة الرئيس مبارك تريد التنحي ! ولكن تخاف على مصر!!! هذا دليل المغفلين ,حما قيل : بعد جهداً بدل الماء بالماء! . وأن الذي يحارب شعبه سيكون في مزبلة التاريخ .. وأن عناد مبارك سوف يجبر الشعب بأن يجلب قوة من الخارج  لتحرير الشعب.. فهل تتحمل هذا ؟ كما فعل طاغوت العراق المقبور ! ويداً بيد للتعاون وحماية الوطن والشعب من أيدي الدكتاتوريين والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين.
المحب للحرية
behbahani@t-online.de

الموضوع السابق عندما يغيب الضمير من بعض المواقع الالكترونية

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat