صفحة الكاتب : د . حامد العطية

وشهد المالكي على اعتدال السعودية
د . حامد العطية

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
  وصف رئيس الوزراء العراقي في حديث صحفي مع جريدة الشرق الأوسط مملكة آل سعود بالدولة المعتدلة وتمنى توطيد علاقات بلده معها.
 
    لمصطلح الإعتدال مفهومان في القاموس السياسي للمنطقة، أولهما مصطنع، محرف وغير موضوعي، بل هو صفة على غير موصوف، إذ توصف بـ (الإعتدال) كل دولة  تنتمي للمحور الأمريكي، وتلتزم تنفيذ مخططاته وسياساته، والسعودية بالتأكيد في موقع الصدارة على ما يسمى محور (الإعتدال) الأمريكي.  
 
    المفهوم اللغوي والحقيقي  للإعتدال هو عكس التطرف، وللإعتدال مظاهر عدة، في الفكر والسلوك، منها اعتماد التعقل والانفتاح الذهني والتواصل وعدم إثارة الفتن ونبذ العنف أو التحريض عليه والامتناع عن التدخل في شؤون الغير، فهل ينطبق هذا المفهوم على السعودية؟
 
    في عصرنا تعتبر النظم الديمقراطية معتدلة، ولو نسبياً، بفضل الحريات المتاحة والمشاركة الواسعة وتداول السلطة ورقابة الرأي العام، والسعودية نقيض الديمقراطية، فهي ملكية وراثية وغير دستورية، وملوكها حكام مطلقون، ولا تعترف بأي حقوق أو حريات سياسية لمواطنيها، فهي وفقاً لهذا المعيار أكثر النظم السياسية تخلفاً وتطرفاً.
 
     لو بحثنا في ماضي وحاضر السعودية فلن نجد ذرة واحدة من الاعتدال، لا في السياسة أو المجتمع أو الاقتصاد أو الدين، فهي الأكثر تطرفاً في انصياعها للغرب ومصالحه وسياساته، وفي اثارتها للصراعات والفتن بين دول المنطقة وفئاتها، وفي تدخلها السافر والوقح في شؤونها، وفي إفسادها لساستها بالمال والمنافع، وفي ازدرائها وتعاليها على شعوبها وقومياتها، وفي تبذيرها للأموال على الترف والملذات، وفي تشويهها صورة العربي والمسلم في العالم.
 
    مذهبهم هو الأكثر تطرفاً، بل هو التطرف بعينه، ولا يجاريه مذهب آخر في ذلك، هدفه اخضاع المسلمين، هو حاضر ومحرض في كل بؤرة عنف في دول المسلمين، من شمال نيجيريا مروراً بمالي والجزائر وتونس وليبيا ومصر وسورية والعراق وإيران وحتى أفغانستان والباكستان وما بعدهما، وهو الأكثر تقتيلاً وتنكيلاً وتشريداً لمخالفيه.
 
    من يقول بأن السعودية دولة معتدلة ينكر أن فتاوي علمائها اباحت دماء شيعة العراق لسكاكين الذبح، وينفي أن الألاف من الوهابيين الإرهابيين السعوديين وغيرهم قدموا للعراق تلبية لهذه الفتاوي، ويكذب مقتل الألاف من شيعة العراق على أيدي هؤلاء الإرهابيين، ويبرأ ساحة الوهابيين من تفجير مراقد ائمة الشيعة وحسينياتهم وبيوتهم، ويلغي أحكام الإعدام التي أصدرتها المحاكم الوهابية ونفذها سيافوها بحق العشرات من شيعة العراق بتهم ملفقة.
 
    لشهادة المالكي على (اعتدال) السعودية المزعوم هدفان، أولهما التذكير بأن الحكومة العراقية تتموضع ضمن محور الإعتدال الأمريكي لا محور المقاومة والممانعة، والثاني ارسال رسالة استنجاد إلى الحكومة السعودية، إذ يدرك جيداً بأن السعودية ممسكة بمعظم الخيوط التي تحرك مظاهرات الأنبار وغيرهم، وبأن النصائح أو التوجيهات السعودية هي الأعلى نبرة والأشد تأثيراً في تحريك الشارع السني وتكوين مطالبه، ولو شاءت السعودية لانفضت المظاهرات، وعاد المتظاهرون إلى منازلهم.
 
   من المحزن أن المالكي لم يتعض من محاولاته السابقة والفاشلة في استرضاء السعودية، فلا حنن قلوبهم تسليمه الإرهابيين السعوديين لحكومتهم، ولا هم قبلوا بزيارته للمملكة، ولا أرسلوا سفيراً لهم إلى بغداد، وما كفوا عن انتقاد حكومته واتهامه بالطائفية وتهميش السنة، ولا أصدروا الاوامر لأتباعهم في العراق بوقف العمليات الإرهابية.
 
    المؤكد هو أن رسالة المالكي قد وصلت للسعوديين وأتباعهم، لكنهم لا يكترثون بشهادته على اعتدالهم ولا يريدونه أصلاً ضمن محورهم (المعتدل) لكنهم فسروا الرسالة بأنها دليل خوف وقلق وضعف من أعلى مسؤول شيعي وأتباعه، وقد يكون لها التأثير المعاكس تماماً لما يريده المالكي.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . حامد العطية
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/02/15



كتابة تعليق لموضوع : وشهد المالكي على اعتدال السعودية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net