إستقالة الصليب.. وتوريث الهلال
معمر حبار
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
معمر حبار

من علامات التمكين في الأرض، أن يستقيل المرء طائعا، ويخرج من أوسع الأبواب، فيكون أقوى مما كان عليه من قبل، فيطيل في عمر أمته، ويزيد في قوتها، ويتعلم منه النشء، أن الكرسي لايعدو كونه وسيلة، يتبع الغاية، في سموّها وعلوّها.
ومن السنن الكونية التي لاتحابي أحدا فوق الأرض مهما كان، الاستحواذ على الكرسي، باسم دين أو دنيا، أو شخص من الأشخاص، أو مكان من الأمكنة، لأنها تقتل في الإنسان معنى الخليفة، وتُميتُ فيه حقيقة الانتداب.
فخلافة الله في الأرض للإنسان، وليست حكرا على إنسان بذاته، وهي لمن يخدم أهل الأرض، ويرفعهم للسّماء، ولو كان عبدا حبشيا، أو ابن جارية.
كانت العرب، ترث الزعامة الدينية والدنيوية وتورّثها، وتقاسموا فيما بينهم، أشكالها وأنواعها، إلى أن جاء سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدّم سيّدنا بلال الحبشي. فلا تقام صلاة إلا بسماع صوته، وهو يؤذن مدويا، وأخّر أبى سفيان، وحرم أبى لهب، وأبو جهل، وهم سادة قريش، والقابضين على قوافلها، والمتحكمين في زمام التجارة، والطرق المؤدية إليها، والأغنياء الأثرياء، الذي اشتروا ذمم رهبان النجاشي، بهداياهم وأموالهم، وكادوا يفعلون الشيء نفسه مع النجاشي، لولا لطف ربك ورحمته.
منذ 5 أيام، قال لضيفه، إن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، خاض الغزوات، وكُسّرت رباعيته، وأبرم العهود، وراسل ملوك الدنيا يومها، واتُّهم في دينه وعرضه، ليكون رحمة للعالمين، دون تمييز في اللون، أو المكان، أو الشخص، أو العائلة. ثم أضاف قائلا، إن سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعظم وأجلّ من أن يترك مصير أمته في أيدي أشخاص، يرثونها باسم، ووالد وما ولد.
في نفس اليوم الذي يستقيل فيه، البابا بنديكت السادس عشر، وهو أول بابا يقدم استقالته منذ 600 عام، يعلن فيه أنه لأول مرة في تاريخ مصر الحديث، ينتخب فيه مفتي الديار المصرية الجديد، شوقي إبراهيم عبد الكريم، خلفا للشيخ علي جمعة، من طرف هيئة كبار علماء الأزهر، بعدما تم ترشيح 9 من كبار العلماء للانتخابات، وبقيت المنافسة بين 3 منهم.
وفي هذا الصدد، يقول الشيخ عبد الفتاح الشيخ، عضو هيئة كبار العلماء "انتخاب المفتي يعني ان الأزهر عادت إليه أصالته ومكانته وأصبح اختيار المفتي من اختصاص شيوخه وليس رئيس الجمهورية"..
إن الأمم، تُميّز من خلال طريقة الدخول، وكيفية الخروج، ومدة البقاء. وكلما كان فصل الخطاب، لصندوق العباد، آمنت الفساد المطلق، وضمنت عدم غلّو الأفراد، وأرست قواعد صلبة في التسيير والمراقبة، وكانت الاستقالة وسيلة من وسائل التحضر.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat