صفحة الكاتب : ماجد عاشور

لكل شواذ قاعدة
ماجد عاشور

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

في الدول المتقدمة والمجتمعات المتحضرة تكون هناك مقاييس حتى في العلوم الانسانية تستند الى قواعد دقيقة حتى انها تقترب في بعض الاحيان من قواعد الرياضيات اي ان بعض القواعد لدى هذه العلوم تشبه قاعدة ان واحد زائد واحد يساوي اثنان، وان هذه القواعد والتقييم الصحيح لدى هذه المجتمعات يجعلهم يميزون ببساطة بين من هو كفوء ومن اقل كفاءة ومن هو الاكفأ في عمل او وظيفة او خدمة معينة. طبعاً الكلام هنا لا يخلو من بعض الاستثنائات ولكن عندما يكون الكلام علمياً فأن الاستثناء لايلغي او يؤثر على القاعدة، لذلك نستطيع القول ان في هذه المجتمعات هناك توجه عام في ان يشغل المناصب العليا في الدوائر والمؤسسات والشركات الناس الاكفأ في مجال عملهم، ثم تتسلسل الكفاءة نزولاً الى القاعدة، وان اي شخص موجود في القاعدة اذا اراد ان يرتقي في سلم الدرجة والمنصب فأمامه الخيار الواضح في ان تتحسن كفاءته وخدمته وهنا تكون النتيجة اشبه بالواحد زائد واحد يساوي اثنان. ليس صعباً ان نستنتج ان الامور التي تدار على هذه الشاكلة اياً كانت طبيعتها فأنها تسير بالاتجاه الصحيح في معظم الاحيان او على الاقل هي الاقرب الى الاتجاه الصحيح.

في المجتمعات الاخرى الاقل تحضراً يضيع ذلك التقييم وتكون الامور عشوائية وغير مدروسة فترى ان النجاح عندها والفشل يكون بمحض الصدفة وتذكرني هذه الجملة عندما يترقب الناس هنا في العراق ويراقبون على احر من الجمر مباراة مهمة يخوضها المنتخب الوطني لكرة القدم، وهنا تكون السيناريوهات كلها ممكنة فربما يكون الفوز الساحق حليفنا او ربما نخسر بنتيجة كارثية الامران واردان ربما بنفس النسبة اللهم الا اذا كان مستوى الفريق المقابل واضح تماماً كأن يكون ضعيف جداً او قوي جداً وهنا الحاكم على النتيجة يكون بمعرفة الفريق المقابل وليس بمعرفة مستوى الفريق العراقي.

ومثال اخر على ذلك عندما يضيع التقييم ان اي موظف في الدولة العراقية عندما يستدعيه المدير فجأة فهنا يكون الاحتمالان واردان بنفس النسبة تماماً فقد يكون السبب ان المدير يريد ان يعاقبه على امر معين وعلى سوء عمله وقلة كفاءته في ادارة الامور الموكلة اليه او الاحتمال الثاني أي ان المدير يريد أن يكافئه على عبقريته واداءه العالي وتفانيه في الوظيفة، الاحتمالان متساويان تماماً؟؟

والمثال الاسوأ من ذلك ان شخصاً في المجتمع ذا مركز اجتماعي او مالي او وظيفي وانت تعرفه حق المعرفة عندما تسمع خبراً جديداً عنه فالاحتمالان واردان بنفس الدرجة اما ان تسمع انه قد اتهم او قبض عليه بتهمة كبيرة عادة يكون فيها فساد مالي او اداري او الاحتمال الثاني وهو ان تسمع انه قد تمت ترقيته او انه قد ترشح للانتخابات، وقد حصل امامي هذا الامر ذات يوم عندما اكتمل الملف الذي سوف يفصل به مدير احدى الدوائر من منصبه ويستدعى الى النزاهة وربما يدخل السجن لبقية حياته، ولكن في نفس الوقت ظهرت نتيجة فوزه في الانتخابات النيابية بعد ان قاموا بجبر الكسور وغيرها من العمليات حتى اصبح فيما بعد عضواً في البرلمان العراقي؟

اقول ان المجتمعات التي يضيع فيها التقييم الصحيح او لا توجد عندها مقايسس للتقييم تجد ان نجاحها يكون معتمداً كلياً على محض الصدفة وباللغة العلمية ولغة الارقام فأن من المستحيل ان تنجح هذه المجتمعات وتتطور، هذا اذا فقدت مقاييس التقييم وكانت عشوائية، فما بالك اذا لم تفقد المقايسس بل انعكست تماماً، اي ان هناك توجه عام في الدولة والمجتمع وهو مكافئة المسيئين وترقيتهم وتبؤهم لاعلى المناصب ومن جهة اخرى معاقبة الاكفاء والمخلصين وانزالهم في الدرك الاسفل من المجتمع، فأذا كان الامر كذلك فما الذي يفترض بالمبتدئين في وظيفة معينة ان يفعلوه، هل يثابرون لتحسين مهاراتهم وتقديم خدماتهم ويحاولوا ان يصبحوا اكفاء في مجال عملهم، ام ماذا يفعلون؟ فهنا الواحد زائد واحد قد تساوي عشرة او ناقص خمسون أو مئة أو اي رقم يمكنك تصوره.

البصرة - العراق

5/3/2013


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ماجد عاشور
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/03/06


  أحدث مشاركات الكاتب :



كتابة تعليق لموضوع : لكل شواذ قاعدة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : سعد عاشور ، في 2013/03/07 .

لذلك يؤسفني القول بأن مصير العراق رهين الصدفة، وان الصدفة لن تغني من الحق شيئا...




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net