دور الفقيه المرجع في الأمه الصدر و السيستاني نموذجاً
ابواحمد الكعبي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ابواحمد الكعبي

كثر الحديث هذه الايام عن سماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني حفظه الله تعالى من كيد الحاسدين والحاقدين، الذين لا هم لهم الا سوى ارباك الوضع العراقي وتفريقه محاولة منهم لاشعال فتنة طائفية وخلق فجوة بين المرجعية الدينية والشعب العراقي.
هذه الاصوات والكتابات الباطلة المدفوعة الثمن والمعروفة الاتجاه تحركها دوائر مخابرات دولية واقليمية تسعى الى خلط الاوراق مرة اخرى بعد ان عجزت منذ زمن بعيد لدق اسفينها بين المرجعية والامة.
لمصلحة من هذا الهجوم على السيد السيستاني وهذه الكتابات الصفراء المملوءة بالحقد الاعمى وعدم البصيرة
لعبت الحواضر الشيعية الرئيسة دورا مهما في الحراك السياسي داخل العراق، ودفعت الثمن باهظا، ما بين قتل واعتقال وتشريد وتهجير سكانها، ولاسيما المنتمين منهم لطبقة علماء الدين وأسرهم.
بالنسبة إلى مرجعية النجف، فيمكن اعتبار إطلالة السيد محمد باقر الصدر لحظة فارقة في تاريخها المعاصر، قدم الصّدر خلال حياته العديد من النظريات العلمية، وتقاطع بشدة مع الشأن العام، ولاتزال المجاميع العلمية تُدين للرجل الذي صاغ أطروحات متقدمة في مجال الاقتصاد والفلسفة والأسس المنطقية للاستقراء وغيرها، لكن أهم ما قدمه في المجال السياسي نظريته حول المرجعية الرشيدة، أعاد من خلالها تركيب العلاقة بين الفقيه المرجع والمجتمع، بحيث يأخذ الأول دور الشاهد، بينما يتسلم المجتمع مهام الخلافة، أي مسؤولية الحكم والإدارة.
قيَّد الصّدر ممارسة المجتمع لدوره الاستخلافي بقدرته على الممارسة الحرة، بعيدا عن حكم الاستبداد الذي يُحول المجتمع إلى قاصر يفتقر القدرة على استلام المهام المنوطة به، وفي هذه المرحلة يتصاعد دور الفقيه المرجع ليأخذ مكان الولاية، حتى إذا تخلص المجتمع من ذلك الظرف الطارئ، استعاد حقه في التصدي للشأن العام وحمل المسؤولية، فيما يعود الفقيه لأداء دوره كشاهد ومراقب، فظرف الاستبداد يجمع دوري الشهادة والخلافة في شخص الفقيه، فيما يحرر واقع الحرية بينهما.
قضى السَّيد الصدر شهيدا على يد النظام البعثي في العام 1980، لكن نظرياته ظلت حاضرة في فضاء النجف والعالم الإسلامي بصفة عامة، وأعتقد أنها أسهمت في توليد العديد من الآراء السياسية الحديثة، التي تجاذبت أطراف التفكير حول وضع الإسلام ومكانته في الدولة العراقية الراهنة، ودور مراجع الدين في الدخول أو الإحجام عن الشأن السياسي وقضايا السلطة. ولعل أبرز المحايثات هي السيرة العملية التي يتمثلها السيد السيستاني اليوم، وإصراره على تجنيب المرجعية الدخول كطرف في الحراك السياسي اليومي داخل العراق، وحثّه على الالتزام بالآليات القانونية، وإكتفائه بدور الشاهد الأمين، على الرغم من قدرته على الدخول في أدق التفاصيل.
يُعيد السيستاني صياغة دور الفقيه المرجع في الأمة، وفق الظروف والمعطيات التي تفرضها الساحة السياسية في العراق، ووضع الدولة العراقية في الخارطة السياسية للمنطقة، ويدفع الفقيه إلى أن يكون صمام الأمان، الذي يرأب الصدع، ويتيح الفرصة للمجتمع العراقي ونخبه السياسية أن تمارس مسؤولياتها من دون وصاية أحد، ضمن قناعة مُثبتة بالإيمان بصلاحية المجتمع على إدارة شؤونه، وأن الرشد السياسي عبارة عن عملية تراكمية تنضج مع التجربة وتتصاعد مع الممارسة، وهما وحدهما الكفيلان بإصلاح الأخطاء والارتقاء بالواقع السياسي في العراق.
من المؤكد أن ثمة مساحة واضحة من الاختلاف ما بين النظريتين في الحكم والإدارة وموقع الفقيه في الحياة العامة، لكن من المؤكد أن كلا الرجلين سعيا لتمكين المجتمع من أداء دوره بحرية تامة.
فالسيد السيستاني لم يوفر فرصة على أرض الواقع إلا واستغلها لتعزيز الإجماع الوطني حول الحكم المنتخب من قبل الأغلبية السياسية، مثبتا بذلك ثقته بالأكثرية، وقدرتها على اتخاذ القرار السليم، ومتجاوزا في الوقت ذاته كل الرهانات على بناء وطن طائفي، أو عنصري في العراق.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat