صفحة الكاتب : جعفر بن ناصر الوباري

الإفراط في العاطفة (1)
جعفر بن ناصر الوباري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بسم الله الرحمن الرحيم
     الحمد الله كما يحمده محمد وأكثر والشكر لله كما يشكره محمد وأكثر، الحمد الله الذي جعل الجنة لمن خاف مقامه.
     إن كتاباتي الثلاث الماضية والتي تحمل عنوان(مقام الله تعالى والحوار في دينه)، لازال يمتد هدفها  إلى كتابتي هذه، والكتابات اللاحقة إن شاء الله تعالى، وإن اختلفت العناوين، لأن أي موضوع ديني يجب علينا أن نسأل ما إذا كان لائقاً أو غير لائق كي ننسبه إلى  دين الله تعالى , و لنتذكر دئماً:
(إن مقام الله تعالى والهوى لم و لن يجتمعا على خط واحد)
     في الوقت الذي يكون فيه كتاب الله تعالى بين أيدينا ومع اعتقادنا إن هذا الكتاب هو الفاصل في صحة ما يُنقَل عن أهل البيت عليهم السلام من ألفاظ و أفعال  بحيث إن توافق ذلك مع كتاب الله تعالى نأخذ به وإن خالف تركناه، لكن يا حسرتاه قد غلبنا الهوى  منذ سنوات حتى أُرسيت حواجز ما بين أن نعرض ما نُقل عنهم عليهم السلام على القرآن الكريم, وهذه الحواجز ليس من السهل اكتشافها، وإن بادرت أي محاولة لإيجاد حل لهذه الحواجز لن تسلم من التعصب والتحجر لدى تنوع الاتجاهات في المرجعية من ناحية، ومن ناحية أخرى سلب رأي المفكرين من العوام على اعتبار أنهم أدنى من مستوى العلماء، وهذا الأمر جعل الفكر الشيعي أشبه بالعقيم أمام قراءة الدين والدنيا .
     أما بالنسبة للحواجز فهي كثيرة ولعل أبرزها حسب تصوري:ـ
 قلة تدبر القران الكريم, الخطيب بلا رقيب, الإفراط في العاطفة، الإفراط في تقديس ما هو أدنى من مقام الله تعالى، قوة مصلحة الجاه والمادة بلباس الدين، وكثير مما يخفى على العوام معرفتها، والعنصر المشترك لتلك الحواجز (الهوى) فقد تمكن من الهيمنة على ساحة تفكير كل ذي ميل، فأصبح الكثير لا يستحضرهم مقام الله تعالى في كثير من  الجزئيات الدينية أو في المذهب بشكل خاص، لأن الميول إلى الانتماء كان أقوى حتى من التأكد مما يُمال إليه ، هذا بالرغم من أن موضوع مقام الله تعالى أعظم من النبوة والإمامة والعصمة، وأعظم من المرجعية والأعلمية والاجتهاد بشكل عام، وأعظم من مواضيع جمة في الوسط الشيعي كالولاية التكوينية، والتقليد والتطبير والخمس وغيرها، مما أخذ مساحة غاب فيها موضوع مقام الله تعالى على أن يكون له الأولوية في الطرح، ولو كان مقام الجبار جل جلاله حاضراً حضور حقيقي، لما تمكن الهوى أن ينفذ إلى النفس عند قراءتها الدين والدنيا، ولسهُلت حلول قضايا ما ذكرت أعلاه وغيرها، فالوجدان المرتعد من مقام الله تعالى يجعل النفس في حصانة من الهوى الأمر الذي يخلق تجاذب ما بين التفكير والصواب في حضن هداية الله تعالى.
     هذه مقدمة لما وعدت تناوله في الكتابة السابقة أي موضوع الألفاظ والأفعال وعلاقة ذلك بالإفراط في العاطفة والإفراط في التقديس.
العاطفة
     تتعدد تعريفات العاطفة التي نحن البشر ندركها وجدانياً، وهي لم تختص بالبشر فقط  فكثير من  الحيوانات تكون العاطفة من ضمن خلقتها، تبارك البارئ عز وجل, كما للعاطفة تصنيف وتنوع والحديث عن العاطفة يطول، ولكن على هذا وذاك فللعاطفة تأثيرها الملحوظ، سواء على الإنسان أو الحيوان.
