صفحة الكاتب : احمد الشيخ ماجد

الشعر الشعبي وغياب الوعي
احمد الشيخ ماجد
 
يحتل الموروث الشعبي اهمية فائقة في حياة الشعوب وتاريخ البلدان, فهو من يمثل ثقافتهم واتجاهاتهم في مسيرة الحياة وكذلك من يميز الشعوب عن غيرها... يمتلك العراق موروثاً شعبياً جميلاً, ولاشك ان هذا الموروث اتً من تاريخ طويل جداً, فليس من السهل ان يتم التفريط به, لانه من يمثل ثقافة المجتمع التي يظهرون بها . وأحد هذه الموروثات المهمة, هو الشعر الشعبي العراقي, حيث نجد, ان اغلب العراقيين يتذوقون الشعر الشعبي ويحفظونه باستمرار, على الرغم من اعتقادي في ان حفظهم للشعر نابع من المواجع التي رأوها في حياتهم, فهو تعبير عما يختلج في نفوسهم الحزينة, حيث نجد حتى الاميين منهم يحفظون الشعر الشعبي, فما زالت احدى الابوذيات التي كان يردد بها جدي الذي لايقرأ ولا يكتب عالقة في ذهني: (خلفي واليمين التفت وايسار, واعاين لليفره الكَلب وايسار, صديجي الماحضرني بعسر وايسار, وجب تركه لأن ذاته ردية). فالشعر في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات وحتى الثمانينيات يحفظ من قبل الناس الذين لايقرأون ولايكتبون, فربما تجد امرأة جنوبية بعصابتها السوداء تردد ابيات لمظفر النواب مثلاً...وهذا التلقي السريع للشعر الشعبي من قبل الناس, نابع من وعي الشاعر وفهمه لمتطلبات المرحلة التي يعيشها, فالشعراء السابقين متميزين بـنباهة اجتماعية كبيرة, اضافة الى ذلك مداركهم الفكرية الواسعة, أي انهم يقرأون باستمرار وحسبك قصائد مظفر النواب وشاكر السماوي وعريان السيد خلف وناظم السماوي وكاظم الكَاطع وغيرهم الكثير.في الفترات الاخيرة وجدنا تردي هائل في الشعر الشعبي العراقي وفي كل ضروبه سواء في القصيدة او الابوذية او النص الغنائي, وخصوصاً هذا الاخير الذي يحتوي على كلمات يمجها الذوق وتأبى سماعها الاذان, وفي خضم هذا الابتذال الادبي الذي نراه في الشعر الشعبي, الذي اعتقد ان غياب النقد ، سبب من الاسباب المهمة في تردي الشعر الشعبي المعاصر, على الرغم من صدور دراسات نقدية قليلة جداً. قرأت مؤخراً دراسة عن الحاج زاير لريسان الخزعلي واخرى للناقد حسين سرمك حسن, والتي كانت رائعة بحق وتعد من الدراسات المهمة الحديثة التي تناولت شعر مظفر النواب, لكنها لاتفي بالغرض كون الشعر الشعر الشعبي العراقي يتمتع بمساحة واسعة جداً, وبالطبع لست انكر ان هنالك شباب متميزين من كل محافظات العراق, يكتبون بحس جمالي مقتدر وهو تمثيل حقيقي للشعر الشعبي الاصيل, ولكن للاسف ان الشعر الخالي من الوعي يتغلب لانه منتشر في الاغاني الموجودة...وكذلك توجد مشكلة كبيرة وهو تردي الذائقة الشبابية حيث نجد الشاب يفضل بس بس ميو على البنفسج! وكذلك غياب الوعي عند بعض الشعراء فلذلك ينبغي على الشعراء الشباب المتميزين الان وهم قلة طبعاً, ان يرتقون بالذائقة الشبابية لا ان يسعون لخرابها, ويجب ان يوجد نقد منهجي للشعر يحاول سبر اغواره والوقوف على ابداع الذي يكتبونه, لان الاسفاف الشعري انتشر بشكل غريب وهذا سيكون سبباً في قتل التراث الشعبي الذي يمتلكه العراق ويصبح الشعر الشعبي مجرد كلمات بذيئة, خالية من النفس الشعري المتدفق, كنت اسأل الحاج حسين واقول له: مارأيك بشعر هذه الايام فيرد : عمي هذا خرط ! ...فـهل يرجع الشعر الشعبي الذي كنا نسمعه سابقاً, المتميز بسهولة الكلمة العراقية البليغة ولطافة وقعها على سمع المتلقي, وسلامة الذوق الذي يمتلكه الشاعر  وكذلك عمق احساسه ونزعته الكاملة الى الابداع .؟ ام يبقى بعض الشعراء يكتبون ماهو مخل بالذوق ويسعى الى خراب الذائقة العراقية الاصيلة . 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


احمد الشيخ ماجد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/04/12



كتابة تعليق لموضوع : الشعر الشعبي وغياب الوعي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net