حلبجة وضمير القاتل
علي الخياط

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
صدام قتل الملايين من العراقيين في حروب عبثية إفتعلها بدءا من مواجهته مع الاكراد في سبعينيات القرن الماضي ثم حملته الشعواء ضد القوى الوطنية من إسلاميين واحزاب علمانية وحركات فكرية وثورية مرورا بحملة التصفية الكبرى لتلك العناصر عبر الإعدامات التي نفذت على مئات الآلاف من الناس الأبرياء ثم الحرب على إيران التي دامت لثمانية سنوات وبتمويل عربي غربي مباشر حيث فقد فيها العراق مستقبل وجوده دولة وذهب مئات آلاف الجنود الفقراء والمعوزين في محرقتها عدا عن الأرامل والثكالى واليتامى والجرحى والمعاقين والذين أصيبوا بعاهات جسدية دائمة وخربت حياتهم بالكامل ،ولم تكد تلك الحرب تنتهي حتى قتل صدام من خلال أشهر حمير السياسة في وقته المدعو علي كيمياوي آلاف المساكين من شعب حلبجة المظلوم من النساء والاطفال والشيوخ وحينها قال كيمياوي قولته المشهورة (أنعل أبو الدولي) ويعني إنه لايخشى المجموعة الدولية، ولا الأمم المتحدة، ولا منظمات حقوق الإنسان، ولا مجلس الأمن الدولي .
توجه بعد ذلك في حملات قاسية لتدمير آلاف القرى الكردية على الجبال البعيدة وفي السفوح ضاربا بعرض الحائط كل النداءات الإنسانية في ظل صمت عربي دنئ ،وموافقات دولية غير خافية على احد ،وكانت حلبجة صورة من صور المأساة لايمكن تجاهلها أو تغييبها وحتى إلقاء اللوم على جهة دون أخرى كما فعل صدام ونظامه المجرم حين صور الموضوع على إنه فعل الجيش الايراني، والحقيقة،وبشهادة الاف الكرد هي إن الجيش الإيراني كان ينقل المصابين الذي يستهدفهم الجيش العراقي الصدامي وينقلهم الى إيران بالمروحيات للعلاج حتى ان مقبرة مشهورة في قم لمئات من ضحايا الأنفال وحلبجة تشهد بعمق المأساة حيث توفي الكثير من المصابين في المستشفيات الإيرانية بسبب شدة الضربات الكيمياوية التي قام بها النظام المجرم وكان يلاحق الفارين بطائرات الهليكوبتر التي ترمى أطنانا من السلاح الفتاك وكانت جثث الاطفال والنساء والشيوخ مرمية ومتناثرة في طرقات المدينة وقراها وعلى السفوح وعلى اعتاب المنازل وعلى سواقي الماء والجداول النازلة من الأعلى الى الوديان وفي السيارات المتوقفة والتي لم تسعفها سرعتها للتخلص من الفعل الإجرامي الكبير للجلادين .
النظام المباد لم يستطع إخفاء جريمته وقد فضحه الشعب الكردي والشعب العراقي بعامته وقوى المعارضة الوطنية والمنظمات الدولية التي إحتفظت ببعض إنسانية الانسان الذي صار يفقدها لحساب روح الحيوان في داخله والتي تدفعه لفعل الشر وتمضي به الى حيث الكوارث والمصائب وعدم التعامل بأي شل من أشكال الرحمة او الانسانية التي يتوجب على كل فرد ان يتحلى بها ليحمي بني جنسه ويحمي نفسه معهم وهي الحلقة التي كان يفتقدها نظام البعث المجرم طوال سني حكمه حتى أذن الله سبحانه بإنهياره المذل في نيسان من العام 2003 وبلا رجعة وبقي التاريخ يسجل تلك الجرائم ويمر بها للاجيال التالية لتتعرف على الطواغيت ونذالة المجرمين .