    اما ما علاقة العاطفة بالمعتقد؟ أي هل هناك موضوع مستقل أو بحث علمي تناول علاقة العاطفة بالمعتقدات الدينية وتحديداً الدين الإسلام؟ فهذا بحث ندر من تناوله من  الباحثين والمتحدثين، وقد طُمس من له طرح في هذا الصدد، و بعضهم أُتهم لا لشيء إنما لأنه يفكر، لا أريد أن استطرد كثيرا و لكني أشير عنوة إلى خطباء المنبرداخل البيت الشيعي أولاً، فعلى ثقافتي المتواضعة لم أجد من تناول موضوع العاطفة وعلاقتها بالمعتقدات بشكل تفصيلي و دقيق، بل على العكس  الملاحظ إن أمر العاطفة متروك سُدى لكل من يشرع لنفسه جواز استخدم العاطفة على أي وجه كان، مادام ذلك يخدم أهل البيت عليهم السلام حسب تصوره، أما ما الدليل والتفصيل على إن ذلك خادم لا هادم، فلا جواب علمي مقنع في كثير من استخدامنا للعاطفة، سواء كان من حيث اللفظ و التناغم أو الفعل والتصرفات.
       الملفت في أمر العاطفة في الوسط الشيعي، إنه  متى ما طُرح موضوع العاطفة للنقاش في أي محفل وبالرغم من تبيان أهمية العاطفة ودورها الإيجابي، إلا أن التحدث عن سلبياتها أمر مرفوض ومن يتناول هذا الموضوع لا ينظر في أي مقدمة تحدث فيها عن ايجابيات العاطفة، بل ينظر إليه بأنه مقلل من أهمية العاطفة ودورها، وأن أكثر ما يرد به عليه هو إن الحسين عليه السلام (عِبرة و عَبرة) ودفاع مستميت عن العاطفة، كأن من يطرح سلبياتها يدعو إلى التخلص منها جملة و تفصيلاً، وهذا دون شك نتيجة لبعض الأخطاء في بناء الثقافة الإسلامية لكثير من أفراد الشيعية.
     نعود إلى الكلمتين (عِبرة و عَبرة) تأمل في كلمة عِبرة ـ بكسر العين ـ بمعنى العظة لم تُشبع بالوجه الذي أراد الحسين عليه السلام، وعليك أن ترجع إلى خطبته ويكفيك منها (إنما خرجت لطلب الإصلاح) أجعل نصب عينك الطقوس أو ما نسميها بالشعائر وتفكر بما تسمعه من لفظ و تراه من فعل، بمعنى أدق، أجعل كلمة إصلاح ميزان تضع فيه كل ذرة قول هل تتوافق مع الإصلاح  الذي من أجله ضحى سيد الشهداء عليه السلام  أم تتعارض، وكذلك الأمر عندما تشاهد أي ذرة تصرف هل تتوافق مع ذلك الإصلاح أم تتعارض؟! 
     هذا من حيث الكلمة الأولى عِبرة أما الكلمة الثانية عَبرة ـ بفتح العين ـ أي الأمر العاطفي فالكلمة لم يتجاوز معناها هدر الدمع و البكاء وهو الأمر الفطري الطبيعي في خلقة الإنسان، والإسلام لم يتجاهل هذا الأمر ـ الحديث عن عاطفة الإنسان ـ فقد ربطها بمواضيع لا تقل عنها أهمية كموضوع الرحمة وتأليف القلوب والتضرع، وربطها أيضاً بمواضيع ذات أهمية عظمى كموضوع العدل والحق والذب في سبيل الله تعالى وغيره، ويتجلى السلوك العاطفي ظاهرياً في البكاء تعبيراً عما بالباطن. ومن الشواهد عليه في موارد الحق أو الرغبة فيه.
يقول الله جل جلاله:
وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83)المائدة
     إن ردت الفعل التي على أثرِها هُدرَ الدمع (اساسها كلام الله تعالى)  أي بعد ما سمعوا المُنزَّل من الله تعالى وهو صاحب المقام الأعلى في الآية، وهنا أتساءل أين المنبر طوال السنوات الماضية لم يأخذنا  إلى هذه الروحانية بحيث يُسمعنا كلام الله تعالى فتفيض أعيننا؟ أم كان ما نسميه بـ(لسان الحال) أبلغ مما أنزل على الرسول صلى الله عليه وآله. 
