صفحة الكاتب : محمد الحمّار

هل باستطاعتنا إنجاز الاختراق الحضاري؟
محمد الحمّار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عاشت تونس والعالم بأسره في الآونة الأخيرة على وقع الهجمة الالكترونية التي شنتها عساكر الانترنات على البنى الرمزية للكيان الصهيوني. وبالرغم من أنّ إثبات الجدوى الحقيقية من هذه الحرب ليس بالأمر الهيّن ولا هو بالمتأكد، إلا أنّ ما يمكن استخلاصه إلى حد الآن هو أنّ الكيان الصهيوني وأيضا البلدان التي خلقته ودعّمته إنما هي بلدان متقدمة أخلاقيا ومعرفيا وعلميا، مما مثل وما يزال يمثل البطانة الضرورية للتقدم المادي و الاقتصادي و السياسي والعسكري، أي الحضاري عموما، لهذه الأمم، بينما نحن أمة لم ترتقِ بعد إلى الدرك الأعلى من البناء الأخلاقي، ناهيك أن يكون لنا بناءً ماديا راقيا.
ومع أنّ تلكم البلدان المتقدمة لا تتعامل مع أمتنا بمثل القدر الهائل من الرقي الأخلاقي الذي تتعامل به في ما بينها وفي داخل المجتمع الواحد، فإنّ الشرط الأخلاقي كان هو الحاسم لتكميل الحركات التلقائية في داخل مجتمعاتهم، مثل الثورات والانتفاضات. ويبرز الحسم في نضال تلكم الأمم، ولو على حساب الآخرين (نحن) وبعنجهية في معظم الأحيان، لكن من أجل نيل حقوق شعوبها وتمكين هذه الأخيرة من أرقى سبل العيش الكريم.
بكلام آخر، أثبت العرب والمسلمون، من بين أمم أخرى، أنهم قادرون على إنجاز المعجزات. لكن إلى حد هذه الساعة كانت المعجزة في عداد العالم الافتراضي لا غير. وبالرغم من إمكانية حصولنا على فوائد حقيقية على أرض الواقع كنتيجة للاختراق الالكتروني الحالي للمجال الإسرائيلي وللفوران الذي خلّفه ، إلا أنّ العديد من المؤشرات تؤكد أنّ افتقارنا إلى ما يسند ذلك الاختراق واضح وجليّ، مما ينذر بعدم حصول فائدة من الصنف الحضاري تكون متوجة لهذا الاختراق.
نحن ما زلنا ذوي أخلاق غير لائقة تجاه بعضنا البعض، ناهيك أن نكون كذلك تجاه المجتمعات الشقيقة. فليس بإمكاننا أن نخترق الكيان الصهيوني حضاريا بواسطة شباب يعتبر مثلا الهرة كرة يتقاذفها من حين للآخر، وبواسطة كهول يلقون ببقايا السجائر في الطريق العام من شباك السيارة أثناء سيرها. 
كما أنه ليس بإمكان الشعب التونسي والعربي عموما أن يخترق الكيان الصهيوني بفضل شباب يشيخ قبل الأوان وذلك بأن يسيء تقدير الكبار، على غرار الباجي قائد السبسي ( مع العلم أني لا أنتمي ولا أساند حزب هذا الرجل، ولا أشاطره فكره) ويعتبروهم قد خرجوا من العصر بينما من المفترض علميا أن ينظروا إليه وإلى كل الشيوخ كشاب لكي يبقوا هم بدورهم شبانا في الأثناء، وحين يبلغوا ما يناهز نفس السن.
بالنهاية نعتقد أنّ بانتظار النخب عملٌ جليل وجبار من الضروري أن ينجزوه من أجل أن يستطيع الشباب مزاوجة الفعل الثوري والبناء. وما على القيادات الفكرية والنخب السياسية الشعبية إلا أن تدفع عجلة التغيير الثوري وذلك بدفع ضريبة الارتقاء كي يحدث هذا الأخير على النهج الصحيح.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الحمّار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/04/13



كتابة تعليق لموضوع : هل باستطاعتنا إنجاز الاختراق الحضاري؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net