 
يقول جل جلاله:
وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ (92)التوبة
     أمنيتهم أن يُحملهم الرسول صلى الله عليه وآله أي شيء ينفقونه في سبيل الله (أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ)، فعندما لم يحالفهم الحظ لتحقيق هدفهم، بلغت بهم الحسرة مبلغاً من الحزن أفاضت أعينهم دمعاً ، يا له من جو روحاني ملئه الدمع في سبيل الله تعالى، وما أروع أن يستحضرك مقام الله تعالى فتبكي، سلام الله على أمير المؤمنين إذ يقول:
 (اِرْحَمْ مَنْ رَأْسُ مالِهِ الرَّجاءُ، وَسِلاحُهُ الْبُكاءُ)
يقول جل جلاله:
قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (83) وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (84)يوسف
     إن الآية لم تشر إلى أي عضو من جسم يعقوب عليه السلام بلغ به التأثر كما بلغت عيناه، لكونهما مصدر هدر الدمع، وهي الحالة الفطرية الطبيعية لدى الإنسان، و لم يكن يعقوب عليه السلام يضرب على عينيه فبيضتا، لأن الضرب يدمي وله آثار غير الابيضاض، وهنا تأدب مع المصائب والصبر عليها (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ)، ثم لم يكن تأسفه تأسف الأب على ولده، أي لم يقل (يا أسفي على ولدي) بل (يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ) نبي الله تعالى وحامل تعاليمه، فحضور مقام الله تعالى في نفس يعقوب عليه السلام يجعله يتأسف لما حدث لنبيه تبارك وتعالى لا قضية نسب.
     كما أشير إلى إن العاطفة طريق مرن يستخدمه الشيطان للعدول عن الحق في كثير من الأحيان, وهذا ما حاول استخدامه أخوة نبي الله يوسف عليه السلام(وَجَاؤُواْ أَبَاهُمْ عِشَاء يَبْكُونَ (16)يوسف
     أما ما هو متعلق بالنبي صلى الله عليه وآله لعلمه بما سوف يجري على الحسين عليه السلام، لم يُثبت إنه أتخذ سلوكاً غير البكاء في تعبيره عن تلك المأساة، حاشاه عليه افضل الصلاة وازكى التسليم وقد قال عنه جل جلاله:
وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)القلم
مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (11)التغابن
اتساءل:
  عندما أستشهد الإمام علي عليه السلام ما هي ردت فعل بقية أهل بيته عليهم السلام؟ ألم يتعاملوا مع مصيبتهم وفق الآيات السابقة والقرآن مجملاً؟
عندما توجه الحسين عليه السلام إلى الشهادة في طريقه إلى الله تعالى هل استحضره مصير أهل بيته؟ أم استحضره مقام الله تعالى والذي لأجل لقياه ترك الدنيا طرا و ايتم العيال؟
السيدة زينب عليها السلام عندما استشهد الإمام الحسين عليه السلام هل تعاملت مع مصيبتها وفق قوله جل جلاله:
(الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)البقرة
ماذا الذي استحضر قلبها مقام الله تعالى أم مقام الحسين عليه السلام؟ ألم يكن مقام الله تعالى مهيمناً على وجدانها عليها السلام بدليل رفعها  ذلك الجسد تخاطب المقام الأعلى قائلة: تقبل منا هذا القربان؟
أيُ نوع من الإفراط العاطفي ظلم الصبورة عليها السلام فأتهمها بأن ما كان يحضرها عامل الأخوة والنسب في أخيها أكثر من  حضور مقام الله تعالى(تقبل منها هذا القربان)؟
كيف نقبل المبرر الذي مفاده (إن عظمة المصيبة جعلتها تتصرف بكذا و كذا) وهذا والعياذ بالله يعني إن مقام الله تعالى في تلك اللحظة قد غاب عنها، وهي تسمع إمامها الحسين عليه السلام يقول(الهي، مَتى غِبْتَ حَتّى تَحْتاجَ إلى دَليل يَدُلُّ عَليْكَ)؟
 هل الحسين عليه السلام كان يوصيها بوصاياه ما بعد استشهاده وهو يعلم إنها لن تلتزم بوصايا إمام زمانها؟!
وهل علينا أن نقبل تبرير ما يُنسب إليها من تصرف بحكم إن الجزع على الحسين عليه السلام يُبيح لها ذلك كون مصيبته عليه السلام حالة خاصة حتى لو تطلب الامر عدم الامتثال لأوامر الإمام المعصوم الذي أمره من أمر الله تعالى؟! و إلا لماذا قيل عنها بعد استشهاده، على نفسها ضربت و لطمت و في اقوال خرجت ناشرة شعرها و أقوال.. شلت يدي أن أكتبها؟!
     لقد عانينا مما اهملنا تعاليم الله تعالى التي أتوا بها إلينا أهل البيت عليهم السلام  بسبب الإفراط العاطفي وانعدام الرقيب على الخطيب، وترك الحرية لمن أراد أن يعتلي المنبر، والإفراط في تقديس بشر، وأمور كثيرة جعلت أكثر الشعب الشيعي في العالم غير قادرعلى أن يقرأ أهل البيت عليهم السلام كما يريد الله تعالى.
     يا أصحاب الألباب قبل كل اعتبار ، يجب أن ندرك إن الله تعلى له تعاليم وإن اهل البيت والرسل والأنبياء والصالحين عليهم السلام علة وجودهم هي توصيل تلك التعاليم لبقية البشر، وبالطريقة التي يريد الله تعالى، أما الأحداث و المصائب التي تجري عليهم مهما كانت فهي لا تعلو أهمية عما كُلفوا به.
قال جل جلاله:
قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11) وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12)إبراهم
قال أمير المؤمنين عليه السلام:
(إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِالأنْبِيَاءِ أَعْلَمُهُمْ بِمَا جَاءُوا بِهِ)
     إذاً من الواجب علينا أولاً أن نهتم اهتمام بالغ بما عندهم من تعاليم الله تعالى، ثم نلتفت إلى الاحداث والمصائب التي جرت عليهم، وهذا المفهوم يحتاج إلى موضوع مستقل أتمنى أن يوفقني الله في الكتابة عنه أو يكون هناك باحثون يتناولون هذا بشكل علمي دقيق، نحن في أمس الحاجة إليه، لأن الإفراط العاطفي والجهل جعل الكثير يتوهم إن ما جرى على  أهل البيت عليهم السلام من أحداث أهم مما كلفهم به الله تعالى إلينا نحن بقية البشر، فيا لها من كارثة امتدت زمن طويل، و لا ندري متى نفيق، فنقول أولاً لبيك اللهم لبيك ثم نقول لبيك يا حسين، وأيضاً قولنا لبيك يا حسين على أساس من فهم أبعاد ذلك، لا لأن هناك قصة حزينة تُحرك عواطف الإنسان، ولو إن قضية الحسين عليه السلام قضية حزن بحتة، كيف يقول عليه السلام في طريقه إلى الشهادة (لا أرى الموت إلاّ سعادة) ونحن نحزن؟! 
وهل هدفهم بأن ضحوا عليهم السلام لأجل أن يُخلد لهم التاريخ مجداً يذكرهم الناس به، سواء عرفت الناس تعاليم الله تعالى عن طريقهم أم لم تعرف؟ وهذا السؤال أوجهه إلى كل من جوز الألفاظ و الأفعال غير اللائقة بأخلاق دين محمد صلى الله عليه و آله ثم أدعى إن الله تعالى من أراد ذلك مستدلاً بقوله جل جلاله(ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) 32الحج، على اعتبار تلك التصرفات من قول وفعل المتنوعة والمستحدثة هي التي يقصدها الله تعالى بكلمة (شَعَائِرَ) دون بحث علمي لا يتعارض مع القرآن الكريم على الأقل الآيات التالية:
(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)النحل
(وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا (53)الاسراء
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (208)البقرة
     اما ما هي تعاليم الله تعالى التي عند أهل البيت عليهم السلام لنتعلمها، فتلك أضاع ولازال يُضيعها الهوى وما أدراك ما الهوى، فو الله إنه سلاح فتاك نفذ به الشيطان إلينا من حيث نؤمن، و من تلك الشواهد الإفراط في تقديس البشر، وهذا ما سأتناوله في الكتابة القادمة إن شاء الله، كما من الشواهد أيضاً الإفراط  العاطفي الذي نحن بصدده في هذه الكتابة، والذي أصبح اليوم شبه المحرم الحديث عن سلبياته على الرغم تخجل رأي الشرع في ما هو ظاهر على الملأ بلباس (شعائر الله) جل الله و تعالى عن ذلك.
     إن الاستدلالات التي كثير ما يستدل بها المؤيدون ليشعروا المتلقي إن ما تقوم به من طقوس أو نحوه وبأي طريقة و على أي كيفية هي من المستحبات العظيمة إلى الله تعالى، بدليل كذا وكذا من الأحاديث التي يستصعب على بعض المؤيدين أن يعرضوها على كتاب الله تعالى، خشية عدم توافقها معه، وها نحن ننظر بخجل إلى تفشي العبث في التعبير عن أهل البيت عليهم السلام.
إن شاء الله تعالى في الكتابة القادمة سوف اتناول موضوع ما نسمعه وما نراه مما يعتبره البعض شعائر أو خدمة لأهل البيت عليه السلام
في الختام أتمنى أن تظهر علينا نعمة تربية أمير المؤمنين عليه السلام .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جعفر بن ناصر الوباري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/04/14



كتابة تعليق لموضوع : الإفراط في العاطفة (1)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net